مجلس الأمن يتجه لقرار بشأن أوضاع غزة

دبلوماسيون عرب: الضغوط العربية ساهمت في تحقيق الإنجاز.. والقرار لا يستجيب لكل المطالب

TT

دخلت المفاوضات حول مشروع قرار ملزم يدعو إلى وقف فوري لكل الأعمال العسكرية في قطاع غزة، لحظاتها الأخيرة، بعد أن تخلت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، عن اعتراضاتها عليه، تحت ضغط عربي. ووافقت واشنطن، على تقديم مشروع قرار جديد بالاشتراك مع لندن وباريس، يلبي بعض المطالب العربية. وقال دبلوماسيون عرب في نيويورك إن الضغوط العربية ساهمت في تحقيق التنازلات الغربية، لكنها أشارت الى أن مشروع القرار الجديد لا يلبي كل المطالب.

وقال دبلوماسيون غربيون أمس، إن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، تجري اتصالات مكثفة مع الوفد العربي في مجلس الأمن للتوصل الى صيغة نهائية للقرار النهائي. وقال دبلوماسي غربي «ننظر في قرار يتضمن دعوة لوقف فوري لإطلاق النار والتحرك لوقف تهريب الأسلحة (الى مقاتلي حماس)، وفتح المعابر الحدودية». وأصرت الدول العربية على ضرورة ان يصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارا ملزما يجبر إسرائيل على إنهاء حملتها العسكرية في قطاع غزة على الفور. وتعارض إسرائيل فكرة أن يصدر مجلس الأمن أي شيء بشأن أزمة غزة سواء كان قرارا أو بيانا غير ملزم. كما يعارض الوفد الأميركي صدور قرار، لكن دبلوماسيين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم قالوا إنهم تخلوا عن اعتراضاتهم وإنهم مستعدون لتأييد نص يشمل وقفا «دائم» لإطلاق النار.

والمشروع الذي قدمته «ترويكا» مجلس الأمن الثلاثية يؤكد على الحاجة إلى الوقف الفوري والدائم لوقف إطلاق النار ويكون ملزما لجميع الأطراف. وفي الفقرة الثانية، يرحب مشروع القرار بالمبادرات الهادفة إلى إنشاء منافذ لتأمين وصول المساعدات الإنسانية وإلى إنشاء آليات أخرى لتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة بصورة دائمة. ويدعو في فقرة أخرى كل الدول الأعضاء إلى دعم الجهود الدولية لتخفيف المعاناة الإنسانية والوضع الاقتصادي في غزة من بينها المساهمات العاجلة لوكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين (الأونروا). ويدين المشروع الأميركي ـ البريطاني ـ الفرنسي كل أعمال العنف والإرهاب التي تستهدف المدنيين. ويتطلع المشروع في فقرته السادسة إلى وقف دائم لوقف إطلاق النار والذي يستدعي ترتيبات وضمانات من بينها وقف تهرب السلاح والمتفجرات وكذلك ضمان إعادة فتح المعابر على أساس اتفاق 2005 الذي اتفقت عليه السلطة الفلسطينية مع إسرائيل. ويرحب المشروع بالمبادرة المصرية وبالجهود الإقليمية والدولية الجارية لحل الأزمة. واجتمعت وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، مع نظرائها البريطاني ديفيد ميليباند، والفرنسي برنار كوشنير ومع دبلوماسيين عرب في الأمم المتحدة لبحث نص مشروع القرار. وقالت رايس للصحافيين أثناء استراحة خلال المحادثات «إننا نحقق بعض التقدم، لكن ما زال أمامنا عمل نقوم به» واعتبرت مصادر دبلوماسية أن ما أقدمت عليه الولايات المتحدة «خطوة مهمة استجابة للضغط العربي الذي أصر على التصويت على مشروع القرار العربي حتى ولو لجأت واشنطن إلى استخدام حق النقض» (الفيتو). ومن جانبها رأت اللجنة الوزارية التي تضم في عضويتها السعودية ومصر والإمارات والأردن ولبنان وفلسطين والمغرب وقطر وأمين عام الجامعة العربية أن مشروع القرار الذي قدمته الدول الثلاث الدائمة العضوية في مجلس الأمن خطوة مهمة غير أنه لا يستجيب بالكامل إلى المطالب العربية. ورأت اللجنة الوزارية أن المشروع لا يتضمن مطالبها التي تتمثل بأربع نقاط، وهي الوقف الفوري لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة ورفع الحصار عن سكان القطاع وأخيرا فتح المعابر ونشر مراقبين دوليين لمراقبة وقف إطلاق النار وتأمين الحماية للسكان المدنيين. ومن أجل ضمان الحصول على أكبر عدد من أصوات مجلس الأمن وافقت اللجنة الوزارية على إدخال تعديلات تقدمت بها المكسيك وكوستاريكا والنمسا تطالب بإدخال فقرة تطالب بوضوح الفصائل الفلسطينية، بما فيها حركة حماس، بوقف إطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية. وقد وافقت اللجنة الوزارية على إدراج هذه الفقرة في مشروع قرارها. ووافقت أيضا على إدخال فقرة تتعلق بتهريب الأسلحة والمتفجرات إلى قطاع غزة. ويخلو مشروع القرار الأميركي ـ البريطاني ـ الفرنسي من آلية واضحة لمراقبة وقف إطلاق النار، فهو لا يدعو إلى الوقف الفوري لإطلاق النار وإنما حرص على تأكيد الحاجة إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار. ودخلت اللجنة الوزارية مفاوضات مكثفة مع وزراء خارجية أميركا وبريطانيا وفرنسا وقدمت مقترحاتها لكي تدرج في مشروع قرار الدول الثلاث. وتضغط اللجنة الوزارية باتجاه التوجه إلى مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرارها إذا لم توافق الدول الثلاث على تعديلاتها. وقال الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى: «هدفنا هو الذهاب إلى مجلس الأمن ولا نستطيع الانتظار أكثر». ورحب وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، بكل الجهود التي ترمي إلى وقف فوري لإطلاق النار، وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قائلا «إن اجتماع اليوم يهدف إلى التحرك باتجاه عقد جلسة لمجلس الأمن للتصويت على مشروع القرار العربي». ووصف التعديلات التي قدمتها المكسيك وكوستاريكا بـ«التعديلات الشكلية». وأكد قائلا «ليست لدينا أية مشكلة لو استخدمت الولايات المتحدة الفيتو، ونصر على قرار يضمن وضع آلية دولية لمراقبة وقف إطلاق النار وتوفير الحماية للسكان المدنيين». ورحب بالجهود التي تبذلها مصر ووزراء الخارجية العرب الأعضاء في اللجنة الوزارية من أجل اتخاذ موقف موحد، ورفض المقترحات التي لا تخدم وضع نهاية لنزيف الدم في غزة.

ويبدو كما تفيد المصادر الدبلوماسية أن مفاوضات اللحظة الأخيرة والحاسمة ستقرر خطوة التوجه إلى مجلس الأمن للتصويت على القرار. وتحدث مسؤول مصري عن احتمالات صدور قرار من مجلس الأمن بشأن الوضع في غزة خلال الساعات القادمة، لكن مسؤولا آخر تحدث لـ«الشرق الأوسط» مشترطاً عدم تعريفه، قائلاً «إن مجلس الأمن سيصدر بياناً رئاسياً هزيلاً لن يعطي العرب شيئاً ذا بال»، وحرص المصدر على تأكيد أن كلامه «غير رسمي».