بوش يودع الصحافيين في مؤتمر أخير ويدافع عن رئاسته رغم «الهفوات»

حذر أوباما من تحديات الإرهاب من دول «محور الشر»

الرئيس الأميركي جورج بوش خلال المؤتمر الوداعي مع الصحافيين أمس (رويترز)
TT

دافع الرئيس الأميركي جورج بوش في آخر لقاء له مع الصحافيين في البيت الأبيض أمس، حيث لم يتبق له سوى أسبوع من مدته الرئاسية، عن جميع قراراته، لكنه أقر في بعض الأحيان بارتكاب «هفوات» وأخطاء في «الحديث الطنان».

وفي هذا السياق دافع بوش عن قراره بغزو العراق عام 2003، بيد أنه قال إن عدم وجود أسلحة دمار شامل في العراق شكّل «خيبة أمل كبيرة»، وكان هذا الأمر هو الذي بررت به إدارة الرئيس بوش غزو العراق. كما أقر بوش بأن الإعلان عن تحقيق انتصار مبكر في العراق «كان خطأ». وكان بوش أعلن في مايو (أيار) عام 2003 على متن حملة الطائرات «أبراهام لينكولن» أن القوات الأميركية وحلفاءها حققوا انتصاراً في الحرب في العراق. وقال بوش أمس: «القول إن المهمة أنجزت من على متن حاملة طائرات كان خطأ». ودافع بوش عن قراره إرسال 30 ألف جندي إلى العراق خلال السنة الماضية، معتبراً أن التحدي الذي سيواجهه الرؤساء الأميركيون القادمون هو ما إذا كانت التجربة الديمقراطية في العراق ستستمر.

وبشأن توقعاته لفترة الرئيس المقبل باراك أوباما، قال بوش إن أكثر تحد سيواجهه احتمال «هجوم إرهابي جديد ضد الولايات المتحدة»، مشيراً إلى أن هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 «غيرت البلاد» وطبعت فترتي رئاسته. وقال بوش إن التحدي الأمني الأشد إلحاحاً الذي سيواجهه أوباما يتمثل في منع هجوم آخر على الولايات المتحدة مثل هجمات 11 سبتمبر، مضيفاً: «تمنيت لو كان بإمكاني قول إن الأمر ليس كذلك.. لكن لا يزال هناك عدو يود إلحاق الضرر بأميركا.. وبالأميركيين. وسيكون هذا التهديد الأكبر».

كما أشار بوش إلى أن تهديدات قد تأتي مما أطلق عليها دول «محور الشر»، وهو مصطلح استخدمه بوش عام 2002 للحديث عن العراق وإيران وكوريا الشمالية. وقال بوش: «إيران لا تزال تشكل خطراً»، بينما اعتبر أن «كوريا الشمالية تشكل مشكلة»، مشيراً إلى أن الحديث عن البرنامج النووي لذلك البلد يجعل من الضروري اعتماد نظام تفتيش قوي. ووجه بوش نصيحة لأوباما، قائلا: «سيدخل المكتب البيضاوي وسيكون هناك الكثير من المنتقدين والقاسين، وسيشعر بإحباط أحياناً بسبب طبيعة الكلام الطنان، ولكن سيكون عليه أن يفعل ما يعتبره صحيحاً، وإن لم تفعل ذلك لا أرى كيف يمكن للمرء أن يعيش مع نفسه (ضميره)».

واعترف بوش بأن بعض القضايا مثل معتقل غوانتانامو أثارت جدلا داخل بلاده وحول العالم، لكنه دافع عن جميع قراراته بعد هجمات سبتمبر 2001 بما في ذلك استعمال أساليب قاسية لاستجواب الإرهابيين.

وقال الرئيس بوش إنه سيطلب من الكونغرس ضخ مبلغ 350 مليار دولار في «وول ستريت» (شارع المال في نيويورك) إذا طلب منه الرئيس المنتخب باراك أوباما القيام بذلك، مشيراً إلى أن أوباما لم يطلب ذلك بعد. ولكن بعد دقائق من انتهاء المؤتمر الصحافي، تقدم أوباما بهذا الطلب الذي تعهد بوش بتلبيته.

ودافع بوش عن سياسته الاقتصادية على الرغم من أن البلاد تعرف أسوأ أزمة مالية منذ ثلاثينات القرن الماضي، وقال إنه وضع جانباً بعض مبادئه حول السوق الحرة عندما أبلغه مستشاروه الاقتصاديون الرئيسيون «أن الوضع الذي نواجهه ربما يكون أسوأ من الكساد الكبير». وقال بوش إن برنامج الاقتراض يتحسن، وإن الائتمان بدأ يتقلص وسياسة الإقراض تنهض حالياً.

ووصف بوش خلفه أوباما بأنه «ذكي وشخص جذاب» وقال إنه يحيط نفسه بأناس يهتمون بمستقبل البلاد، لكنه قال إنه بعد أداء القسم ودخوله إلى المكتب البيضاوي ستكون هناك لحظة ستنزل مسؤوليات الرئيس على كتفيه، متمنياً له التوفيق. ومزح مع أحد الصحافيين قائلاً إن تغطية إدارة أوباما ستكون «عملاً رائعاًَ»، بينما عبّر عن رغبته الشخصية في «التقاعد والابتعاد عن المسرح».

وتمسك بوش بموقفه الذي يربط وقف إطلاق النار في غزة بتوقف حماس عن إطلاق صواريخ ومهاجمة إسرائيل. وقال بوش: «إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها.. وعلى حماس أن تتراجع عن هجماتها ضد إسرائيل». وأشار إلى أن «وقفاً دائماً لإطلاق النار سيصبح ممكناً لو توقفت حماس عن هجماتها ضد إسرائيل» على حد تعبيره، مؤكداً أنه ما زال يؤمن بقيام دولة فلسطينية. ودافع بوش عن أداء إدارته خلال كارثة إعصار كاترينا الذي ضرب عدة أنحاء في ولايات جنوبية وأدى إلى تشريد الآلاف، لكنه قال إن بعض الأمور كان يمكن أن تؤدى بطريقة مختلفة. وقال في هذا الصدد «لا تقولوا لي إن تجاوب الحكومة الفيدرالية كان بطيئاً عندما أمكن إنقاذ 30 ألف شخص حين ضرب إعصار كاترينا ساحل الخليج (المكسيكي) على الرغم من العاصفة المدمرة». ويشار إلى أن بوش سيغادر البيت الأبيض منتصف نهار الثلاثاء المقبل بعد أن يكون الرئيس باراك أوباما قد أدى القسم أمام أعضاء الكونغرس ليصبح الرئيس الرابع والأربعين وأول رئيس من أصول أفريقية في التاريخ الأميركي.