المغرب يطلق مشاريع بنى تحتية بقيمة 5 مليارات دولار في منطقة طنجة

يهيئ «المنطقة الصناعية الكبرى طنجة المتوسط» على مساحة 5 آلاف هكتار لجذب الاستثمارات الأجنبية

وزير المالية صلاح الدين مزوار ووزير التجهيز كريم غلاب ووزير الصناعة والتجارة أحمد الشامي ورئيس الوكالة الخاصة لتنمية طنجة المتوسط سعيد الهادي، خلال تقديم مشروع المنطقة الصناعية الكبرى للصحافيين («الشرق الأوسط»)
TT

أعلن المغرب عن مخطط تنموي جديد في منطقة طنجة، يستهدف إحداث 300 ألف فرصة شغل جديدة في المجالات الصناعية والخدماتية بارتباط مع توسعة ميناء طنجة المتوسطي، والمناطق الصناعية المحيطة به.

ويتضمن المخطط الجديد، الذي قدمته الحكومة المغربية أول من أمس في طنجة، إنشاء مناطق نشاط صناعي وخدماتي على مساحة 5 آلاف هكتار حول ميناء طنجة المتوسطي، وتعزيز الميزة التنافسية لهذه المناطق عبر استثمار 42.1 مليار درهم (5 مليارات دولار) خلال الخمس سنوات المقبلة في البنى التحتية واللوجستيكية، من أجل الرفع من مستوى جاذبية المنطقة وملاءمتها للاستثمارات الدولية في الصناعات والخدمات الموجهة للتصدير. وأوضح وزير النقل والتجهيز المغربي، كريم غلاب، أن هذه الاستثمارات تتوزع بين توسعة ميناء طنجة المتوسطي، عبر بناء أرصفة جديدة للحاويات (الصناديق الحديدية) بتكلفة 21 مليار درهم (2.5 مليار دولار)، وربط المناطق الصناعية والخدماتية المحيطة بالميناء بمختلف شبكات النقل الدولية والمحلية بتكلفة 21.1 مليار درهم (2.51 مليار دولار). وأشار غلاب إلى أن هذه الاستثمارات الجديدة ستنضاف إلى الاستثمارات التي عرفتها المنطقة في مجال البنى التحتية خلال الخمسة أعوام الماضية والتي بلغت 22.3 مليار درهم (2.6 مليار دولار).

وأوضح غلاب أن الاستثمارات الجديدة تأتي في سياق النجاح الذي عرفه مشروع ميناء طنجة المتوسطي، والذي تمكن بعد سنة واحدة على تشغيله من نسج شبكة مهمة من الخطوط البحرية المنتظمة التي تربط الميناء بما لا يقل عن 50 من الموانئ العالمية، وهو النجاح الذي حدا بالحكومة المغربية إلى اتخاذ قرار توسعة الميناء وزيادة قدرته الاستيعابية لتصل إلى 8 ملايين صندوق حديدي في السنة مع الدخول المرتقب للأرصفة الجديدة حيز التشغيل في أفق 2015.

من جهته أوضح أحمد رضا الشامي وزير التجارة والصناعة، أن كل مكونات الحكومة المغربية منخرطة في هذا المخطط، وأن مناطق النشاط الجديدة التي سيتم إنجازها ستكون عبارة عن مناطق مندمجة، إذ أن كل وزارة في الحكومة المغربية ملتزمة بإنجاز أشطر المشروع التي تدخل ضمن اختصاصاتها بتنسيق مع باقي الهيئات الحكومية، وفي إطار مخطط متناغم ومتكامل.

وأضاف الشامي أن إطلاق مشروع «المنطقة الصناعية الكبرى طنجة المتوسط» على مساحة 5 آلاف هكتار حول ميناء طنجة المتوسطي يرتكز على النجاح الذي عرفته منطقة طنجة الصناعية الحرة، والتي تمكنت حتى الآن من استقطاب 400 شركة، وتوفير مئات الآلاف من فرص التشغيل. وقال الشامي، إن المغرب يراهن على الامتياز اللوجستيكي الذي تتوفر عليه المنطقة، من خلال ميناء طنجة المتوسطي الضخم، والارتباط بشبكات النقل متعددة الأنماط داخليا وخارجيا، من أجل استقطاب الاستثمارات الدولية للمنطقة، خاصة في قطاعات صناعات السيارات والطائرات والنسيج والألبسة والخدمات المرحلة (أوفشوررينج).

