المغرب: «الاستقلال» سيصوت على التمديد للفاسي .. والخليفة يعتزم منافسته

ماء العينين: الإصلاحات التي ينطوي عليها شعار مؤتمر الحزب تكتسي طابعاً شمولياً

TT

صادقت اللجنة التحضيرية لحزب الاستقلال المغربي، متزعم الائتلاف الحكومي، الليلة قبل الماضية، على مشروع تعديل القانون الاساسي، الذي صاغته اللجنة القانونية، والرامي الى منح عباس الفاسي، الامين العام للحزب، حق الترشح لولاية ثالثة، الى حين انتهاء مهامه على رأس الحكومة، وذلك كحالة استثنائية.

وعلمت «الشرق الأوسط»، من مصادر متطابقة أن تعديل القانون الأساسي، لن يصبح ساري المفعول، إلا إذا وافقت عليه غالبية المؤتمرين البالغ عددهم 4500، الذين سيحضرون المؤتمر الخامس عشر للحزب، الذي ستنطلق اشغاله مساء اليوم، ما يعني أن اللجنة التحضيرية للمؤتمر لم تقرر التمديد للفاسي بصفة آلية، لذلك احتفظت بالصيغة القانونية السابقة التي تقول «إن الامين العام للحزب له حق الترشح لولاية واحدة قابلة للتجديد»، مضيفة «أنه في حالة استثنائية، يمكن إضافة ولاية ثالثة لنفس الامين العام، إذا كان يتولى منصب رئيس الوزراء، وذلك الى حين انتهاء مهامه على رأس الحكومة». وفي السياق نفسه، أكدت المصادر أن محمد الخليفة، عضو اللجنة التنفيذية للحزب، سيرشح نفسه لمنصب الأمين العام للحزب لمنافسة الفاسي، ليكسر القاعدة التي أجمع عليها الاستقلاليون، منذ نصف قرن، والرامية الى التصويت بالإجماع، وليس بغالبية الأصوات، على مرشح وحيد لتولي منصب الأمين العام للحزب، مبرزة أن الخليفة وبعض قياديي ومنتسبي الحزب، يعتقدون أن تولي منصب الأمين العام للحزب، لا علاقة له برئاسة الحكومة، لكون تدبير العمل الحزبي، يختلف كليا عن تدبير الفريق الحكومي، المشكل من عدد من الأحزاب الأخرى، على حد قول ذات المصادر. بيد أن المصادر ذاتها أفادت بأن الخليفة لن يخلق المفاجأة، كون مناصري الفاسي، ممثلون بشكل جيد، في المجلس الوطني، البالغ عدد أعضائه 800 عضو، المنتخبين أخيرا من قبل المؤتمرات الجهوية (المناطق)، والإقليمية، مشيرة الى أن غالبية الاعضاء ممثلون الأقاليم وفروع الحزب، البالغ عددها 1364 فرعا، في المجلس الوطني يساندون الفاسي، حيث أن القانون يمنح للمجلس الوطني حق انتخاب الامين العام، وكذا أعضاء اللجنة التنفيذية، فيما المؤتمر سينتخب أعضاء اللجنة المركزية، التي تعد إطارا لاشتغال كوادر الحزب.

وفي سياق متصل، قال شيبة ماء العينين، رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، إن الفاسي يحظى بتأييد غالبية منتسبي وقياديي ومندوبي الحزب في المؤتمر، بالنظر للعمل الذي وصفه بـ«الجبار» الذي قام به لفائدة الحزب، والمصلحة العليا للبلد، مضيفا أن أعضاء اللجنة التنفيذية، يؤيدون الفاسي كمرشح وحيد، مع أن القانون يسمح لأي منتسب الترشح لمنصب الأمين العام للحزب.

