باريس تندد بقصف مراكز إنسانية.. وعودة ساركوزي إلى المنطقة أمر وارد

مصادر دبلوماسية تنتقد «الخجل» الأوروبي في أزمة غزة

TT

فيما استضافت الخارجية الفرنسية ليل أمس اجتماعا ضم وزير الخارجية برنار كوشنير ونظيره السويدي جوناس غار ستور ومفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية بنيتا فيريو فالدنر وممثل اللجنة الرباعية للسلام توني بلير في إطار لجنة متابعة مؤتمر المانحين الدوليين للدولة الفلسطينية، أعربت مصادر دبلوماسية في باريس أمس عن «دهشتها إزاء الغياب والعجز الأوروبيين» عن التحرك والتأثير في مجريات الحرب الإسرائيلية على غزة. وقالت هذه المصادر التي تحدثت اليها «الشرق الأوسط» أمس إن الاتحاد الأوروبي «يراقب عن بعد» ما يجري في غزة والمبادرات التي يقوم بها هنا أو هناك، في إشارة الى اجتماع أمس أو الى الاجتماع الذي تنوي الرئاسة التشيكية للاتحاد الدعوة اليه حول موضوع إعادة إعمار غزة «غرضه التستر على العجز الأوروبي وكذلك على رفض الـ27 تحمل مسؤولياتهم». غير أن هذه المصادر ترى بداية «إرهاصات أوروبية متواضعة» للتحرك تمثلت في أمرين اثنين؛ الأول قرار المفوضية الأوروبية «تجميد» عملية تعزيز العلاقات الأوروبية ـ الإسرائيلية التي أقرت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والثاني قرار البرلمان الأوروبي الذي صوت عليه بالإجماع أول من أمس، والذي ندد بالممارسات الإسرائيلية وطالبها بالعمل بالالتزامات التي ترتبها عليها معاهدة جنيف الرابعة والقانون الدولي الإنساني. وطالب النواب الأوروبيون إسرائيل بـ «وقف فوري ودائم» للنار وإيجاد «آلية دولية» وإرسال قوة متعددة الجنسيات لضمان وقف النار. غير أن قرارات البرلمان الأوروبي غير ملزمة. لذا، فإن المصادر الدبلوماسية قدرت أن الموقف الأوروبي «ما زال دون الحد الأدنى المطلوب» بالنظر الى حجم الأضرار والخسائر البشرية والمادية وتجاهل الجيش الإسرائيلي لكل الأعراف وتعرضه للمؤسسات الدولية والمستشفيات.

وأمس، نددت باريس بقوة و«بأقصى الشدة» بقصف الجيش الإسرائيلي لعدة مستشفيات وكذلك «أدانت بالشدة نفسها» قصف مبانٍ تابعة لمنظمة غوث اللاجئين. وطالبت فرنسا إسرائيل بـ«الامتناع عن أي عمل يخالف القانون الدولي الإنساني» أو يخالف نص القرار 1738 الذي يدعو الى حماية الصحافيين في زمن الحرب.

من جانب آخر، أبدت المصادر الدبلوماسية «استغرابها» لكون وزراء الخارجية الأوروبيين لم يعقدوا أي اجتماع حول الازمة في غزة باستثناء الإجتماع الذي دعت اليه باريس قبل نهاية العام الماضي، والذي أسفر عن «دعوة» لوقف النار غير مقترنة بأية آلية أو تلويح بإجراءات من شأنها دفع إسرائيل الى «إعادة النظر» بخططها العسكرية وأهدافها في غزة.

وأمس، قالت تقارير إعلامية إن الرئيس ساركوزي ينوي العودة للمنطقة نهاية هذا الأسبوع للمساعدة على التوصل الى اتفاق لوقف النار. وسبق له أن قام بجولة في دول المنطقة يومي 5 و6 الشهر الجاري. غير أن مصادر الأليزيه قالت إن جولة جديدة «غير مطروحة في الوقت الراهن» مما يترك الباب مفتوحا للمستقبل. وتراهن فرنسا على نجاح المبادرة المصرية التي تعتبر أنها «شريكة» فيها. وينتظر أن يعود ساركوزي اليوم في كلمة يلقيها امام السلك الدبلوماسي المعتمد في فرنسا بمناسبة العام الجديد، لموضوع الحرب في غزة وللجهود الفرنسية، فيما يتعمق القلق لدى المسؤولين الفرنسيين من تدهور العلاقات بين الجاليتين اليهودية والمسلمة على خلفية استمرار هذه الحرب والضحايا التي توقعها. وكان ثلاثة شبان؛ اثنان منهم من أصول مغاربية قد تعرضوا للضرب على أيدي منتمين الى «رابطة الدفاع اليهودية» التي هي شبه ميليشيا، وهم خارجون من مدرستهم في الدائرة السادسة عشرة من باريس.

وأمس، تعرض كنيس يهودي آخر لرمي زجاجات حارقة. وكالعادة، تكاثرت الأصوات المنددة والداعية الى عدم «نقل» نزاعات الشرق الأوسط الى شوارع المدن الفرنسية. ودعت جمعيات أهلية فرنسية الى مسيرات جديدة يوم غد في باريس ومدن أخرى احتجاجاً على ما يجري في غزة. وانتقد دبلوماسي فرنسي سابق بشدة «السلوك الأوروبي» الذي وصفه بـ«الجامد» و«الهزيل» كذلك ندد بـ«غياب رؤية أوروبية» وفقدان الدول الـ27 «بسبب انقساماتهم» لـ«خطاب واضح و طموح» للتأثير على ما يجري في المنطقة. واعتبر الدبلوماسي المشار اليه أن قرار الاتحاد «تعزيز» علاقاته مع إسرائيل من غير مقابل «كان خطأ سياسيا جسيما».