«رسالة صاروخية» من لبنان ترد عليها إسرائيل «موضعيا».. وحزب الله يبلغ حكومة السنيورة أنه غير مسؤول عنها

جنبلاط لـ«الشرق الاوسط»: قوى إقليمية متضايقة.. والسلاح «المسمى فلسطينيا» خطر

TT

عاش اللبنانيون أمس ساعات من التوتر الشديد في أعقاب «الرسالة الصاروخية» التي دفعت الى الاذهان سيناريوهات تجدد الحرب بين اسرائيل و»حزب الله» وسط مخاوف من فتح الجبهة اللبنانية مع اسرائيل التي اكتفت أمس برد «موضعي» مبدية عدم رغبتها بفتح هذا الملف حاليا. فيما صدرت ردود لبنانية حيال ما جرى خصوصا من قبل قوى الاكثرية التي تخوفت من محاولات لجر لبنان الى حرب «لم يقررها ولا يريدها» كما قال رئيس الحكومة فؤاد السنيورة. فيما قال رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط لـ«الشرق الاوسط» أن «بعض المحاور العربية متضايقة من دور لقوى اقليمية، لذلك تحاول الدخول على الخط على حساب الاستقرار اللبناني وأمن الجنوب اللبناني». ودعا الى معالجة السلاح «المسمى فلسطينياً» معتبرا أنه «يشكل خطرا على أمن لبنان».

وقال جنبلاط: «وحدها العودة الى المبادرة العربية والتأكيد على هذه المبادرة ينقذ الوضع ويخرج غزة وغيرها من دوامة العنف والدمار والمزايدات لبعض الاطراف. أما في الواقع على الارض فانه اذا كانت اسرائيل تظن أنه باستمرار الغارات والتدمير والتهجير تستطيع أن تلغي واقع غزة والقوى السياسية فيها، فهذا امر مستحيل». وتابع: «كلما زادت اسرائيل في امعانها في مشروعها العسكري المستحيل، وصلت الى افق مسدود». وكرر أن «المبادرة العربية وحدها التي حظيت بموافقة الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي وإيران عضو فيها وعلى اساس الارض مقابل السلام وازالة المستوطنات والاعتراف بحق العودة وقضية القدس، هي وحدها ما يمكن ان يعطي الشرق الاوسط أملاً في الاستقرار. وهذا كان هدف الحوار الفلسطيني الذي دعا اليه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز والرئيس المصري حسني مبارك والذي عطلته قوى اقليمية عربية وغير عربية». ورأى أن «بعض المحاور العربية متضايقة من دور لقوى اقليمية، لذلك تحاول الدخول على الخط على حساب الاستقرار اللبناني وأمن الجنوب اللبناني».

واعتبر أن اطلاق الصواريخ «يؤكد مجددا أهمية تطبيق مبادئ الحوار الوطني اللبناني التي تم الاتفاق عليها» مشيرا الى وجود نقطة لم تعالج منها ومشددا على ضرورة معالجة «السلاح المسمى فلسطينياً» خاصة خارج المخيمات والذي «يشكل خطرا على أمن لبنان وأمن الجنوب والاستقرار».

ووصفت مصادر لبنانية اطلاق الصواريخ بانه «رسالة اقليمية» مفادها ان عدم توقف الحرب على غزة سيقابل بفتح هذه الجبهة، مشيرة لـ«الشرق الاوسط» الى «وجود مؤشرات عدة الى هذا الامر، بالتظاهرة العملاقة التي نفذت (من قبل «حزب الله») قبل انطلاق الحرب الاسرائيلية تضامنا مع غزة، ثم اكتشاف الصواريخ التي لم تنطلق قبل اندلاع الحرب البرية والان الصواريخ التي انطلقت قبل المرحلة الثالثة من العدوان على غزة».

وكان «مجهولون» أطلقوا صباح أمس دفعة من صواريخ الكاتيوشا القصيرة المدى نحو مستوطنتي شلومي ونهاريا المحاذيتين للحدود اللبنانية. وقد ردت القوات الاسرائيلية باطلاق 3 قذائف مدفعية استهدفت محيط موقع اطلاق الصواريخ من دون ان تسجل اصابات. وفور وقوع الحادث اتخذ الجيش اللبناني والقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان اجراءات أمنية مشددة. ونشر الجيش حواجز في عدد من المناطق الجنوبية دققت في هويات المارة وفتشت السيارات. وفيما امتنعت قيادات «حزب الله» عن التعليق على الحادث بشكل كامل، أبلغ المساعد السياسي للأمين العام للحزب حسين خليل رئيس الحكومة فؤاد السنيورة أن الحزب غير مسؤول عن اطلاق الصواريخ وانه (السنيورة) «لم يسمع منه ما يناقض الاجماع اللبناني في موضوع القرار 1701» كما أكد لـ«الشرق الاوسط» مستشاره الاعلامي عارف العبد الذي شدد في تصريح ادلى به ان السلطات اللبنانية «لن تسمح بالاخلال بالامن وخرق القرار الدولي الرقم 1701. وهي تعمل على التحقيق بالحادثة». واشار الى ان السنيورة وخلال اتصالاته مع القادة في لبنان ومن بينهم مساعد الامين العام لـ«حزب الله» حسين خليل لم يسمع اي رأي لبناني يريد خرق القرار الدولي.

