«ديوان».. مشروع ثقافي أسسه 3 أصدقاء

الكتب إلى جوار إسطوانات الموسيقى المحلية والعالمية

مكتبة ديوان.. أوروبية على أرض مصرية («الشرق الاوسط»)
TT

مكتبة "«ديوان» المصرية التي تحاول جاهدة نقل تجربة المكتبات الأوروبية الحديثة إلى القاهرة، تجتذب روادها من خلال موقعها على بعد أمتار قليلة من مجمع الفنون بشارع 26 يوليو بالزمالك. وتتخذ المكتبة مقرها في الطابق الأول من إحدى العمارات القديمة ذات الطابع الأوروبي، فيما يبدو اسمها على لافتة مكتوبا بالخط الديواني وبالحروف اللاتينية أيضا. وعلى مدخل المبنى تجد مجموعة من «البوسترات» وكروت الهدايا والكتب التذكارية. وحين تتقدم خطوات إلى داخل المكتبة تجد، على خلاف المكتبات العربية المعهودة، عددا كبيرا من اسطوانات الموسيقى والأفلام العربية والأجنبية الحديثة والقديمة، وبعد ذلك يمكن أن ترى صفوف الكتب العربية والأجنبية.

ويتطلب الوصول إلى أقسام المكتبة، بعد إلقاء التحية على رجل الأمن الجالس أمام المبنى، صعود بضع درجات، ليجد الزائر نفسه أمام مجموعة من الأرفف الخشبية المزينة بالهدايا التذكارية، والتي تمتد يمينا حتى تتصل بمجموعة من الكتب الأجنبية على أرفف مشابهة.. أما أمام المدخل مباشرة، وبعد صعود عدة درجات، فتوجد مجموعة كبيرة من الأرفف المعدنية عليها سيديهات (اسطوانات) لألبومات الأغاني، وأهم الأفلام العربية والعالمية وأحدثها، إضافة إلى الكتالوجات الضخمة في الآثار والفنون. يبدو المكان من الداخل، على ازدحامه بمقتنياته من الكتب والأسطوانات المدمجة، أشبه بالمقاهي الحديثة، بسبب كثرة الشبان والفتيات المنهمكين، لا في تدخين الشيشة أو لعب الطاولة، بل في القراءة على صوت الموسيقى الناعم أحيانا وتبادل الحديث بصوت خافت أحيانا أخرى. ولا مجال هنا للخروج عن آداب المكتبات، ومن يخالف ذلك تشي به كاميرات المراقبة الموجودة بالمكان.

وعلى يسار بهو المكتبة توجد كافيتريا صغيرة مكونة من أربع موائد يجلس عليها الزوار، وغالبيتهم من رواد المكتبة من كبار المثقفين والمبدعين من المصريين والعرب والأجانب ممن اعتادوا زيارة المكتبة والاطلاع على أحدث مقتنياتها من كتب الآداب والثقافة العامة بمجالاتها المتعددة باللغات العربية والأجنبية، إضافة لاسطوانات الأفلام والموسيقى والرسوم المتحركة وغيرها. فتجد في القسم الخاص بالكتب الأجنبية أحدث الإصدارات وأشهرها مرتبة بحسب الموضوع بإشارات مكتوبة على كل قسم، وخلف الكتب الأجنبية توجد قاعة واسعة، بها أيضا أحدث الكتب العربية سواء لمؤلفين عرب أو مترجمة عن مؤلفين أجانب من مشارب شتى. وإضافة لما يضمه ركن مكتبة «ديوان» من مجموعات الروايات ودواوين الشعر والمسرحيات، تجد في غرفة فسيحة ملحقة بردهة المكتبة مكانا مخصصا لاستقبال القراء الأطفال، إذ تحوي هذه الغرفة أحدث إصدارات القصص والمجلات للناشئة، بأجود أساليب الطباعة وأكثرها جاذبية.

ويكثر رواد المكتبة لعدة أسباب، فبالإضافة لطرازها الحديث مقارنة بمكتبات القاهرة العتيقة، تقع «ديوان» على بعد خطوات من شارع البرازيل الذي يضم عددا كبيرا من السفارات و3 كليات ذات طابع إبداعي، هي «التربية الفنية»، و«الفنون الجميلة»، و«التربية الموسيقية»، إضافة لوجود أكثر من 5 معارض فنية بهذا الشارع. كما أن مكتبة ديوان تصدر نشرة دورية كل 25 يوميا بقائمة «أفضل المبيعات».