وبخصوص صناعة السيارات أكد الشامي، أن مجموعة «رونو ـ نيسان» لصناعة السيارات ما زالت متمسكة بإنجاز مشروعها الضخم في منطقة طنجة. وقال الشامي «إن المشروع قد يعرف تأخيرا لبضعة شهور بسبب الظرفية العالمية، لكنه في طريقه الى الإنجاز». وأوضح الشامي أن مشروع صناعة السيارات في منطقة طنجة يعتبر خيارا استراتيجيا بالنسبة لمجموعة «رونو نيسان» باعتباره المشروع الوحيد الذي أطلقته المجموعة لصناعة السيارات منخفضة التكلفة خارج رومانيا، التي عرفت فيها بعض المشاكل خلال السنة الماضية بسبب إضرابات العمال.

وأضاف الشامي أن المشروع يتمتع بالعديد من الامتيازات، خاصة القرب من ميناء طنجة وتوفر شبكات النقل. ويهدف المشروع، الذي يقع على مساحة 300 هكتار، وتقدر كلفته الاستثمارية بنحو مليار يورو، إلى انتاج 400 ألف سيارة سنويا موجهة لنسبة 85 في المائة نحو التصدير. ويراهن المغرب على مشروع «رونو ـ نيسان» في طنجة لاستقطاب استثمارات ضخمة في المجالات الصناعية المرتبطة بصناعة السيارات. وأوضح الشامي أن استطلاعا حديثا أجرته مجموعة «رونو ـ نيسان» كشف عن أن أغلب المجهزين والممونين الذين يتعاملون مع المجموعة، مستعدون لاقتفاء أثرها والقدوم إلى منطقة طنجة والاستثمار فيها على مقربة من مصانعها الجديدة.

وأكد صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية، أن المغرب عازم على المضي قدما في تنفيذ مخططاته التنموية المرتكزة على توفير الشروط لاستقطاب الاستثمارات الدولية في المجالات الصناعية والخدماتية التي قرر المغرب إعطاءها طابع الأولوية، بسبب توفره فيها على ميزات تنافسية ومؤهلات أكيدة، وذلك رغم الظرفية الاقتصادية العالمية الصعبة. وقال مزوار، الذي كان يتحدث خلال مؤتمر صحافي نظمه الوزراء الثلاثة أول أمس في الدار البيضاء، عقب التوقيع على الاتفاقيات المتعلقة بتطوير منطقة طنجة المتوسط أمام الملك محمد السادس في طنجة، «نحن عازمون على الاستثمار بقوة وكثافة في مجال البنى الأساسية، وتوفير أفضل البنى والتجهيزات لاستيعاب الاستثمارات. ونتطلع من الآن لنكون في الموعد عندما تنفرج الأزمة، وأن نستفيد من إعادة توزيع الأوراق الجارية حاليا على المستوى العالمي».

ودعا مزوار، الشركات المغربية إلى عدم الركون إلى الانتظارية ومضاعفة جهودها من أجل التكيف مع الظرفية العالمية. وقال «على شركاتنا ورجال أعمالنا أن يكونوا يقظين ومتحفزين، من أجل الاستفادة من كل الفرص والتكيف مع التحولات الجارية. ونحن في الحكومة سنعمل على توفير أكبر قدر ممكن من وضوح الرؤيا، ومن العمق الاستراتيجي الضروري لجذب وتحفيز الاستثمارات».

وتم أول من أمس بحضور العاهل المغربي، بيع 3 آلاف هكتار من أراضي الدولة لفائدة الوكالة الخاصة لتنمية طنجة المتوسط، والتي ستشرف على تجهيزها وإدماجها ضمن مخططها لتطوير مناطق نشاط صناعي وخدماتي موجهة للتصدير حول ميناء طنجة المتوسطي. وقال سعيد الهادي، رئيس الوكالة الخاصة لتنمية طنجة المتوسط، إن مشروع المنطقة الصناعية الكبرى كان محددا في البداية على مساحة 1200 هكتار، غير أن الاهتمام الكبير للمستثمرين والطلب القوي على المنطقة، إضافة إلى الآفاق التي يفتحها التطور المرتقب لميناء طنجة المتوسطي، حفزت المغرب على إعادة النظر في مستوى طموحاته، وقرر توسيع المنطقة إلى 5 آلاف هكتار. وأوضح الهادي أن الوكالة تمكنت حتى الآن من تحرير 1.1 ألف هكتار من الأراضي جلها في إطار التراضي مع المالكين، بالإضافة إلى اقتناء 3 آلاف هكتار من أراضي الدولة، ويجري التفاوض مع المالكين من أجل اقتناء ألف هكتار إضافية. وكشف الهادي عن أن الأسعار التي اشترت بها الوكالة 3 آلاف هكتار من أراضي الدولة من الحكومة، تراوحت بين 250 ألف درهم (30 ألف دولار) للهكتار ومليون درهم (120 ألف دولار) للهكتار حسب الموقع. وأشار إلى أن هذه الأراضي تتوزع على منطقتين تقعان في نطاق 85 كيلومترا حول ميناء طنجة المتوسطي.