صراعات داخل الحكومة الإسرائيلية إزاء الحرب.. قطباها أولمرت وباراك

إسرائيل تدعي أن حماس قبلت مبادرة مصر وترسل مندوبها للقاهرة للاتفاق على تفاصيل وقف إطلاق النار

فتاة تبكي خلال جنازة شقيقها وعمها في مخيم جباليا امس (إ ب أ)
TT

أكدت مصادر سياسية في اسرائيل، أمس، ان الجهود المصرية للتوصل الى اتفاق تهدئة جديد تكللت بالنجاح وان وفد حماس الى القاهرة أبلغ مصر موافقة الحركة على المبادرة المصرية. وعلى أثر ذلك سيصل الى العاصمة المصرية، اليوم، ممثل اسرائيل في المفاوضات، الجنرال عاموس جلعاد، من أجل مناقشة التفاصيل.

وفي رد على السؤل بخصوص تصريحات مسؤولي حماس بأنهم ينتظرون الرد الاسرائيلي على المبادرة، قالت المصادر الاسرائيلية «هذه محاولة من حماس للظهور بمظهر واضع الشروط الذي ينتظر أن تقبلها اسرائيل. ونحن نتفهم ذلك. لكن الاتجاه بات واضحا ووقف النار بات على الطريق». وأعلن نائب وزيرة الخارجية الاسرائيلية، مجلي وهبي، أمس، ان اسرائيل قررت توسيع فترة التهدئة اليومية بساعة واحدة اضافية، من الثانية عشرة ظهرا وحتى الرابعة بعد الظهر.

وكانت مصادر اسرائيلية قد تحدثت بالتفصيل عن بنود التسوية الجديدة (نشرتها «الشرق الأوسط» أمس)، وهي مؤلفة من ثلاث مراحل: الأولى وقف اطلاق نار تماما من الطرفين، تتعهد به حماس وجميع الفصائل الفلسطينية الأخرى، ويتوقع أن يدخل حيز التنفيذ في فجر يوم الأحد المقبل، والثانية بدء محادثات للاعداد للانسحاب الاسرائيلي جنبا الى جنب مع اعداد الاتفاق على وقف تهريب الأسلحة الى قطاع غزة ومع الاعداد لفتح جميع المعابر بين اسرائيل وغزة ومعبر رفح بين غزة وسيناء المصرية بمشاركة السلطة الفلسطينية. وأما المرحلة الثالثة، فهي التي يتم فيها تنفيذ الاتفاق على فتح المعابر وتنفيذ الانسحاب الاسرائيلي بشكل تدريجي.

وكانت اسرائيل قد ألغت زيارة عاموس جلعاد، أمس، الى القاهرة لأن بعض التنظيمات الفلسطينية أعلنت رفضها الالتزام بوقف النار، ولكن وفد حماس أبلغ مصر بموافقة جميع الفصائل، وعليه يغادر جلعاد اليوم. يذكر ان اسرائيل تدير المفاوضات حول وقف النار وسط تصعيد حربي شرس في القصف الجوي والبري، حيث شنت أمس 110 غارات جوية. واستمرت في محاولات التقدم في المجال البري، ولكن المقاومين تصدوا لها ودارت معارك عنيفة أصيب خلالها سبعة جنود من سلاح المظليين الاسرائيليين أحدهم قائد الكتيبة. وحسب المصادر الاسرائيلية، فقد قتل خلال تلك الاشتباكات 16 مقاتلا فلسطينيا. وبالمقابل أطلقت حماس 16 صاروخا أو قذيفة باتجاه البلدات الاسرائيلية. ووفق المصادر الاسرائيلية يعالج في المستشفيات اليوم 34 جنديا اسرائيليا، اثنان منهم مصابان بجراح قاسية وأحدهما ضابط في سلاح المظليين لا يزال تحت الخطر، كون اصابته جاءت اثر اطلاق صاروخ مضاد للدبابات باتجاهه.

