بارزاني: لا ندعو إلى انفصال أي جزء من العراق.. وبمعاداة الأكراد لن يستقر الوضع

رئيس إقليم كردستان كرر خلال لقاء بشيوخ عشائر عربية من الموصل رفضه لمجالس الإسناد

رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني أثناء لقائه بشيوخ قبائل عربية من الموصل، في مقر إقامته بأربيل (رويترز)
TT

مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات المقرر إجراؤها في أربع عشرة محافظة من أصل ثماني عشرة نهاية الشهر الحالي، تتعاظم مخاوف العشائر العربية القاطنة في محافظة نينوى من تنامي دور الحزبين الكرديين الرئيسيين، الاتحاد الوطني بزعامة جلال طالباني والديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، ودور قوات البيشمركة الكردية في التأثير على مجريات العملية الانتخابية، مثلما تتعاظم مخاوف الحزبين الكرديين وحكومة إقليم كردستان بخصوص المساعي الحثيثة التي تبذلها حكومة المالكي لاستقطاب زعماء القبائل والعشائر الكردية في مناطق نينوى وكركوك وديالي وتكريت عبر تشكيل مجالس الإسناد التي هي إحدى نقاط الخلاف الأساسية بين بغداد وأربيل.

ولتأكيد سلامة موقف الجانب الكردي وحسن نية أحزابه وحكومته ولتبديد مخاوف عشائر نينوى بهذا الشأن، شدد مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان على أن الكرد وقواهم السياسية ليسوا طامعين في الموصل إطلاقاً ولا يسعون لشيء سوى تقديم العون لـ «أهلها الطيبين»، وإعطائهم «خلاصة وعصارة التجربة الديمقراطية الراهنة في إقليم كردستان»، إضافة إلى «وقوف الكرد ضد كل ما من شأنه الإساءة إلى سكان نينوى، سيما أن كردستان كانت دوماً قلعة وملاذاً لكل العراقيين المناضلين» على حد تعبيره.

وأضاف رئيس الإقليم خلال استضافته مساء أول من أمس في مقره بمنتجع صلاح الدين بأربيل جمعاً من شيوخ ورؤساء العشائر العربية في نينوى أن «هناك أصواتاً تدعو إلى إخلاء الموصل من الكرد، في مسعى لخلق الفتنة والبغضاء بين العرب والكرد، فهل يمكن أن نضمن لأجيالنا القادمة مستقبلا مزدهراً عبر تبني ذلك النهج الشوفيني؟ ثم ألم يحن بعد أن نتأمل جيداً فيما حصدناه من القتال والصراعات والحروب؟». وتابع «علينا جميعاً أن نقف بالضد من أي اتجاه شوفيني عنصري سواء كان في الوسط الكردي أو العربي في العراق».

وفي تعليقه على ما يشاع في أوساط سكان الموصل حول اعتداءات وتجاوزات تنسب إلى أحزاب كردية، قال بارزاني إن ما يتردد بهذا الصدد هي أمور عامة ومن يمتلك معلومات دقيقة عن أشخاص أو جهات معينة فليعرضها علينا». مختتماً حديثه بالقول «لسنا نخشى من موقع ومكانة أي طرف أو جهة معينة، ولكن من يسعى إلى إخلاء مدينة في العراق من قومية معينة إنما يلحق الضرر بالعراق عموماً».

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن بارزاني تأكيداته بأنه لا يدعو إلى الانفصال وأن استقرار العراق «لن يكون عبر معاداة الأكراد».

وقال بارزاني «يجب أن يفهم الجميع أنه بمعاداة الأكراد لن يستقر الوضع»، لكنه استدرك مؤكداً «نحن لا ندعو إلى انفصال أي جزء من العراق، نريد وحدة البلد وتعزيز الوحدة الوطنية لكن بأساليب ديمقراطية اختيارية».

وجدد بارزاني رفضه تشكيل مجالس إسناد في المناطق الكردية وقال «كل تحرك لمحاربة الإرهاب سندعمه (...) لكن مجالس الإسناد في الحقيقة لها غايات أخرى». وتابع «لم أكن أقصد العشائر العربية لأن الوضع يختلف، كنت أقصد أساساً بعض رؤساء العشائر الكردية وقلة من العرب الذين يعيشون في المناطق المحاذية للأكراد». وأضاف «تحت ستار تشكيل مجالس الإسناد جرى الاتصال ببعض المجرمين الذين أسهموا في عمليات الأنفال (...) لقد قلت في حينه إن هذه خيانة ومحاولات خبيثة وأقولها الآن وسنقف ضدها وسوف نحاسب هؤلاء».

وقد دار سجال حاد بين القيادات الكردية ورئيس الوزراء نوري المالكي الشهر الماضي حول هذه المجالس التي يتوجس منها الأكراد، معتبرين أنها تستهدفهم. كما يعتبر خصوم رئيس الوزراء أنه يعمد إلى تشكيل مجالس الإسناد هذه لتوسيع قاعدته الشعبية قبل انتخابات المحافظات التي ستجري في 31 يناير (كانون الثاني) 2009.

ومن جانبه، أوضح الدكتور فؤاد حسين، رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان، لـ«الشرق الأوسط» أن «بعض الجهات والساسة العراقيين سعوا مؤخراً إلى تحجيم أو تقليص الدور أو الوجود الكردي في الموصل مما ترك أثراً سلبياً لدى البعض من سكان المنطقة، عليه فإن لقاء الرئيس بارزاني مع شيوخ عشائر نينوى جاء لتوضيح الأمور الغامضة والتأكيد مجدداً على ثوابت الجانب الكردي الداعي باستمرار إلى تعزيز أواصر الأخوة والتعايش الكردي العربي في العراق، وقد جرى تبادل وجهات النظر بين الطرفين بخصوص الكثير من القضايا التي تخص المحافظة والعلاقات المستقبلية بين الكرد والعرب، وقد أكد الشيوخ من جانبهم على أهمية مثل هذه اللقاءات والاستناد إلى نتائجها للعمل المشترك مستقبلا». ونفى حسين أن «يكون حديث بارزاني قد انطوى على رسائل تحذير ضمنية للعشائر العربية بعدم الانضمام إلى مجالس الإسناد» التي تنوي حكومة المالكي تشكيلها في نينوى وقال «لقد أوضح رئيس الإقليم مجدداً موقف القيادة الكردية مما يسمى بمجالس الإسناد» مؤكداً أن «هناك فرقاً كبيراً بين مجالس الصحوة التي تشكلت لمحاربة الإرهاب ومجالس الإسناد المشكلة لأغراض سياسية مثلما هناك فرق بين مجالس الإسناد المشكلة في بعض مناطق إقليم كردستان عبر الاتصال بعملاء النظام السابق من الكرد، وتلك المشكلة في المناطق الأخرى من العراق».