تشيني: حققنا تقدماً في العراق وأي انسحاب غير مسؤول الآن هو كإعطاء الدواء الخطأ

نائب الرئيس الأميركي: شيئان يقلقانني إزاء طهران.. دعم الإرهاب وتطوير الملف النووي

TT

حذر نائب الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، ديك تشيني، من أي عمل أميركي متهور في العراق، موضحاً أن عودة العراق الذي يتقدم بصعوبة إلى دوامة العنف، يعتمد جزئياً على كيفية قيام الرئيس المنتخب باراك أوباما بسحب القوات الأميركية من هناك.

وقال تشيني في لقاء أجرته معه وكالة «أسوشييتد برس» في مكتبه بالبيت الأبيض مساء أول من أمس: «أي انسحاب غير مسؤول حالياً سيكون بمثابة الدواء الخاطئ». وأوضح تشيني أيضاً أنه لا يرى أي مبرر في أن يعفو الرئيس جورج بوش بصورة استباقية عن أي شخص داخل الاستخبارات المركزية الأميركية، شارك في الاستجوابات القاسية للمشتبه في ضلوعهم في الإرهاب. وقال: «لا يوجد لديّ أي سبب يحملني على الاقتناع بأن أحداً داخل الوكالة أقدم على فعل شيء غير قانوني». ولدى سؤاله، فيما إذا كان الرئيس بحاجة إلى الاعتذار عن عدم تنبئه بالأزمة المالية، أجاب تشيني: «لا أعتقد أنه بحاجة إلى الاعتذار. فأنا أرى أن كل ما احتاجه أن يقدم على عمل جريء، وهذا ما قام به.. ولا أعتقد أن أحداً توقع أنها ستحدث».

وسيغادر تشيني البيت الأبيض بعد فترة عمل داخل الحكومة امتدت على مدار أربعة عقود، تولى فيها مناصب مثل منصب وزير الدفاع، ورئيس فريق العمل الخاص بالرئيس جيرالد فورد. كما أنه ظل عضواً بالكونغرس لفترة طويلة عن ولاية وايومنغ. وفي مقابلة إذاعية أُجريت معه أخيراً، رفض نائب الرئيس فكرة أنه لعب دوره كساحر بارع أثناء وجوده بمنصب الرجل الثاني في السلطة، وأنه كان يحرك خيوط رئاسة بوش من وراء الستار. ومع ذلك، سيُنظَر إلى تشيني على أنه نائب الرئيس الأكثر تأثيراً في تاريخ الولايات المتحدة. وبعد أن يؤدي أوباما اليمين الدستورية لتولي المنصب في 20 يناير (كانون الثاني)، يحتمل أن يقوم تشيني، البالغ من العمر 67 عاماً، بتأليف كتاب، كما أنه سيقضي وقته مع زوجته لين، وابنتيه، وأحفاده الستة. وبعزيمة قوية حتى النهاية، دافع تشيني عن حرب العراق ضد كل ما يقوله المنتقدون، قائلاً إنه على الرغم من أنه ما زال هناك الكثير، فقد تم أيضاً إحراز تقدم كبير. تجدر الإشارة إلى أن أوباما صرح بأنه يريد سحب جميع القوات المقاتلة من العراق بحلول ربيع عام 2010، وسيترك قوة من المدربين، والمراقبين الجويين، والمستشارين، والجنود اللوجيستيين حتى تنتهي المهمة كاملة.

وقال تشيني: «أسمع الكثير من الأشخاص - من بين المنتقدين - يقولون إن (العراق مأزق.. انسحبوا منه). وهذا ليس صحيحاً، فإنه ليس مأزقاً. لقد أحرزنا تقدماً كبيراً. كما أننا على مقربة من تحقيق نسبة كبيرة من أهدافنا».

وأفاد تشيني أن قرار أوباما بالإبقاء على روبرت غيتس وزيراً للدفاع داخل إدارته يجعل «بعضنا يشعر بتفاؤل حَذِر من أن الإدارة الجديدة، ستكون أكثر رشداً وتحملا للمسؤولية من حيث كيفية مباشرة أعمالها، وعدم القيام بعمل يقوض النظام الجوهري الأساسي الذي أرسيناه».

