الحرب النفسية مركب مهم في حملة إسرائيل على حماس

يثيرون الإشاعات حول وجود قيادات الحركة وهروب مقاتليها من أرض المعركة

في إطار الحرب النفسية جنود إسرائيليون يحتفلون بخروجهم من غزة (إ.ب.أ)
TT

من يتابع فضائية «الأقصى»، التابعة لحركة حماس، يفاجأ بين الفينة والأخرى بقيام الجيش الإسرائيلي باختراق ترددها، وبث مواد دعائية ضد الحركة. وإحدى هذه المواد الدعائية تهاجم قيادات حركة حماس وتحديداً الدكتور محمود الزهار وتخلع عليه الكثير من الصفات السلبية، وتتهمه بالجبن والاختفاء عن الأنظار في الوقت الذي تتعرض فيه غزة للقصف. وفي محاولة لكسر الروح المعنوية لمشاهدي الفضائية التي تفترض إسرائيل أنهم من أنصار حركة حماس، تعرض إحدى المواد الدعائية صورة كرتونية لمقاتل من كتائب القسام ـ الجناح العسكري لحماس، وهو يرتجف خوفاً ويفر من ساحة المعركة. في نفس الوقت يقوم الجيش الإسرائيلي مستغلاً تفوقه التقني باختراق بث إذاعة «صوت الأقصى»، التابعة حماس، ويبث مواد دعائية أخرى تصف فيها الحركة بالارهابية وانها حركة لا تعنيها مصلحة الشعب الفلسطيني، وهي أداة في يد إيران وعدوة للسلام، وغيرها من الاتهامات. وإلى جانب اختراق بث فضائية «الأقصى» وإذاعة «صوت الأقصى»، قام الجيش الإسرائيلي بإنزال عشرات الآلاف من المنشورات والبيانات باللغة العربية على التجمعات السكانية الفلسطينية خاصة تلك المناطق التي تشهد مواجهات، وتحديداً بلدتي بيت لاهيا وبيت حانون، ومخيم جباليا شمال غزة، والضواحي الشرقية والجنوبية من مدينة غزة وقرية المغراقة، ومدينة رفح، تدعو فيها الجماهير لعدم التعاون مع حماس وعدم تقديم المساعدة لمقاتليها وعدم ايوائهم. ويدعي احد هذه المنشورات أن حماس هي الطرف الذي يقف حائلاً امام تحقيق السلام في المنطقة، وهو الطرف الذي يمنع الفلسطينيين في قطاع غزة من العيش في ازدهار اقتصادي. في نفس الوقت فإن إسرائيل تستخدم وسائل اعلامها الرسمية الناطقة باللغة العربية التي يتم التقاطها في الضفة الغربية وقطاع غزة وبعض الدول العربية في محاولة تشويه حماس. فالتلفزيون والإذاعة الاسرائيليان الناطقان باللغة العربية عادة ما يمنحان معلقين يهودا يتحدثون اللغة العربية بطلاقة مساحة كبيرة لمهاجمة حماس ويتهمون قيادتها بأنها تتخذ من ملجأ تحت مستشفى «دار الشفاء» في غزة ملجأ لها وان بعض قادة حماس هربوا الى مصر وبعض منهم يختبئ في مقار بعثات دبلوماسية. ومن الاشاعات المروجة ان حماس تدفع رواتب العاملين فيها في مستشفى الشفاء الذي تستخدمه ايضا كمكان للاجتماعات، وأن مقاتلي الحركة يرتدون زي العاملين في القطاع الطبي، وأن كثيرا من الوحدات في كتائب القسام انهارت، وأن العسكريين خلعوا زيهم العسكري وباتوا يختبئون وسط الناس بثياب مدنية. لكن الحملات الدعائية التي يعرضها الجيش الإسرائيلي تتناقض مع الحقائق التي تعرضها المستويات العسكرية. فالقادة العسكرييون الإسرائيليون الذين يقودون الحملة على القطاع عكفوا منذ الشروع في الحملة وحتى الآن على التأكيد على أن كتائب الدين القسام «لم تتأثر قوتها، وأنها قادرة على مواصلة القتال الى فترة طويلة». من ناحية ثانية فإن جميع قنوات التلفزة ووسائل الاعلام الإسرائيلية تنقل عن الضباط والجنود الإسرائيليين الذين يشاركون في الحرب القول إنهم يواجهون مقاتلين أشداء، ونقلت الإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية عن قائد أحدى الكتائب في لواء الصفوة (غولاني)، الذي شارك في حرب لبنان الثانية أنه من خلال الاحتكاك مع مقاتلي حماس، فأنه يرى أن الكثيرين منهم أكثر جرأة من مقاتلي حزب الله. وحتى روني دانئيل المعلق العسكري لقناة التلفزة الإسرائيلية الثانية الذي يعتبر أحد المتحمسين للحرب على حماس، فقد اعترف على الهواء مباشرة أنه يحظر عليه التحدث عن المفاجآت التي تعرض لها الجنود الإسرائيليون اثناء توغلهم في غزة، التي تفسر عدم قدرة هؤلاء الجنود على التقدم. ولعل الحقيقة الأهم هي أنه بعد 17 يوما على بدء الحملة العسكرية على القطاع، فإن الجيش الإسرائيلي لم يتمكن من احتلال أي تجمع سكاني فلسطيني في القطاع رغم إلقاء الطائرات الإسرائيلية مئات الأطنان من المتفجرات لتقليص قدرة المقاتلين الفلسطينيين على المقاومة. يذكر أنه قد تم قبل عام كشف النقاب في اسرائيل عن قيام شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية المعروفة بـ «أمان» باستئناف عمل «وحدة الحرب النفسية» في الشعبة التي تعنى بالتأثير على معنويات الفلسطينيين والعرب خلال المواجهات العسكرية.