إسرائيل ترتكب مذبحة في حي الزيتون: جمعت 110 فلسطينيا في منزل وقصفته على رؤوسهم

الأمم المتحدة اعتبرت عدوان إسرائيل في غزة يصل إلى حد جرائم حرب.. وتدعو لفتح تحقيقات وتوثيقها

فلسطينيون يراقبون الدمار الذي حل بمنزل بحي الزيتون (أ. ب)
TT

قالت الامم المتحدة أمس ان الجيش الاسرائيلي قتل الاحد الماضي في عملية قصف، ثلاثين مدنيا من بين 110 فلسطينيين تم جمعهم في منزل بغزة. ودعت نافي بيلاي المفوضة السامية لحقوق الانسان الى اجراء تحقيقات «مستقلة وذات مصداقية» بشأن انتهاكات قانون حقوق الانسان الدولي والتي قد تصل الى حد جرائم حرب في الصراع الدائر في غزة.

وقال مكتب الامم المتحدة لتنسيق الانشطة الانسانية في بيان انه جمع افادات وشهادات شهود تشير الى ان جنودا اسرائيليين «قاموا في الرابع من يناير (كانون الثاني)، بجمع نحو 110 فلسطينيين في منزل واحد في حي الزيتون (نصفهم من الاطفال) وامروهم بالبقاء في الداخل». وتابع البيان «وبعد 24 ساعة على ذلك قصفت القوات الاسرائيلية عدة مرات المنزل ما ادى الى مقتل ثلاثين شخصا». واضاف «الذين نجوا وتمكنوا من السير مسافة كيلومترين وصلوا الى شارع صلاح الدين حيث نقلوا الى المستشفى في سيارات مدنية. وتوفي ثلاثة اطفال واصغرهم في شهره الخامس عند وصولهم» الى المستشفى. وقال البيان ان الحادث «هو من اخطر الحوادث منذ بدء العمليات» الاسرائيلية في قطاع غزة في 27 ديسمبر (كانون الاول) 2008. من جهته أعلن الجيش الاسرائيلي انه فتح تحقيقا في الحادث. وقالت ناطقة باسم الجيش انها لا تملك معلومات حول هذا الحادث. واوضحت افيتال لايبوفيتش «قمنا بإجراءات تحقق أولية لكننا لا نملك أي عناصر حول هذا الحادث. فتحنا تحقيقا لكنه ليس لدينا اي معلومات حاليا». وتلقت منظمة بيتسلم للدفاع عن حقوق الانسان شهادة تؤكد رواية الأمم المتحدة، لكنها لفتت الى انه من الصعب جدا فهم تسلسل الأحداث بشكل واضح وكامل بسبب صعوبة الاتصالات في غزة والمعارك التي تمنع من التنقل.

وقالت ميساء فوزي السموني ،19 سنة، من سكان حي الزيتون متحدثة لبيتسلم، ان الجنود اقتادوها مع ابنتها البالغة من العمر تسعة اشهر ونحو ثلاثين آخرين من افراد العائلة الى منزل احد اقربائهم. وروت «أمرنا الجنود (..) بمرافقتهم الى منزل وائل السموني البالغ من العمر اربعين عاما. منزله عبارة عن عنبر اسمنتي تقارب مساحته مائتي متر مربع (..) كنا اساسا ثلاثين ثم اصبح مجموعنا سبعين. مكثنا حتى اليوم التالي بدون ماء ولا طعام».

وفي صباح اليوم التالي قرابة الساعة السادسة (الرابعة تغ) أطلق الجيش الاسرائيلي النار على اشخاص حاولوا مغادرة المكان لجلب اقرباء اخرين. وبعد لحظات سقطت قذيفة على المنزل. وتابعت «حين سقطت القذيفة ارتميت أرضا على ابنتي. انتشر الدخان والغبار وسمعت صراخا وبكاء. وحين تبدد الدخان بعض الشيء نظرت من حولي وشاهدت عشرين الى ثلاثين شخصا قتلى ونحو عشرين جريحا».

وكانت اصابة ميساء طفيفة لكنها قالت انها فقدت زوجها ووالديه وسبعة من أقربائها المباشرين. اما ابنتها البالغة من العمر تسعة اشهر ففقدت ثلاثة من أصابعها. واتهمت اللجنة الدولية للصليب الاحمر امس الجيش الاسرائيلي بمنع مسعفيها من الوصول الى حي الزيتون. وقالت ان الجيش الاسرائيلي لم يسمح لسيارات الاسعاف الا يوم الاربعاء اي بعد خمسة ايام على بدء المعارك البرية، بالوصول الى عدة منازل في حي الزيتون كان فيها جرحى وقتلى. وذكرت ان فرقها أسعفت 18 جريحا في حي الزيتون وانتشلت 12 جثة في احد المنازل، بدون ان توضح ما اذا كان هذا المنزل الذي قصفه الجيش. واعتبر الصليب الاحمر الدولي ان «التأخير في منح الاذن بوصول فرق الانقاذ غير مقبول» ووصف الحادث بانه «مثير للصدمة».

وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الاحمر امس انها حدت مؤقتا من عملياتها في مدينة غزة بعدما تعرضت احدى آلياتها لاطلاق نار. وقالت المتحدثة باسم الصليب الاحمر في القدس آن-صوفي بونفلد «اصيبت احدى شاحناتنا باطلاق نار فيما كانت تتقدم قافلة من 13 سيارة اسعاف كانت تنقل مساعدات طبية الى جنوب قطاع غزة».

من جهتها دعت نافي بيلاي المفوضة السامية لحقوق الانسان امس الى اجراء تحقيقات «مستقلة وذات مصداقية» بشأن انتهاكات قانون حقوق الانسان الدولي والتي قد تصل الى حد جرائم حرب في الصراع الدائر في غزة.

وقالت بيلاي أكبر مسؤولة عن حقوق الانسان في الأمم المتحدة كذلك انه يتعين نشر مراقبين لحقوق الانسان تابعين للمنظمة في اسرائيل وغزة والضفة الغربية لتوثيق الانتهاكات ومرتكبيها. وتابعت «يجب وضع نهاية للحلقة المفرغة من الانتهاكات والعقوبات».

وكانت بيلاي تلقي بكلمة أمام جلسة خاصة لمجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة بعد يوم واحد من تبني مجلس الامن لقرار يدعو الى وقف فوري لإطلاق النار في الصراع الدائر منذ 14 يوما وانسحاب القوات الاسرائيلية من غزة. وقالت بيلاي «يتعين ضمان المحاسبة على انتهاكات القانون الدولي. وكخطوة أولى يتعين اجراء تحقيقات مستقلة ذات مصداقية وتتسم بالشفافية لتحديد الانتهاكات والمسؤولين عنها». وتابعت بيلاي وهي قاضية سابقة في المحكمة الجنائية الدولية وهي من جنوب افريقيا «انتهاكات القانون الدولي قد تصل الى مستوى جرائم حرب يمكن ان تطبق عليها بنود المسؤولية الجنائية الفردية».

الى ذلك، ناشدت جوزيت شيران المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة الدول وخاصة حكومات دول المنطقة ضرورة سرعة تقديم المساعدات لإنجاز مهمة البرنامج في توصيل المساعدات الغذائية إلى الفلسطينيين، ووجهت نداء بضرورة توفير الحماية لعمال الإغاثة حتى يتمكنوا من القيام بعملهم الإنساني وخلق جو يمكنهم من دخول المساعدات داخل الأراضي الفلسطينية، مشيرة إلى أن البرنامج يسعى الآن نحو مساعدة المخابز بغزة للعمل على تأمين الخبز الكافي خاصة بعد التناقص الشديد والواضح في أعداد المخابز داخل القطاع.

وقالت في تصريحات للصحافيين أثناء وجودها عند معبر رفح الحدودي من الجانب المصري مع قطاع غزة أمس، إن البرنامج في حاجة إلى تمويل إضافي لضمان وصول المعونات الغذائية إلى الفلسطينيين بالقطاع .

وأضافت: رغم هذه الظروف فقد تمكن البرنامج من تقديم المساعدات إلى نحو 60 ألف فلسطيني، وأن هناك 50 ألف فلسطيني آخرين ينتظرون تقديم المساعدات الغذائية لهم، قائلة إن «العقبة الرئيسية أمامنا الآن هي الأمن».

وتابعت أن هناك نحو 150 شاحنة مساعدات غذائية تبلغ نحو 4500 طن من الطحين مقدمة من البرنامج للفلسطينيين وأن 20 منها ينتظر الدخول إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، مشيرة إلى أن البرنامج يقدم الآن البسكويت عالي الطاقة واللحوم المجففة إلى 13 مستشفى بقطاع غزة بما يكفي نحو 6 آلاف مريض وللعاملين بهذه المستشفيات لمدة شهر كامل. ووصلت إلى مدينة العريش أمس مساعدات غذائية وطبية مقدمة من عدة دول ومنظمات عربية وأجنبية، لإدخالها إلى قطاع غزة.