وترددت معلومات عن مسؤولية «الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة» عن اطلاق الصواريخ، خصوصا أن قيادييها لم «ينفوا ولم يؤكدوا» مسؤوليتها، متعمدين اضفاء نوع من الغموض ازاء الموضوع، خصوصا من قبل مسؤولها الاعلامي أنور رجا الذي تحدث الى أكثر من وسيلة اعلامية لبنانية عبر الهاتف من دمشق وأكد ان الجبهة ستقوم بكل ما يلزم من اجل نصرة الشعب الفلسطيني، معتبرا ـ ردا على أكثر من سؤال مباشر عن مسؤولية الجبهة ـ أن «السؤال الذي يجب طرحه هو سبب السكوت عن الهمجية الاسرائيلية». لكن مسؤول الجبهة في لبنان أبو عماد رامز عاد فأعلن أن لا علاقة للجبهة بإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان، لافتاً إلى أن «التدقيق الميداني الذي أجرته الجبهة أثبت ذلك». ورحب بكل أعمال المقاومة ضدّ الكيان الاسرائيلي وبكل خطوة من شأنها أن ترفع الظلم عن الشعب الفلسطيني». وقد اجتمع رئيس الجمهورية، العماد ميشال سليمان، بقائد الجيش العماد جان قهوجي الذي وضعه في صورة التدابية المتخذة في الجنوب لابقاء الوضع في دائرة الضبط ومنع استدراج الساحة الجنوبية الى التوتير مجدداً. وشدد سليمان على «وجوب احترام سيادة الدولة اللبنانية والتزامها القرار 1701 القاضي بعدم القيام بأعمال قنالية أو انشطة عسكرية».

من جهته، بادر الرئيس السنيورة فور تبلغه خبر اطلاق الصواريخ الى اجراء اتصالات مع كل من الرئيس سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الدفاع الياس المر وقائد الجيش العماد جان قهوجي، كما اتصل بقائد القوات الدولية العاملة في الجنوب الجنرال كلاوديو غراتسيانو للوقوف على التفاصيل والملابسات كافة المتعلقة بهذا الحادث. وشدد السنيورة على ان «ما جرى في الجنوب يعتبر خرقاً للقرار الدولي 1701. وهو ما لا يقبل به ويرفضه لبنان». وذكر انه طلب من السلطات اللبنانية المختصة «بالتعاون مع القوات الدولية ان تجري تحقيقاً في الحادث وأن تشدد بالتعاون مع القوات الدولية من اجراءاتها لمنع تكرار هذه الاعمال». وأكد ان «لبنان ثابت في التزامه وتمسكه بمندرجات القرار الدولي وهو يعتبر ان حادث اطلاق الصواريخ المرفوض».

وأكد على ان «حزب الله مشارك في الإجماع اللبناني. وهو مشارك في الحكومة وفي الموقف الذي أكدته الحكومة لجهة الحرص على الاستقرار في لبنان وعلى احترام القرارات الدولية وتطبيقها» موضحاً ان «المنطقة الجنوبية هي بعهدة القوات الدولية والجيش اللبناني. من جهته، أكد الوزير فنيش (حزب الله) «ان الحزب عندما يقوم بعمل ما فهو يعلن عنه ولا مشكلة لديه في ذلك» لافتاً الى «ان ما جرى اليوم (امس) في جنوب لبنان هو عدوان اسرائيلي». وقال: «ان اسرائيل لا تنفك تعتدي على عدد من الدول العربية. وما شهدناه اليوم قد يكون جزءاً من هذه الاعتداءات».

وكان رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، قد أعرب عن تخوفه من الوضع في الجنوب ودعا الدولة إلى ان «تتخذ تدابير حاسمة على الارض، لان الفعل بذاته تعد صارخ على أمن الدولة اللبنانية وسيادتها، بغض النظر عن صوابيته أو عدم صوابيته».