زعماء عرب يتجمعون في الدوحة لاجتماع بمن حضر.. أو لقاءات تشاورية

اليمن يتراجع عن موافقته.. وأمير قطر يعلن: ما إن يكتمل النصاب حتى ينقص

TT

وصل زعماء عرب إلى العاصمة القطرية الدوحة أمس، كما كان ينتظر وصول آخرين في وقت لاحق تلبية لدعوة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وسط غموض حول ما إذا كان الاجتماع المقرر أن يعقد اليوم حول غزة سيكون قمة عربية بمن حضر أو لقاءات تشاورية بين القادة، بعد أن تعذر الوصول إلى النصاب اللازم لانعقادها كقمة عربية تحت مظلة الجامعة العربية.

وقال دبلوماسي عربي لـ«الشرق الأوسط» إن «القمة في طريقها للانعقاد، حتى ولو يكتمل النصاب»، وأضاف «حتى هذه اللحظة لم يصدر من السلطات القطرية أي توجه لعدم عقد القمة، الأمور تذهب باتجاه عقدها، من الواضح أن القمة العربية ستعقد غدا (اليوم) حتى ولو كانت بمن حضر».

غير أن مصادر أخرى أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن دولة عربية على الأقل، كانت أعلنت مشاركتها بالقمة، لن تحضر القمة «طالما لن تعقد وفق ضوابط عقد القمم العربية، ووفق ميثاق جامعة الدول العربية».

ولوحظ استخدام اللفظ الجديد وهو الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى القمة، لاجتماع القمة العربية، التي لا يتوقع أن يتجاوز عدد الدول المشاركة فيها عشر دول، في أروقة القمة وبشكل رسمي، وهو ما عده مراقبون تغلبا على معضلة قانونية، لعقد قمة عربية طارئة لم تستكمل نصابها القانوني.

وخلال جولة لـ«الشرق الأوسط» في قاعة الدفنة بفندق الشيراتون، الذي ستنعقد فيه القمة العربية، في وقت متأخر من مساء أمس، كان لافتا أن العمل يجري على قدم وساق لإنهاء آخر التجهيزات لاستقبال القادة المشاركين في هذه القمة، وسط خلية نحل مكونة من عشرات العمال يسابقون الزمن لإنهاء آخر الترتيبات، ولوحظ أيضا تواجد لأعلام جميع الدول العربية الواحدة والعشرين، وليس فقط الدول المشاركة فحسب، فيما كانت الترتيبات النهائية تتم لأن تكون الطاولة الرئيسية التي سيجتمع عليها القادة المشاركون في القمة، صنعت لاثنين وعشرين زعيم دولة، وهو ما يشير إلى أن القمة ستعقد اليوم فعليا بمن حضر، فيما ستكون مقاعد الزعماء الذين لن يشاركوا فارغة، وهو ما عده مراقبون رسالة سياسية، أرادت القمة المنتظرة توجيهها للدول الممتنعة عن المشاركة في قمة الدوحة.

وتوزعت في القاعة الرئيسية التي ستشهد اجتماع القادة، عشرات الصور لوحشية الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة، وعلقت تحت شعار القمة وهو «الاجتماع الطارئ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة»، وهي العبارة التي تعقد فيها القمة بهذه الصورة للمرة الأولى.

وفيما أعلن عن توجه الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة للمشاركة في القمة، وصل إلى الدوحة مساء أمس كل من الرئيس السوري، بشار الأسد، والرئيس السوداني عمر حسن البشير، ورئيس جزر القمر أحمد عبد الله سامبي، وكذلك الجنرال، محمد ولد عبد العزيز، رئيس المجلس العسكري الحاكم في موريتانيا، الذي وصل إلى الدوحة في طائرة قطرية خاصة، للمشاركة في قمة الدوحة، في أول رحلة خارجية له، منذ قيامه بالانقلاب في بلاده. وبحضور الرئيس الموريتاني، ستكون بلاده الدولة العربية الوحيدة التي لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، و

وكانت آخر قمة عربية غير عادية (طارئة) قد عقدت في القاهرة في أكتوبر من عام 2000، ومنذ تلك القمة و القمم العربية التالية أصبحت تعقد بشكل دوري، وتعد هذه القمة هي الأولى التي تعقد بشكل طارئ وغير عادي، غير أن القمة تعقد وهي بأقل من النصاب المقرر رسميا في ميثاق الجامعة، الذي يتطلب موافقة (خطية) لثلثي الأعضاء أي خمس عشرة دولة كشرط لاكتمال نصاب القمة.

وكان أمير قطر قال ليلة أول من أمس، إن «نصاب هذه القمة، قمة غزة، ما إن يكتمل حتى ينقص.. حسبي الله ونعم الوكيل». وتراجع اليمن أمس، عن تأييده لعقد قمة الدوحة، وصرح مصدر رسمي بأن الخطوة تهدف إلى «تجنب إحداث انشقاق بين الدول العربية، الذي ربما يحدث بسبب الخطط المتنازعة لعقد قمم من أجل مناقشة الوضع في غزة. وقال المصدر إن اليمن «يحث الدول العربية على جعل مناقشة الوضع في غزة على صدارة جدول أعمال القمة الاقتصادية التي ستعقد بالكويت».