أمير الناجي الذي يعمل مديرا للمشتريات بالمكتبة قال إن فكرة «ديوان» بدأت عام 2002 عندما اجتمع مجموعة من الأصدقاء، وقرروا أن يشتركوا في مشروع ثقافي يهدف إلى نشر التوعية وتغيير وجهة النظر السائدة عن المكتبات، وفي الوقت نفسه يثبتون للغير أن الاستثمار في الثقافة من الممكن أن يكون مربحا، وهؤلاء الأصدقاء هم: الدكتور زياد بهاء الدين نجل الكاتب الصحافي الراحل أحمد بهاء الدين، وهند واصف ونادية واصف مؤلفتا الكتاب الشهير «بنات النيل»، والدكتورة نهال شوقي أستاذ الأدب بالجامعة الأمريكية. مشيرا إلى أن هذه الكوكبة من المبدعين اختاروا ضاحية الزمالك الهادئة المشهورة باسم «حي السفارات» ليدشنوا مشروعهم على غرار المكتبات التي انبهروا بأناقتها في سفرياتهم للخارج.

وبحسب أمير، فإن «ديوان» قامت على فلسفة خاصة تسعى لخلق نوع من الألفة والمودة بين الزوار والمكتبة، موضحا أن بداية الفكرة كانت تقوم على إنشاء مكتبة أوروبية على أرض مصرية تضم حوالي مليون مصنف ما بين كتب محلية وعربية وعالمية بلغات مختلفة ومكتبة موسيقية وأخرى للأفلام الروائية والتسجيلية، و«بالفعل نجح القائمون على المكتبة في ذلك، وتنوعت الروافد الثقافية بداخلها، فهناك كتب أدبية وسياسية وفكرية وأخرى مخصصة للأطفال والشباب، بالإضافة إلى مكتبة كبيرة باللغة الإنجليزية».

وتأتي الألفة - بحسب أمير - من كون زائر المكتبة يستطيع أن يتلقى الكتاب بحرية كاملة، كأنه في منزله بالضبط.. «بإمكانه أن يتصفح الكتاب قبل أن يشتريه، كما يستطيع أن يشتري أي كتاب أو يتصل بالمكتبة ويصله الكتاب أو العمل الموسيقي أو السينمائي وهو في مكانه.. أي توفر خدمة توصيل ثقافية للمرة الأولى في مصر، كما إن بإمكان الزائر أن يجلس في المقهى الملحق بالمكتبة ويطالع ما يشاء مجانا».

واختار أصحاب المكتبة تصميما خاصا لها، أكسبها روحا وشكلا مميزين أسهما إلى درجة كبيرة في كسر الحاجز بين الثقافة والناس، أو كما قال أمير «نريد من القارئ أو الزائر العادي أن يحب المكتبة.. أن يرتبط بها ويجد فيها كل ما يبحث عنه. كما أن «ديوان» سعت أيضا لكسب روادها بطرق عديدة منها تنظيم ورش للحكي، يشارك فيها الأطفال، وكذلك حفلات توقيع لكبار الأدباء والكتاب مثل إدوار الخراط، وصنع الله إبراهيم، وبهاء طاهر، ومحمد سلماوي، وعلاء الأسواني، وغيرهم الكثير، وهو ما ساعد في زيادة شهرتها».

لم يتجاوز عمر المكتبة 7 سنوات، وبرغم ذلك أنشأت فروعا لها في عدة أماكن بعضها حيوي والبعض الآخر رمزي بغرض الدعاية والترويج، خاصة في ضواحي «مصر الجديدة» و«المعادي» و«المهندسين»، وأفرع أخرى في متاجر وفنادق منها «كارفور» بالإسكندرية و«ماريوت» و«قرية الدبلوماسيين» في الساحل الشمالي. وقال أمير إن «ديوان» تسعى لإنشاء فروع أخرى في بلدان عديدة حول العالم.