أوباما يقسم اليمين الدستورية: أميركا جاهزة للقيادة

أوباما في خطاب التنصيب: «طريق جديد» مع العالم الإسلامي.. وانسحاب مسؤول من العراق.. وإنعاش الاقتصاد أولوية.. وتحذير للمتطرفين

أوباما يحيي الجماهير وهو يلقي خطابه بعد أدائه اليمين الدستورية (أ.ب.أ)
TT

أصبح باراك أوباما أول رئيس أسود للولايات المتحدة، بعدما أدى اليمين الدستورية أمام جماهير دبت فيها الحماسة، خصوصا عندما شدد في خطاب القسم على أن الشعب الأميركي اختار «الأمل عوضا عن الخوف»، في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة أزمة اقتصادية كبيرة وتخوض حربين.

في خطاب تنصيب تاريخي كان منتظرا من العالم كله، وشاهده في واشنطن ما لا يقل عن مليوني شخص، احتشدوا في حدائق «ناشونال مول» بواشنطن، فيما شاهده على تليفزيونات العالم أكثر من مليار شخص، وجه الرئيس الأميركي باراك أوباما رسائل إلى الأميركيين وإلى العالم الخارجي، متحدثا إلى العالم الإسلامي الذي قال إنه سينتهج «طريقا جديدا إلى الأمام» معه، وذلك في خطاب تنصيبه الذي ألقاه بعد أدائه اليمين الدستورية، ليصبح الرئيس الرابع والأربعين في تاريخ أميركا، وأول رئيس أميركي من أصول إفريقية. وكان لافتا أن أوباما، الخطيب المفوه، تلعثم مرتين في أثناء أداء اليمين، مما اضطر رئيس السلطة القضائية جون روبرتس إلى إعادة بعض عبارات القسم الدستورية ببطء، وبعبارات أقصر، وأوباما يرددها وراءه.

وفي خطاب استهله أوباما بالتركيز على الرمزية التاريخية لانتخاب أول رئيس أسود، مذكرا بالآباء المؤسسين و«القيم» التي تحدد عظمة أميركا، حدد أوباما أولويات إدارته الجديدة، وعلى رأسها الاقتصاد، والانسحاب المسؤول من العراق، ومحاربة التطرف، وفتح صفحة جديدة من قيادة أميركا للعالم، مؤكدا: «أميركا جاهزة للقيادة»، وأن «العظمة لا تعطي، بل تكتسب.. والقوة وحدها لا تضمن الأمن».

وشدد أوباما على أن الاقتصاد الأميركي يحتاج إلى عمل «جريء وعاجل»، وتعهد بخلق الوظائف الجديدة وإرساء أسس النمو. كما وجه رسالة إلى العالم الإسلامي قائلا «إلى العالم الإسلامي: نحن نسعى من أجل انتهاج طريق جديد إلى الأمام، استنادا إلى المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل»، غير أنه في الوقت نفسه حذر المتطرفين في كل أنحاء العالم من أنهم لن ينجحوا في إضعاف الولايات المتحدة، مؤكدا أن الأخيرة «ستنتصر عليهم». وأكد أوباما أن أميركا ستبدأ، بشكل مسؤول، انسحابا من العراق، موضحا: «سنبدأ بترك العراق لشعبه، في شكل مسؤول، وببناء سلام يتطلب جهودا كبيرة في أفغانستان».

وقال أوباما إن الولايات المتحدة اختارت «الأمل، عوضا عن الخوف»، مشددا على أنها ستنهض لمواجهة التحديات الكثيرة. وتابع: «نحن مجتمعون لأننا اخترنا الأمل عوضا عن الخوف، إرادة العمل معا بدل النزاع والتفرقة.. في هذا اليوم، جئنا لنقول إن الوعود الكاذبة انتهت.. بعدما ظلت سياستنا مخنوقة لوقت طويل».

