نصف أب فلسطيني يلتحم بنصف طفله جراء قذيفة إسرائيلية

فلسطينيون يتحدثون عن عمليات استهداف الجنود الإسرائيليين للمدنيين

TT

منذ 4 أيام لم يغادر عطا عزام، 40 عاما، منزله الكائن في التخوم الشرقية لقرية جحر الديك الواقعة على الحدود الشرقية المتاخمة لاسرائيل بين مخيم البريج للاجئين، ومدينة غزة.

كان يدرك الخطورة التي ينطوي عليها وجود منزله في هذه المنطقة الإشكالية جداً، قبالة الخط الذي يفصل قطاع غزة عن إسرائيل. فهو يشاهد بأم عينيه تحركات الجيش الإسرائيلي، لكنه اطمأن بعد أن سمع أن الحكومة الإسرائيلية قررت وقف عمليات القصف وإطلاق النار لمدة ثلاث ساعات (من الساعة الواحدة بعد الظهر وحتى الساعة الرابعة بعد العصر) لتمكين الناس من شراء الحاجيات الضرورية، فقرر أن يخرج من بيته لمحاولة شراء بعض المواد الأساسية التي تنقص عائلته. وبالفعل توجه عطا الى أحد محلات البقالة عند التخوم الشمالية لمخيم البريج واشترى بعض الحاجيات، وفي الطريق عرج على بعض جيرانه وتبادل معهم أطراف الحديث، وقبل أن تنتهي الفترة التي حددها الجيش، وفي تمام الساعة الرابعة إلا ربعاً، ترك عطا جيرانه وقفل عائداً الى بيته. وبالقرب من البيت وجد نجليه فريد، 15 عاماً وحسن، عاما واحدا، قرب المنزل، فاحتضن حسن واتجه به الى البيت، ولسبب ما التفت عطا قبل وصوله للباب ناحية الشرق، فإذا بدبابة اسرائيلية تتمركز على الخط الفاصل بين اسرائيل والقطاع تطلق قذيفة صوبه، فتخترق بطنه وهو يحتضن حسن، فيقتلان ويقتل معهما فريد الذي أصيب في قلبه بشظايا القذيفة. واكد أحد الممرضين في مستشفى «شهداء الأقصى» الذي استقبل الجثث الثلاثة، لـ «الشرق الاوسط» أن الشقين العلويين لجثتي الابن وحسن كانا ملتحمين لدى وصولهما المستشفى. من جهة أخرى، فإن ما حدث للطفلة شهد حجي، 4 سنوات، هو أحد الأمثلة الاكثر قسوة لعمليات استهداف المدانيين. فقد قررت فاطمة حجي التي تقطن مدينة الزهراء، 7 كيلومترات جنوب مدينة غزة، ترك منزلها واللجوء الى بيت أبيها في مدينة خان يونس. وخرجت من البيت ومعها شهد وأحمد،7 سنوات، معتقدة أن بإمكانها العثور على سيارة أجرة على الخط الساحلي الواصل بين مدينة غزة وجنوب القطاع. فأخذت طريقها غرباً صوب هذا الخط، لكنها ولمفاجأتها وجدت ثلة من الجنود الإسرائيليين يقفون عن مفترق الطرق. خشيت فاطمة أن تعود فتثير شكوك الجنود، وقررت مواصلة طريقها صوب المفترق، وبالفعل وصلت الى هناك، فبادرها الجنود بالسؤال إلى أين تتجه، فأخبرتهم أنها تنوي التوجه جنوباً لزيارة أهلها، وسمحوا لها بذلك. وقالت فاطمة «أمسكت بيد شهد وأحمد أمامي واتجهت جنوباً، وأنا أعتقد أن الأمور قد انتهت عند هذا الحد، لكن لم يكد تمض بضع دقائق، حتى فتح الجنود النار بشكل مباشر علي وعلى بنتي وولدي، فأصبنا جميعاً». وظلت فاطمة وأولادها ينزفون، الى ان غادر الجنود وقام أحد الفلاحين الذين يقطنون في آخر كرم العنب الذي يشرف على المكان، استدعاء سيارة اسعاف نقلتهم الى مستشفى «هداء الاقصى». كانت اصابة فاطمة بين خطرة ومتوسطة واحمد متوسطة، أما شهد فكانت بالغة، حاول الأطباء انقاذ حياة شهد التي اصيبت في القلب، واستمرت المحاولات أربع ساعات، لكن بعد ذلك لفظت آخر انفاسها. ما حدث للدكتور عبد الغني أبو مدين وعائلته عمل مروع بشكل خاص. أخصائي الاذن والحنجرة الشهير في قطاع غزة كان يقف ليلة الاحد الماضي هو وزوجته وشقيقه سامي وزوجة اخيه في شرفة الفيلا التي يملكها على شاطئ البحر للغرب من مدينة الزهراء، لاحظ الطبيب حركة طائرات «أباشي» في السماء، لكنه تعود على ذلك، فلم يلق لذلك بالاً، وظل يتبادل اطراف الحديث مع اخيه وشقيقه، وبينما هم كذلك، فإذا بإحدى طائرات «الاباتشي» تطلق صاروخاً من طراز«هايل فاير» الحارق، فيقتل على الفور سامي، ويصاب عبد الغني بجراح بالغة، في ما اصيبت زوجته بجراح متوسطة. إصابة الطبيب الشهير بالغة، وتم نقله الى احدى مستشفيات ليبيا في محاولة لانقاذ حياته.