مصدر لبناني لـ«الشرق الاوسط»: حزب الله لا يريد حربا الآن.. وإذا وقعت سيكون البقاع ساحتها

الحزب نقل كوادره اللوجستية والأمنية إلى البقاع واستدعى كفاءاته من الخارج

TT

في ظل رفض أي جهة تحملها مسؤولية اطلاق الصواريخ من جنوب لبنان الى شمالي اسرائيل، كثرت التساؤلات حول إمكانية إعادة فتح جبهة جديدة من جنوب لبنان، بعد نحو عامين ونصف العام على انتهاء الحرب الاخيرة بين حزب الله واسرائيل. فهل تكون الصواريخ التي أطلقت أمس من الجنوب، الشرارة الاولى للإيذان ببدء معركة جديدة ؟ واذا كان الامر كذلك، كيف سينفذ حزب الله هذه الحرب وسط انتشار 13 ألف جندي من القوات الدولية و15 ألف جندي من الجيش اللبناني؟ حزب الله، الذي نفى مسؤوليته عن الحادث، رفض التعليق أمس على خبر اطلاق الصواريخ بأكثر من ذلك. وقال النائب حسن فضل الله من حزب الله في اتصال هاتفي مع «الشرق الاوسط» إن مسؤولي الحزب لن يعلقوا على هذا الامر في الوقت الحالي. واكتفى الحزب بنقل نفيه لمسؤوليته عن الحادث الى وزير الاعلام اللبناني طارق متري الذي قال إن الحزب أبلغه عدم ضلوعه بالحادث. اما اسرائيل، وان لم تكن قد حمّلت حزب الله مباشرة مسؤولية الاعتداء، فقد قالت ان الحزب على علم بمطلق الصواريخ. واستنادا الى التقارير المنتظمة التي يرفعها الامين العام للامم المتحدة، بان كي مون، الى مجلس الامن حول تنفيذ القرار 1701 الذي أنهى الحرب بين حزب الله واسرائيل، وفرض انهاء المظاهر العسكرية غير الرسمية من جنوب الليطاني، وجولات ميدانية وتقارير صحافية، يتبين ان حزب الله لا يزال موجودا في الجنوب على الرغم من انتشار الجيش اللبناني واليوينفيل. ويقول مصدر مطلع لـ«الشرق الاوسط» إن حزب الله، وعلى الرغم من عدم ظهوره علانية وبشكل فاضح، إلا انه العنصر الاقوى في الجنوب اليوم. وبالعودة الى اعلان حزب الله استنفاره عقب بدء الحرب في غزة قبل نحو اسبوعين، ونظرا الى قدراته التنظيمية والامنية واللوجيستية العالية، يستبعد المصدر ان تكون الصواريخ قد أطلقت من الجنوب من دون علم حزب الله، ويرجح، ان لم يكن الحزب مطلقها، ان يكون هو المخطط لها، ونفذها عبر طرف ثان. ويرى المصدر ان اطلاق الصواريخ هدفه من جهة بعث رسالة للاسرائيليين ان هذه الجبهة قد تتفجر في أي وقت، ومن جهة أخرى لجس النبض في الداخل اللبناني، ورصد ردود الفعل لرؤية مدى تقبل الشارع لحرب أخرى.

وقد جاء حادث اطلاق الصواريخ امس، بعد يومين من استنفار جدي لحزب الله. وقال المصدر المقرب من الحزب، أن الحزب عمل خلال اليومين الاخيرين على تبديل كل مواقعه ومراكزه القيادية، ونقل كوادره اللوجيستية والامنية من الضاحية الجنوبية لبيروت الى البقاع والجنوب، كما أنه استدعى كفاءاته الموجودة في الخارج من مهندسي اتصالات الى فنيين وتقنيين، للعودة الى لبنان. ولكن على الرغم من كل ذلك، فإن المغامرة بحرب جديدة من لبنان لا تزال مستبعدة. ويقول المصدر إن ما ظهر من خلال رد فعل الشارع الشيعي، أي أنصار حزب الله، بعد حادث إطلاق الصواريخ، لا يشجع حزب الله على التحضير لضربة جديدة خصوصا أن جراح الحرب الاخيرة لا تزال مفتوحة. فالضاحية الجنوبية التي دمرها الطيران الاسرائيلي لا تزال مدمرة، ولم يُرمّم أو يبنى إلا 20 بالمائة من المنازل المدمرة في الضاحية، أي ان هناك 80 بالمائة من الذين شردوا بعد الحرب ما يزالون لم يستردوا مساكنهم بعد حتى اليوم. لذلك فإن دخول حرب جديدة يعني المغامرة بجمهوره وبقاعدته الشعبية، والأهم بوضعية ايران في لبنان. ويضيف المصدر أن الحزب يمسك بالساحة السياسية اللبنانية، وهو لا يزال حتى اليوم قادرا على استثمار الحرب مع اسرائيل لصالحه واستعمالها كورقة رابحة. ويشير المصدر الى ان الحزب يعرف أن حربا جديدة مع اسرائيل ستكون هذه المرة مدمرة، والحرب في غزة ليست كافية لدفعه الى ذلك. ويقول المصدر إن حزب الله لن يدخل في حرب جديدة مع اسرائيل، الا اذا شعر ان نهايته تعتمد على هذه المعركة، أو اذا قررت ايران خوض الحرب في المنطقة. إلا ان قرار المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية الله علي خامنئي أمس، بحظر المتطوعين لمقاتلة اسرائيل من مغادرة البلاد، يقرأ على أنه رسالة تدعو الى التهدئة وتؤكد ان قرار الحرب المفتوحة لم يتخذ بعد. ولكن في حال اختار حزب الله خوض حرب جديدة مع اسرائيل، فان ساحة المعركة المقبلة لن تكون الجنوب حيث تنتشر القوات الدولية والجيش اللبناني. ويقول المصدر المطلع إن المعركة المقبلة ستنطلق من البقاع اللبناني حيث القواعد الجديدة للحزب والثقل العسكري. فبعد انتهاء حرب تموز بين حزب الله واسرائيل، وصدور القرار 1701 الذي حد من تحركات حزب الله في الجنوب، خصوصا في المنطقة الواقعة جنوبي نهر الليطاني، بدأ حزب الله بنقل ترسانته الى منطقة شمالي الليطاني ومنطقة البقاع والهرمل، حيث يمكنه التحرك بسهولة أكبر في مساحات واسعة وغير مأهولة. ووردت تقارير كثيرة عن شراء حزب الله اراضي في البقاع وتحويلها الى غيتوهات مغلقة ومربعات أمنية شبيهة بالمربعات الامنية في الضاحية الجنوبية في بيروت. وكذلك عن تمركزه في نقاط استراتيجية في اعالي الجبال، مثل بلدة سجد التي تقع في منطقة جبل الريحان، شمالي نهر الليطاني، وتطل على كامل الجنوب اللبناني وعلى الجليل الاعلى من فلسطين المحتلة، وعلى قسم من الجولان وعلى شاطئ البحر المتوسط. وموقع سجد الجغرافي بين نهري الزهراني والليطاني يمنحها اهمية استراتيجية ويجعلها نقطة وصل بين الجنوب والبقاع.