وكان أوباما قد أدي اليمين الدستورية في حفل أقيم أمام مقر الكونغرس، متعهدا باحترام دستور البلاد. وأدى أوباما اليمين على الكتاب المقدس الذي أدى عليه أبراهام لينكولن اليمين، رافعا يده اليمنى مرددا نص القسم، ليخلف ذلك رسميا جورج بوش. وقال: «أنا باراك حسين أوباما، أقسم إنني سأنفذ، بأمانة، مهام منصب رئيس الولايات المتحدة، وسأعمل بأقصى ما لدي من قدرة على صيانة وحماية دستور الولايات المتحدة، والذود عنه». وقبل أوباما، أقسم نائبه جو بيدن اليمين كنائب للرئيس الأميركي.

ولا يتوقع أن يخلد أوباما للراحة في اليوم الأول له في البيت الأبيض، فوفقا لمصادر قريبة منه، يتوقع أن يبدأ أوباما فورا نظر القضايا الساخنة على جدول أعماله، وعلى رأسها الوضع الاقتصادي والصراع في الشرق الأوسط، وفي هذا الإطار ذكرت صحيفة «واشنطن بوست»، أمس، أن أوباما ينوي هذا الأسبوع، تسمية المهندس السابق لعملية السلام في أيرلندا الشمالية، جورج ميتشل، موفدا للشرق الأوسط للتعامل فورا مع النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني. وقالت «واشنطن بوست» نقلا عن مساعدي أوباما، إن الرئيس الأميركي سوف يعين ميتشل اليوم بعد الموافقة المرتقبة لمجلس الشيوخ على تعيين هيلاري كلينتون وزيرة للخارجية. واختتم يوم التنصيب بالرقص، إذ شارك أوباما وزوجته في عشر حفلات راقصة رسمية من أصل مئات الحفلات المقررة في العاصمة.

إلي ذلك، تجري أجهزة الأمن والاستخبارات الأميركية تحقيقا حول «تهديد محتمل مشكوك» بصدقيته، على ما أفادت وزارة الأمن الداخلي في بيان. وذكرت الإذاعة المحلية «دبليو تي أو بي» أن الأجهزة الأمنية تلقت معلومات حول تهديد محتمل من حركة «الشباب المجاهدين» الإسلامية الصومالية، التي تمتلك خلية في الولايات المتحدة. وانتشر احتياطيون من الحرس الوطني في إطار أكبر عملية أمنية تنظم في مراسم تنصيب رئاسية، شملت 12500 عسكري، وآلافا من عناصر الشرطة. ويحلق الجيش بمروحيات فوق العاصمة، ويجوب مياه نهر بوتاماك بطرادات سريعة، وهو على أهبة الاستعداد لإطلاق صواريخ أرض - جو، ومواجهة أي خطر بحصول اعتداء كيميائي أو بيولوجي.

وبعد انتهاء مراسم التنصيب، غادر الرئيس الأميركي السابق جورج بوش مبنى الكابيتول في واشنطن، على متن مروحية قبيل الساعة 00:18 ت.غ، في نهاية ولايته الرئاسية التي امتدت ثمانية أعوام. وكانت المروحية تنتظر الزوجين بوش أمام الواجهة الشرقية لمبنى الكابيتول من الجهة الأخرى للمبنى، حيث جرت مراسم قسم اليمين وتنصيب أوباما. وكان من المتوقع أن يرتاح الزوجان بوش أولا في قاعدة أندروز الجوية في ضاحية واشنطن، قبل أن يستقلا الطائرة إلى تكساس، الولاية التي كان الرئيس جورج بوش حاكما لها قبل توليه الرئاسة في عام 2001، وحيث يملك مزرعة. وكان بوش قد غادر في وقت سابق البيت الأبيض للمرة الأخيرة بالسيارة برفقة خلفه أوباما، بعد أن تناولا معا القهوة مع بعض فريقي الرئيسين.