وفي بيروت حسم أمس، الرئيس اللبناني العماد ميشال سليمان، الجدل الدائر حول مشاركة لبنان في القمة العربية التي دعت إليها قطر بإعلانه أنه يتوجه اليوم إلى الدوحة للمشاركة في أي مسعى عربي من أجل غزة. وأشار مكتبه الإعلامي إلى أنه «إذا توافرت الشروط الميثاقية للجامعة العربية، يحضر القمة الطارئة، وإذا لم تتوافر، يشارك في لقاءات تشاورية».

وقد أكد وزير الخارجية اللبناني فوزي صلوخ لـ«الشرق الأوسط» أن لبنان سيشارك في أي مسعى عربي لبحث ملف غزة «سواء أكان قمة، أم لقاء تشاوريا» مشيرا إلى أنه «في حال عدم توافر نصاب للقمة، فإن ما يمكن حصوله هو لقاء تشاوري لا تصدر عنه مقررات». ونفى وجود أي تردد لبناني في الموقف، مشددا على أن الرئيس سليمان أبلغ أمير قطر منذ اللحظة الأولى لاتصاله به، أن لبنان مستعد للحضور، كما أشار إلى أن ممثلية لبنان في الجامعة العربية أبلغت دوائر الجامعة موقفا مماثلا.

وقد انعكست التجاذبات العربية حول الدعوة القطرية إلى عقد قمة عربية في الدوحة على الوضع السياسي الداخلي في لبنان، بعدما ظهر التباين واضحا في موقفي فريقي «14 آذار» و«8 آذار» من المشاركة في القمة، مما وضع «الرئيس التوافقي» سليمان تحت ضغط منع الانعكاسات السلبية على الواقع اللبناني الداخلي الذي يرى (سليمان) أنه «أحوج ما يكون من أي وقت مضى إلى التضامن لمواجهة الأخطار التي تتعرض لها المنطقة».

وكان أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني جدد فجر أمس الدعوة إلى قمة عربية طارئة حول غزة، تبحث، على وجه الخصوص، تعليق مبادرة السلام العربية. وقال إن «دعوتنا للقمة قائمة. ونحن ننتظر من أجل غزة، والقرار للقادة» العرب. وأعلن الشيخ حمد في كلمة متلفزة أن قمة الدوحة الطارئة ستقترح جملة من القرارات من بينها «تعليق مبادرة السلام العربية، ووقف كل أشكال التطبيع مع إسرائيل، وإقامة جسر بحري، تشارك فيه الدول العربية، لنقل ما تحتاجه غزة» من مساعدات.

كما أكد أمير قطر أنه «من المعيب» بحث قضية غزة «على هامش قمة مقررة سلفا، وخلال مباحثات اقتصادية» في إشارة إلى القمة العربية الاقتصادية التي ستستضيفها الكويت الاثنين والثلاثاء.

وكان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى أعلن مساء الأربعاء من الكويت، حيث تعقد الاثنين القمة الاقتصادية العربية، أن «النصاب المطلوب لعقد قمة عربية طارئة في دولة قطر لم يتحقق» مشيرا إلى أن «13 دولة» وافقت حتى الآن على عقد القمة، في حين أنه يتوجب موافقة 15.

وعن انعكاس الانقسامات الفلسطينية الداخلية على الدول العربية التي تختلف، خاصة حول الموقف من حركة حماس، أشار أمير قطر إلى أنه «ليس من حق أحد استغلال محنة الشعب الفلسطيني لتغليب طرف على طرف».

وأضاف «لم ندعُ للقمة كي نجهز الجيوش، فنحن لسنا حالمين، بل ندرك الواقع من حولنا»، مضيفا «كنا قد أعددنا أفكارا ومقترحات عملية»، لإقرارها في قمة الدوحة، «من شأنها وقف نزيف الدماء».

وذكر الشيخ حمد أن من القرارات التي كانت ستُقترح على قمة الدوحة، الدعوة إلى «الوقف الفوري للعدوان على غزة، والانسحاب الإسرائيلي الشامل، وفتح جميع المعابر، ورفع الحصار عن غزة بكل أشكاله».

وتتضمن المقترحات أيضا «إنشاء صندوق لإعادة إعمار غزة»، وأعلن أمير قطر «مساهمة قطر فيه بمبلغ 250 مليون دولار». وتمنى أمير قطر في كلمته «أن تنجح المباحثات التي تجريها مصر وتركيا من أجل إيقاف العدوان» على غزة.

إلى ذلك، دعت جماعة الإخوان المسلمين المصرية للجهاد ضد إسرائيل، وأيدت دعوة أمير قطر لعقد قمة عربية طارئة. وقال مهدي عاكف المرشد العام للجماعة إنه «يؤيد كل ما جاء في كلمة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، في دعوته الأخيرة لعقد قمة عربية طارئة».