بارزاني: المالكي يتحول نحو الحكم السلطوي.. وننتظر زيارته لإيجاد حلول لمشكلاتنا

رئيس إقليم كردستان يهدّد بإعلان الاستقلال.. وقياديون في حزب رئيس الوزراء يدعونه إلى «تَوخّي الحذر»

TT

قال مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان، إن رئيس الوزراء نوري المالكي، أخذ يتحول إلى الحكم السلطوي. وأضاف: «يضيع المرء في الحكم السلطوي، حيث يصبح دكتاتوريًّا بصورة مبالَغ فيها، ويخسر نفسه».

وخلال مقابلة أُجريَت معه في مكتبه في صلاح الدين، اتهم بارزاني المالكي، بالعمل على إبعاد الأكراد عن القوات الأمنية العراقية. ولم يستبعد بارزاني أن يُقدِم إقليم كردستان على إعلان استقلاله عن العراق، بعد أن ذكر مخاوف بشأن إجراء تعديلات للدستور. وقال في مكتبه، الذي يطل على جبال زاغروس التي غطّتها الثلوج: «بالطبع، لن نقبل حكمًا ديكتاتوريًّا في العراق». ويقاتل الأكراد، الذي يتوزعون في العديد من بلدان منطقة الشرق الأوسط، من أجل بناء دولة لهم، ويُعَدّ إقليم كردستان العراقي، الأقرب لتحقيق الحلم القومي، لهذه الأقلية العرقية. ولكن، في الوقت الحالي، وبعد مرور 18 عامًا على تحقيق الأكراد استقلالاً فرض نفسه على أرض الواقع، يشعر الأكراد بالقلق مجدَّدًا، من احتمالية انقلاب عرب العراق ضدهم. وقال بارزاني، إنه يأمل أن تساعد زيارة مرتقبة لرئيس الوزراء العراقي، لإقليم كردستان، وسلسلة من الاجتماعات، خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) ، على حل هذه المشكلات. جمعَت تعليقات بارزاني، خلال المقابلة التي أجرتها معه صحيفة «لوس أنجليس تايمز»، بين الهجوم المباشر على سجلّ رئيس الوزراء، والمصالحة. ورفض بارزاني إشاعات عن جهود تبذلها أطراف في الحكومة للإطاحة بالمالكي. وبدا رئيس إقليم كردستان، خلال المقابلة، يكابد من علاقته المضطربة مع المالكي. وتحدث عن أنه تَدخّل لمنع محاولة للإطاحة بالمالكي، في ربيع 2007، وكيف أنه قدّم دعمًا حيويًّا خلال العام الماضي، عندما أمر المالكي قواته بالقيام بعملية أمنية في مدينة البصرة الجنوبية. وطلب بارزاني، الذي اكتسب خبرة كبيرة من حرب عصابات ضدّ نظام صدام حسين، تقديم سبب لتحوُّل رئيس الوزراء عن الأكراد، كما يشعر. وقال: «نريد أن نعرف، إنه أمر مفاجئ لنا». ثم تَحدّث عن أن السلطة المطلقة قد تغيّر من الفرد. وقال بارزاني إنه فوجئ بسلوك المالكي. ويذكر أن حزب الدعوة الإسلامي، الذي يتزعمه رئيس الوزراء، انضمّ إلى الأكراد، في حربهم ضدّ صدام حسين، من الجبال شمال العراق خلال الثمانينات، لكنه أبدى اهتمامًا بالعداء الذي يحمله القوميون العرب للأكراد، ودعا إلى تعزيز الحكومة المركزية، التي يخشى الأكراد من أن تسلبهم استقلالهم. وقال بارزاني: «لم أتوقع يومًا أن يقف (المالكي) ضدّ حقوق الشعب الكردي، وأنه سوف يعارض وجود البيشمركة، أو الأكراد داخل الجيش، وأنه سوف يهمّشهم، ولكن، للأسف، ذلك ما يحدث، وقد خيّب آمالنا». وقد دقّت أحداث أخيرة ناقوس الخطر بالنسبة إلى الأكراد، لا سيما محاولة خلال فصل الصيف من قِبل برلمانيين سُنّة وشيعة، باستباق الأكراد بحلهم الخاص بمدينة كركوك الشمالية، التي يريد الأكراد ضمّها إلى إقليمهم. ومنذ ذلك الحين، شاهدوا المالكي ينقل بعض الوحدات الكردية من المحافظات، مثلما حدث مع نينوى، حيث كان مخضرمون من قوات البيشمركة الكردية، التي حاربت ضدّ صدام حسين، يسيطرون على الجيش العراقي. كما دعا المالكي إلى مراجعة الدستور، الأمر الذي يعتبره الأكراد تهديدًا مباشرًا لسلطاتهم في شمال العراق. وقد تسببت هذه التوترات في إحساس بالخيانة بين الأكراد. وقد أدّت هذه التطورات إلى احتدام الكلام بين المالكي وبارزاني. وقال بارزاني في نوفمبر (تشرين الثاني) إن الحكومة المركزية تميل، بصورة متنامية، إلى حكم الحزب الواحد، ولكنه تَجنّب الهجوم المباشر على رئيس الوزراء. وبعد ذلك، انتقد المالكي الأكراد، لتوقيع عقود خاصّة بهم مع شركات البترول الأجنبية، وأشار إلى أن القوات الكردية تُلقِي القبض على عرب في المناطق محلّ النزاع، وتقوم بتعذيبهم. وأول من أمس ناقش بارزاني الصراع المحتدم حول قانون النفط، الذي يُفترض أن يحدّد العلاقة بين المحافظات، في ما يتعلق بعوائد النفط وتوقيع العقود. وانتقد بارزاني الحكومة المركزية لعدم موافقتها على تسويةٍ تتيح للأقاليم توقيع عقود النفط مع الشركات الأجنبية. ولم ينتظر الأكراد إلى أن يصدر قانون، كي يقوموا بهذه التعاقدات، ويقول بارزاني: «للأسف، يبدو أن بغداد تتحرك ببطء، وأنها لا تريد حلاًّ سلميًّا، وجوهر القضية هو أن المشكلات واللائمة تُلقَى على أعتاب الأكراد، في الوقت الذي لا يوجد فيه للدولة سياسية بشأن النفط، كما أن الوزارة عبارة عن وزارة عاجزة، لها سياسية فاشلة».

وقال إنه إذا استمرّ رئيس الوزراء في السعي إلى إجراء تعديلات على الدستور، وتغيير روح عراق ما بعد صدام حسين، فيمكن أن يفكر الأكراد في إعلان استقلالهم. وأضاف: «ذلك هو الجسر الذي يتعيّن علينا عبوره، عندما نصل إليه، وحتى مقدّمة الدستور فإنها تقول، بوضوح للغاية، إن الالتزام بهذا الدستور شرط مُسبَق للمحافظة على وحدة العراق». وقال أعضاء في حزب الدعوة، الذي يتزعمه المالكي، إن بارزاني يجب أن يتوخى الحذر في كلامه. وأضاف علي العلاق، العضو في حزب الدعوة: «مسعود بارزاني قائد مهمّ، ويجب أن يدرك المسؤولية الكبرى في إصدار (تصريحات)، حيث إنها من الممكن أن تغيّر الكثير من المعادلات. فتصريح في ظرفه المناسب، يمكن أن يفضي إلى الكثير من النفع، كما أن العكس قد يؤدّي إلى ضرر كبير».

* خدمة: «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ «الشرق الأوسط»