كاتب فرنسي يهودي لـ«الشرق الأوسط» : مشعل ألمح لي بإمكانية الاعتراف بإسرائيل

ماريك هالتير التقى رئيس المكتب السياسي لحماس في دمشق عشية الهجوم على غزة

TT

روى الكاتب والروائي الفرنسي ماريك هالتير تفاصيل لقائه مع خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في «إحدى ضواحي دمشق» وما يعتبره تحولا في آيديولوجية حماس واستعدادها للاعتراف بإسرائيل. وقال هالتير وهو كاتب وروائي يهودي فرنسي من أصل بولندي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنه التقى مشعل في دمشق بمناسبة زيارة قام بها إلى سورية أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي وأن اللقاء «حصل عشية بدء الحرب والعملية الإسرائيلية» ضد غزة.

وبحسب ما رواه هالتير، فإن مشعل سأله بداية عمن يريد الحديث معه وكان رده أن مجرد اللقاء حدث بذاته «إذ إنه يجمع وجها لوجه شخصا يرفض الاعتراف بوجود إسرائيل والآخر يؤيد وجودها». وهنا بادر مشعل إلى القول: «أنا مستعد للحديث مع إسرائيل على قاعدة حدود 4 يونيو عام 1967». وقال هالتير إنه طلب من مشعل تكرار ما قاله وأن الأخير كرر ذلك مرتين «إلى درجة أن ذلك أثار دهشة مترجمي السوري». ورغم أن مشعل لم يقل «أنا أعترف أو أنا مستعد للاعتراف بإسرائيل في حدود..»، غير أن هالتير عبر عن يقينه أن المقصود من كلام مشعل هو «إعلان الاستعداد للاعتراف بإسرائيل داخل حدود 4 يونيو 1967 والاعتراف بالحدود يعني الاعتراف بما هو وراءها وإلا فما معنى القول إنه مستعد للحوار مع إسرائيل على قاعدة هذه الحدود»؟وقال هالتير لـ«الشرق الأوسط» إنه «طلب من مشعل الإعلان عن استعداده للحديث مع إسرائيل على قاعدة حدود عام 1967 علنا». وسأل مشعل عما إذا كان يريد نقل الرسالة إلى الإسرائيليين وكان جوابه «لم لا؟ لكن يجب نقلها إلى الرئيس ساركوزي» في إشارة إلى علاقة الصداقة التي تربط الكاتب اليهودي بالرئيس الفرنسي. وقال هالتير إنه «نقل الرسالة» للمسؤولين الإسرائيليين لكنه لم يلق منهم جوابا «لأن الحرب في غزة كانت قد بدأت».

ولما سأل هالتير رئيس المكتب السياسي لحماس عما إذا كانت هناك فروق بينه وبين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بشأن الاعتراف بإسرائيل بعد هذا «التحول الآيديولوجي» أجاب مشعل بما يلي: «ثمة فرقان رئيسيان: الأول، أن حماس تتمتع بشرعية الانتخاب بموجب انتخابات عام 2006 حيث أعطاها الفلسطينيون أكثرية نيابية في انتخابات شفافة وديمقراطية وتحت إشراف دولي والثاني، أن أبو مازن ليست له القوة لضمان قبول وتنفيذ اتفاق سلام يوقعه مع إسرائيل بينما حماس لديها القدرة والقوة على ضمان تنفيذ توقيعها في حال توصلت إلى اتفاق مع الجانب الإسرائيلي». وعما قصده خالد مشعل بالقوة، أجاب هالتير أنه «كان يعني بالطبع القوة العسكرية».

ويرى الكاتب اليهودي أن «استعداد مشعل للحديث مع إسرائيل أي الاعتراف بها في حدود عام 1967 يمكن تفسيره على ضوء التغيرات الحاصلة في الشرق الأوسط وهي ثلاثة أولها أن النفط أصبح سلاحا أكثر هشاشة في الوقت الحاضر ما يعني أن العالم العربي سيصر على الرئيس الأميركي الجديد أوباما لكي يدفع إسرائيل لتوقيع اتفاق سلام على قاعدة مبادرة السلام العربية. أما العنصر الثاني فهو إعلان الرئيس السوري استعداده لمفاوضات مباشرة مع إسرائيل بعد جولات المفاوضات غير المباشرة بوساطة تركية وثالثا التحول الممكن في سياسة واشنطن إزاء طهران علما بأن معلومات تفيد عن بدء الاتصالات بين الجانبين».

وفي اعتقاد هالتير أن هذه العناصر تدفع باتجاه مواقف أقل تشنجا. ويضيف هالتير عنصرا رابعا وهو رفض رئيسة كاديما تشكيل حكومة إسرائيلية بضم حزب شاس إلى التحالف الذي كانت تبنيه لرفضها اشتراط شاس إخراج القدس من المفاوضات مع الفلسطينيين مما يفهم على أنه قبول لتكون القدس عاصمة الدولة الفلسطينية. وخلاصة هالتير أن مشعل يعي أن التوجه العام في المنطقة هو نحو مواقف أكثر اعتدالا مما يفسر عبارته بالاستعداد لقبول إسرائيل في حدود عام 1967. وقال هالتير إنه أثار مع مشعل موضوع الفائدة المرجوة من إطلاق الصواريخ على جنوب إسرائيل وتوفير حجة لها من أجل الرد العسكري العنيف عليها. وكان جواب مشعل أن إسرائيل «لا تفهم إلا لغة القوة وإذا ردوا علينا عسكريا فباستطاعتهم أن يربحوا الحرب الميدانية لكننا سنربح معركة الرأي العام الدولي إذ عندما سيرى العالم أطفالنا يموتون عندها ستكون إسرائيل قد خسرت الحرب». وأثار هالتير مع مشعل احتمال فوز بنيامين نتنياهو بالانتخابات الإسرائيلية ما سيدفع إسرائيل إلى مواقف أكثر تشددا. وبحسب الكاتب الفرنسي، فإن مشعل رد قائلا إنه «يعرف نتنياهو الذي حاول تسميمي» في إشارة إلى محاولة اغتياله في عمان عن طريق حقن مواد سامة في إحدى أذنيه، ومع ذلك أضاف مشعل أن «لا حقد لديه» وأن الانتخابات «شأن إسرائيلي» وبأي حال إذا فاز نتنياهو بها فإنه «سيكون مضطرا للتفاوض معنا وأنا مستعد للتفاوض معه». ونبه مشعل الإسرائيليين بقوله إنه «يتعين عليهم التفاوض معنا وإلا سيكونون مضطرين للتفاوض مع مجموعات أكثر تشددا من حماس».

وأشار هالتير إلى أنه «شجع المسؤولين الفرنسيين» على تغيير مقاربتهم إزاء حماس وأنه تحدث بخصوص ذلك مع صديقه برنار كوشنير، وزير الخارجية ومع الرئيس ساركوزي، مضيفا أنه يعتقد أنه حصل تواصل بين «البعثة الفرنسية» التي كانت في دمشق في إشارة إلى زيارة الرئيس ساركوزي إلى العاصمة السورية في الأسبوع الأول من ديسمبر (كانون الأول) وبين مسؤولين من حماس و«لكن ليس مشعل بالضرورة».