إقبال كبير على صناديق الاقتراع في الأنبار في ما اعتبره ناخبون «يوم التغيير»

الانتخابات صارت «واجبا» بعد أن كانت «حراما» إبان سيطرة «القاعدة»

TT

شهدت صناديق الاقتراع في مدن محافظة الأنبار إقبالا كثيفا من الناخبين في تحول جذري عن مقاطعتهم للانتخابات السابقة. فبعدما كانت الانتخابات تعد «حراما» وفقا لفتاوى عديدة في انتخابات عام 2005، فإن عملية الاقتراع أمس اعتبرت «واجبا».

وحسب أركان جابر أحد مسؤولي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في الأنبار، فإن الإقبال على مراكز الانتخاب كان «كبير جدا»، مؤكدا وجود «فرق شاسع» بين الانتخابات السابقة والحالية. ومؤكدا وجود 277 مركزا انتخابيا. ويتنافس 551 مرشحا، بينهم 142 امرأة، ضمن 35 لائحة، على 29 مقعدا في المحافظة التي شكلت أبرز معاقل «القاعدة» بين عامي 2003 و2006. وأوضح جابر لوكالة الصحافة الفرنسية «لقد تغيرت قناعات الناخبين من حيث المشاركة في العملية السياسية» مشيرا إلى «دور رجال الدين في توعية الناخبين بضرورة التصويت، بالإضافة إلى الدور الكبير لتحسن الأوضاع الأمنية في إنجاح الانتخابات».

وقررت عشائر الأنبار بعد نجاحها في إزاحة تنظيم «القاعدة»، استلام السلطات المحلية عبر خوض الانتخابات في ظل أجواء من التنافس المحموم مع الحزب الإسلامي الذي يسيطر على مقدرات المحافظة بعد أن شارك في الانتخابات الماضية. وكان 3765 ناخبا فقط، أي ما نسبته اثنان في المائة، شاركوا في انتخابات عام 2005 في مراكز اقتراع في الفلوجة وبغداد، وفاز الحزب الإسلامي فيها.

وأبرز الكيانات السياسية المتنافسة تلك التي يدعمها زعيم «مؤتمر صحوة الأنبار» الشيخ أحمد بزيع افتيخان أبو ريشة، قائلا إنها تمثل «أبرز الرموز الذين وافقت عليهم غالبية العشائر». وتنتمي عشائر الأنبار العربية السنية، وعددها حوالي 42، إلى قبيلة الدليم. وقد حملت عشائر الأنبار السلاح في وجه تنظيم «القاعدة» والمجموعات المتطرفة الأخرى، وانضوت ضمن «مؤتمر صحوة الأنبار» بدعوة من عبد الستار أبو ريشة، اعتبارا من منتصف سبتمبر (أيلول) 2006. يذكر أن أبو ريشة لقي مصرعه منتصف سبتمبر (أيلول) 2007 بعد أسبوع من استقباله الرئيس الأميركي السابق جورج بوش في منزله في الرمادي. وقال الشيخ أحمد أبو ريشة إن القاعدة «جاءت إلى المحافظة من الخارج وقضي عليها هنا».

من جهته، قال ماجد حميد أثناء توجهه إلى مركز اقتراع في وسط الرمادي (110 كم غرب بغداد) «حلقت ذقني وتعطرت وارتديت بدلتي، فنحن سعداء لأنه يوم التغيير، وأملنا كبير في أن يستطيع الناخبون تحقيق طموحاتنا». بدوره، أكد أبو رياض (42 عاما) الناشط في «أنصار السنة» في السابق «عندما كنت أعمل في الجماعات المسلحة خلال الانتخابات السابقة، أفهمتنا قياداتنا العليا أن الانتخابات غير شرعية، ومن ينتخب يعتبر خارجا عن الدين». وأضاف «شخصيا، كنت مقتنعا جدا بذلك، لكن بعد بروز الصحوة، توصلنا إلى قناعة بأن الحل يكون سياسيا وليس عسكريا، لأن القوى غير متكافئة بيننا وبين أميركا، لذا تم تصحيح الكثير من مفاهيمنا». وتابع أبو رياض «أشارك في الانتخابات لكي أعوض ما فاتني، فهي شرعية ويجب على كل عراقي غيور أن ينتخب من يمثله، حتى لا تتكرر إخفاقات السابق».

بدورها، تقول أم أحمد، في الستينات من العمر وترتدي العباءة السوداء التقليدية، «اليوم، أريد انتخاب من يمثلنا من أجل ضمان المستقبل، لأن الموجودين حاليا لم يوفروا لنا الكهرباء ولا حتى الماء».

وفي الفلوجة (50 كم غرب بغداد)، وهي من أبرز معاقل المقاتلين سابقا، قال الناخب طه عبد الله «هناك فارق شاسع بين العملية الانتخابية المرة الماضية والمرة الحالية (...) فقد سبق وأن أدليت بصوتي المرة السابقة». وقالت زكية أحمد (45 عاما) في وسط الفلوجة مع عائلتها وترتدي حجابا أسود «المرة الماضية كانت الظروف صعبة جدا ولم نستطع التصويت». وبدوره، قال الشاب أسامة قيس (20 عاما) الذي كان برفقتها «أنا مسرور لأنني أدليت بصوتي اليوم». من جهته، قال رجب الرازق مسؤول المفوضية العليا للانتخابات في المنطقة «نعتقد أن نسبة المشاركة ستكون في حدود 60% على الأقل».