تبدو الدبلوماسية الاميركية «هادئة» الى حد كبير في الحرب الاسرائيلية على غزة، فباستثناء دعوات اميركية لاسرائيل وحماس بوقف اطلاق النار على غزة، ووقف اطلاق الصواريخ على المدن الشمالية في اسرائيل، تركت واشنطن المبادرة في يد دول المنطقة، وتحديدا مصر. وترى واشنطن أنه يجب دعم الجهود العربية الهادفة لوقف اطلاق النار في غزة، وإعادة حماس لمائدة التفاوض مع فتح لإنهاء حالة الانشقاق الفلسطيني ـ الفلسطيني. فالسيناريو الاسوأ هو أن تتوقف اسرائيل عن عملياتها الحربية في غزة بإعلان انتصار عسكري كبير على حماس يتمثل في تدمير الجانب الاكبر من الأنفاق وترسانة حماس العسكرية، لكن مع استمرار سيطرة حماس الفعلية على غزة. وقال مسؤول بارز بوزارة الخارجية الاميركية لـ«الشرق الأوسط» ان واشنطن ما زالت ترى مخرجا سياسيا للحرب الحالية بين حماس واسرائيل يقوم على 3 عناصر متداخلة، يؤدي ضمنا إلى فتح المعابر المغلقة بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية عندما يتم تنفيذ عناصر الحل السياسي. وأوضح المسؤول الأميركي، الذي لا يريد الكشف عن هويته: «هناك مخرج سياسي لهذه الحرب.. نريد وقفا قابلا للتحقق والاستمرار لإطلاق النار، تلتزم به جميع الأطراف، وهذا طبعا يستلزم ترتيبات سياسية لتحقيق هذا.. الوصول لوقف اطلاق النار يلزمه عناصر عديدة وليس عنصرا واحدا. اولا يجب أن تتوقف الهجمات على اسرائيل، ويجب أن يتوقف تهريب الاسلحة الى غزة عبر الانفاق مع مصر، كذلك يجب أن تتخذ خطوات تهدف الى فتح المعابر بطريقة قابلة للاستمرار قائمة على الاتفاق الذي تشاورت حوله الوزيرة رايس حول المعابر في نوفمبر 2005. اذاً واشنطن تركز على مقاربة متداخلة، بها نقاط عديدة لوقف اطلاق النار، وليس نقطة واحدة او مطلبا واحدا. وبالتأكيد نحن نحترم ونحيي ما يفعله المصريون في مساعيهم الدبلوماسية.. وهناك مباحثات اميركية ـ مصرية للسيطرة على الحدود بدأت منذ شهور، فالجميع يرى أن الأنفاق مشكلة». وتابع المسؤول الاميركي: «هناك 3 عناصر في الافكار الاميركية لوقف اطلاق النار من بينهما فتح المعابر. فإذا تأكدنا من وقف تهريب الاسلحة، فإن فتح المعابر سيكون شيئ ضرروي، وفقا للاتفاقيات السابقة. لكن هدفنا النهائي هو عودة الامور في غزة الى طبيعتها واستقرارها بما يمكن أهالي غزة من ان يعيشوا حياة أفضل مما كانت عليه الحياه تحت حماس. وهذا يتطلب نوعا من الحل للتحديات السياسية في غزة بطريقة تعيد السيطرة القانونية للسلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية. والجامعة العربية وضعت الخطوط التي يمكن السير عليها لتحقيق هذا الهدف وذلك بعد اجتماعات وزراء الخارجية العرب في نوفمبر الماضي في القاهرة». (في إشارة إلى قرارات وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم في القاهرة والتي تضمنت الدعوة لاستئناف المصالحة الوطنية الفلسطينية بين فتح وحماس، وإنهاء حصار غزة، والتمديد لولاية الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى أن تتم المصالحة الفلسطينية، والدعوة لإطلاق مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين). وحول ما إذا كانت الحرب على غزة قد تدفع واشنطن لإعادة النظر في سياستها بعدم الحديث مع حماس، رد المسؤول قائلا: «نهائيا لا.. هذه الادارة اوضحت بطريقة لا لبس فيها ان الحوار مع حماس ليس مطروحا على الطاولة».
وأضاف المسؤول الاميركي: «نحن نرى التعامل مع حماس من خلال قرارات جامعة الدول العربية في نوفمبر الماضي والجهود المصرية. بطريقة اخرى نريد ان نرى السلطة الفلسطينية تستعيد سلطتها عبر قرارات الجامعة العربية في نوفمبر الماضي. فقد كان لدى حماس عدة فرص للمصالحة الوطنية وفشلوا في الاستفادة من هذه المبادرات. لذلك اعتقد أن الواقع يقول لنا ان حماس ليست مهتمة بالمصالحة. لكن اذا استطاع المصريون ايجاد وسيلة أو طريقة وفقا لالتزامات منظمة التحرير الفلسطينية وهي الاعتراف بإسرائيل، وقبول واحترام الاتفاقيات السابقة التي وقعتها السلطة الفلسطينية ونبذ الارهاب والعنف، فإن أي منظمة تلتزم بهذه الالتزامات ستكون جزءا من عملية المصالحة. وفي الحقيقة نحن فوجئنا ان حماس هي التي رفضت قرار مجلس الامن الاخير رقم 1860، وهذا يشير بشكل واضح الى حقيقة نوايا حماس، ومسؤوليتها عن الوضع الذي يعيش فيه أهالي غزة». وأشار المسؤول الاميركي الى ان واشنطن ترى الحرب الحالية جزءا من صراع أكبر في منطقة الشرق الأوسط»، موضحا: «اعتقد أنه من الحقيقي ان الشرق الاوسط منطقة يوجد فيها الكثير من العناصر الاستراتيجية المتداخلة. ونعلم طبيعة العلاقات بين حماس وإيران. وبالتأكيد من الصحيح ان هذه الحرب بين حماس وإسرائيل هي جزء من صراع أكبر في الشرق الأوسط» ورفض المسؤول الأميركي الخوض في ما إذا كان صمود حماس في وجه الهجمات الاسرائيلية يعني ضمنا انتصارها، موضحا: «أهالي غزة سيكونون هم الحكام على ما إذا كانت حماس قد خرجت منتصرة من هذه الحرب ام لا. وما إذا كانت تصرفات حماس في صالحهم ام لا. لا ارى كيف يمكن لأي شخص يشاهد ما يجري في غزة، يمكن ان يصل الى نتيجة ان ما يجري حاليا هو لمصالحة أهالي غزة، فعلى العكس حماس حولتهم لرهينة بعد انقلابها غير الشرعي على السلطة الفلسطينية، حماس هي من قرر ان لا يجدد التهدئة مع اسرائيل، ويواصل قصف الصواريخ على البلدات الشمالية لإسرائيل، وكل هذا دفع إسرائيل إلى الخطوات التي قامت بها».