وبالنظر إلى الوراء بشأن النقاش الكثير حول الحرب، قال تشيني إن الأحاديث والبيانات التي أدلى بها أشخاص مثل السيناتور الديمقراطي هاري ريد في أبريل (نيسان) 2007، والتي قال فيها «إنه قد تمت خسارة الحرب»، كان لها عظيم الأثر على العراقيين، لأنها قوّت اليقين بأن الولايات المتحدة ستسعفهم. وأضاف: «إذا نظرت في يومنا الحالي، فإنه لا يبدو أننا خسرنا في العراق. لقد كان هاري مخطئا». وأردف تشيني، أن قرار بوش بإرسال المزيد من القوات، 30 ألفاً تقريباً، بعث رسالة قوية لإعادة طمأنة العراقيين بأن الولايات المتحدة ملتزمة بمواصلة مهمتها. وأشار إلى أن ذلك الأمر غيّر القوى المحركة على أرض الواقع تغييراً جذرياً. ودافع بشدة - خلال المقابلة التي استغرقت 24 دقيقة - عن سياسات محاربة الإرهاب الخاصة بالإدارة، حيث قال تشيني إن الإدارة استخدمت برامج اعتراض الاتصالات، والأساليب الصارمة في التحقيق مع المعتقلين بالغي الأهمية على النحو الملائم. وتابع أنه لا يشعر بأدنى وخز في الضمير بشأن الاعتماد على المعلومات الاستخباراتية التي تم انتزاعها عبر عمليات الإيحاء بالغرق، التي تم استخدامها مع ثلاثة من كبار عناصر «القاعدة» في الفترة ما بين 2002-2003. وأضاف أنه: «تم استخدامه بقدر كبير من الذكاء من قبل أفراد يعرفون ما يفعلون، وأنه أسفر عن كمية كبيرة من المعلومات الاستخباراتية القيّمة». جدير بالذكر أن أوباما انتقد بعض ممارسات الاستجواب، وقال إنها ترتقي إلى التعذيب، كما تعهد بإغلاق معتقل غوانتانامو، في كوبا.

وفيما يتعلق بإيران - الدولة التي وصفها بأنها أحد الرعاة الرئيسيين للإرهاب في العالم - أفاد تشيني بأنه من المحتمل أن تكون ثمة حاجة للمزيد من العقوبات لحمل الإيرانيين على إيقاف تخصيب اليورانيوم، فالوقود المخصب على مستوى ضئيل يُستخدم لإنتاج الوقود النووي، إلا أنه مع المزيد من عمليات التخصيب سيجعله مناسباً للاستخدام في أسلحة نووية. وفي هذا الصدد أفاد: «لقد استمروا في السعي بنشاط نحو إنتاج الأسلحة النووية، وبالنظر إلى جهودهم في تخصيب اليورانيوم لإنتاج المواد الانشطارية، فإن بإمكانهم صنع قنبلة». واستطرد تشيني: «من أكثر الأمور التي أشعر بالقلق بشأنها، هو هذا الارتباط بين الحكومة الداعمة للإرهاب والإرهابيين من جهة، وتطوير عدد من الأسلحة الفتاكة من جهة أخرى. وأعتقد أن هذه التركيبة تقدم احتمالات مرعبة، ويجب أن تكون كذلك». وأوضح أن كوريا الشمالية تعد هي الأخرى بؤرة مثيرة للمشاكل، وأنه سيتعين على أوباما مراقبتها، ومواجهتها. وأضاف أن كوريا الشمالية ستبقى مشكلة، وذلك لأنها لم تفِ بالتزامها بشأن توفير بيان كامل يتعلق بأنشطتها النووية. بالإضافة إلى أنها، وحسب قول تشيني: «يبدو أنها مستمرة في برنامج جارٍ لإنتاج يورانيوم عالي التخصيب، وأنها ساعدت السوريين في بناء مفاعل نووي». يُذكر أن إسرائيل دمرت المفاعل السوري عام 2007.