وأعلنت اسرائيل ان أحد الصواريخ الفلسطينية التي أطلقت أمس، احتوى على مادة فوسفورية حارقة، ولكنه سقط في منطقة مفتوحة ولم يصب أحدا بأذى. وتجدر الاشارة الى ان الفلسطينيين يتهمون اسرائيل بإلقاء قنابل فوسفورية حارقة على غزة، ولكن اسرائيل نفت ذلك وقالت ان قذائفها لا تحتوي على أية مواد محرمة دوليا. ولكن خبراء اسرائيليين مستقلين ادعوا ان هذه هي قنابل اضاءة تحتوي على مواد فوسفورية حارقة، وهي غير محرمة دوليا، ولكن يحظر استخدامها في مناطق مبنية أو مأهولة، لأن تلامس المادة الفوسفورية على جسد الانسان يترك حروقا. من جهة ثانية، تفاقمت أمس الصراعات الداخلية في الحكومة الاسرائيلية ازاء الحرب على غزة، وبشكل خاص بين رئيس الوزراء، ايهود أولمرت، وبين نائبه ووزير دفاعه، ايهود باراك. ويعود هذا التطور الى نشر خبر على عرض الصفحة الأولى في جريدة «هآرتس»، أمس، يقول إن «باراك يحاول تقديم مبادرة لوقف اطلاق النار في غزة لأهداف انسانية لمدة أسبوع ولكن أولمرت يتجاهل اقتراحه، كما يتجاهل دعوة وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، لوقف النار بدعوى ان الحرب لم تحقق أهدافها بعد». وحسب مصادر مقربة من أولمرت فإنه صعق من هذا النشر وقال صراحة انه يعتقد بأن باراك سربه للصحيفة بشكل مقصود. وان هدفه من ذلك هو المصلحة الانتخابية (باراك يحاول القول ان الحرب حققت أهدافها وانه أصبح بالامكان وقف النار والتفاوض بهدوء على اتفاق تهدئة أفضل من سابقه وهذا يتلاءم مع ناخبي حزب العمل والعديد من ناخبي «كديما» الذين يريد باراك الحصول على أصواتهم. وقال رجال أولمرت ان باراك يساعد بذلك الموقف حماس ويشجعها على تشديد مواقفها، وكادوا يتهمونه بالخيانة «الويل لمن يساعد العدو وقت الحرب»، قالوا عن باراك. وفي خضم هذا الهجوم، أعلن وزير المسنين، رافي ايتان، انه يدرس امكانية الاستقالة من المجلس الوزاري المصغر احتجاجا على تدهور مستوى العلاقات بين مديري الحرب، وانه يرى ان اسرائيل ستضيع الفرصة لتحقيق أهداف الحرب وفي مقدمتها هزم حماس. أما باراك فاكتفى الناطق بلسانه بالقول: «نحن مشغولون في المعارك التي يخوضها جنود وضباط الجيش الاسرائيلي الأبطال في غزة، ولسنا مستعدين لإتاحة الفرصة لأحد أن يلهينا بالتفاهات». ويلاحظ ان أوساطا سياسية وانتخابية في اسرائيل تستعد لمهاجمة الحزبين الحاكمين، «كديما» و «العمل»، على انهاء الحرب من دون تحقيق أية نتيجة تفتح الآفاق لاطلاق سراح الجندي الاسرائيلي الأسير، جلعاد شليط. وكانت اللجنة الشعبية، من أجل حرية شليط، قد عقدت مهرجانا جماهيريا في تل أبيب، أمس، طالب فيه الخطباء رئيس الحكومة بأن لا يوقف الحرب من دون التوصل الى اتفاق حول شليط. وقد رد ناطق بلسان الحكومة قائلا ان «الجهود المبذولة لاطلاق شليط هائلة، وستعرف التفاصيل في المستقبل، وعندها سيندم من ينتقدنا على ذلك».