وكشف ماء العينين أن الإصلاحات التي ينطوي عليها شعار المؤتمر، «جميعا من اجل مغرب الإصلاحات»، تكتسي طابعا شموليا، وتتعلق بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وغيرها من الأوراش الكبرى المرتبطة بالقضاء والتعليم والسياحة وغيرها. وأشار إلى أن الورقة السياسية التي ستعرض على المؤتمر تتضمن بندا حول الإصلاح الدستوري، الذي قال عنه، إنه «ينبغي أن يهيأ على نار هادئة، وبتمعن واستشراف لآفاق المستقبل، وبتوافق مع العاهل المغربي الملك محمد السادس، وفي إطار توافق وطني، خاصة أن الدستور الأخير تم التصويت عليه بالإجماع».

وأعرب ماء العينين عن الأمل في أن يستجيب الدستور المقبل لطموحات وانتظارات المواطنين، ويحظى بدعم شعبي من مختلف الفعاليات السياسية في البلاد، تماشيا وانسجاما مع تحولات العهد الجديد، بعد انخراط المغرب في المنهجية الديمقراطية إثر انتخابات نزيهة لم يطعن فيها أحد»، على حد تعبيره.

وأعلن ماء العينين، الذي يتحدر من المناطق الصحراوية، أن المؤتمر، ونظرا لأهمية الظرف الحالي، حرص على أن تكون ضمن لجانه، لجنة خاصة بالوحدة الترابية، التي درست هذا الموضوع بتعمق، سواء في جذوره التاريخية أو في آفاقه المستقبلية، لتؤكد أن الحل يكمن في تطبيق مشروع الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب، ودعمه للمنتظم الدولي باعتباره الحل الأمثل لحل نزاع الصحراء، كونه يتجاوب مع التوجه الذي يسعى إليه المغاربة جميعا، وهو تكريس اللامركزية في جميع مناطق البلاد. الى ذلك، قالت المصادر إن الوثيقة السياسية تؤكد على ضرورة تطبيق توصيات هيئة الانصاف والمصالحة الحقوقية، وخاصة في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين جميع شرائح المجتمع، كما تدعو الى تعزيز الطبقة الوسطى، ومواصلة الاوراش الكبرى لمحاربة الفقر والهشاشة، والفساد بجميع انواعه.

وأضافت المصادر أن الاستقلاليين واعون جيدا، أن النقاش السائد حاليا بخصوص دور جديد للمؤسسة الملكية، لن يحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يتخبط فيها المجتمع المغربي، لأن ذلك، حسب ذات المصادر، يعد ترفا فكريا أمام ضعف الموارد الطبيعية للمغرب، من قبيل النفط.

وبشأن التحالفات السياسية، أوضحت المصادر أن المؤتمرات الاقليمية ناقشت الموضوع، وأكدت بالاجماع على اهمية العمل باستمرار في تجمع «الكتلة الديمقراطية» تضم بالاضافة الى الاستقلال، حزبي الاتحاد الاشتراكي، والتقدم والاشتراكية، مبرزين أن هذا الخيار يظل استراتيجيا، بالنظر الى الدور السياسي الحيوي الذي لعبته الكتلة الديمقراطية في الدفاع عن مبادئ حقوق الانسان، وترسيخ الديمقراطية، وانهاء حالة الاحتقان السياسي بين بعض الاحزاب والمؤسسة الملكية، مضيفين أن الاستقلاليين سيطالبون في مؤتمرهم العام بضرورة مراجعة ميثاق أحزاب الكتلة، ومرجعيتها لفسح المجال لأحزاب لها تقريبا نفس الرؤية المستقبلية، ليست بالضرورة منتمية الى أحزاب اليسار.

ويتوقع أن يحضر الجلسة الافتتاحية زعماء الطيف السياسي المغربي، ووفود يمثلون دولا افريقية، وآسيوية، وأوروبية، ومن اميركا اللاتينية، كما يحضر وفد يمثل السلطة الوطنية الفلسطينية، حيث سيلقي عبد الله الافرنجي، مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كلمة افتتاحية.