ولد داداه: نسعى لحل توافقي بشأن الانتخابات.. والبت في مشاركتنا سابق لأوانه

عرض في حوار مع «الشرق الأوسط» مبررات «تفهمه» للانقلاب ثم رفضه دخول الحكومة

TT

مضت 6 أشهر على الانقلاب العسكري الذي شهدته موريتانيا وما زالت الأزمة السياسية تراوح مكانها. وبينما يحتدم الصراع بين جبهة الدفاع عن الديمقراطية المتشبثة، بعودة الرئيس المطاح به، والمجلس الأعلى للدولة الحاكم الذي أبدى استعداداه لأي حل لا يتضمن هذه العودة، يقف زعيم المعارضة رئيس حزب «تكتل القوى الديمقراطية» أحمد ولد داداه، على مسافة واحدة بين طرفي النزاع بعد أن أعلن تفهمه لـ«حركة التصحيح»، التي قادها العسكر للإطاحة بمنافسه في الانتخابات الرئاسية الماضية، سيدي ولد الشيخ عبد الله. «الشرق الأوسط» التقت زعيم المعارضة في نواكشوط وأجرت معه الحوار التالي، الذي قال فيه إن مشاركته في انتخابات الرئاسة المقبلة سابق لأوانه، وشرح كيف أنه كان قد دعا الرئيس المطاح به إلى الاستقالة «لعجزه عن أداء مهامه»، لكن بقاء الجيش في السلطة لن يخرج البلاد من أزمتها السياسية الحالية.

> أبديتم تفهما للحركة «التصحيحية» التي قادها الجنرال محمد ولد عبد العزيز، وأعلنتم استعدادكم المبدئي للدخول في الحكومة ثم تراجعتم، وشاركتم في الأيام التشاورية، لكنكم لم تعترفوا بنتائجها. أليس هناك اضطراب في تعاطيكم مع المرحلة الجديدة؟ ـ وقعت حركة الانقلاب في 6 من أغسطس (آب) 2008، والبلاد تعيش أزمة سياسية دامت عدة أشهر، تُوّجت بخروج الأغلبية البرلمانية عن سيطرة رئيس الجمهورية، عندما رفض ممارسة النواب في الجمعية الوطنية لحقهم في محاسبة الحكومة بطرح ملتمس لحجب الثقة، مما أدى إلى انسداد سياسي حقيقي أدى إلى تعطيل مؤسسات الدولة، وخاصة الرئاسة والبرلمان، في وقت كانت موريتانيا تعيش أوضاعا اقتصادية واجتماعية خطيرة، أدت إلى انتشار المجاعة في أنحاء البلاد. هذا هو الوضع الذي جرت فيه حركة 6 أغسطس، مما جعل الحزب يعلن أنه يتفهم أسبابها، وفي الوقت قدم الحزب عريضة للمجلس الأعلى للدولة الجديد، تتضمن شروطه للمشاركة في حكومة ائتلافية جديدة في مقدمتها:إبعاد جميع أفراد القوات المسلحة وقوات الأمن من الترشح للانتخابات, ووضع آليات وتقديم ضمانات كفيلة بتنظيم انتخابات, وتحديد فترة انتقالية لا تتجاوز 12 شهرا, وتحديد برنامج المرحلة الانتقالية بالتشاور مع مختلف الفاعلين السياسيين في البلد, وتشكيل حكومة وحدة وطنية تسيّر المرحلة الانتقالية. وعندما لم يلبّ المجلس هذه الشروط رفض الحزب المشاركة في الحكومة الجديدة، لكنه ظل على صلة بالمجلس الأعلى والفاعلين السياسيين.

كذلك قرر الحزب حضور المنتديات العامة للديمقراطية، آملا أن تقدم اقتراحات للخروج من الأزمة. وعندما تأكد أن الجهات الرسمية لم تفِ بما التزمت به، وسمحت لجهات خارجة عن المنتديات بتحريف عدد من القرارات التي صادقت عليها اللجان القطاعية، إضافة إلى إقحام بعض المسائل غير المدرجة في برنامج المنتديات، أعلن الحزب رفضه لهذا الانحراف ورفضه لكل نتائج لا تتفق مع ما صادقت عليه اللجان.

> هل تتوقعون بقاء العسكر في السلطة لفترة طويلة على ضوء معطيات توصيات الأيام التشاورية؟

ـ نعتبر أن بقاء الجيش في الحكم لن يخرج البلاد من أزمتها الحالية الداخلية والخارجية، كما سيكون امتدادا للأوضاع الخطيرة التي تعيشها موريتانيا نتيجة الأنظمة العسكرية، كما أسلفنا.

> يعتبر حزب تكتل القوى الديمقراطية الذي تتزعمونه، أكثر أحزاب المعارضة تمثيلا في البرلمان. هل لديكم استعداد للتنسيق مع جبهة الدفاع عن الديمقراطية المناوئة للانقلاب بهدف مواجهة العسكر؟

ـ نحن على صلة دائمة بجبهة الدفاع عن الديمقراطية، ونلتقي معها في عدة أمور، أهمها معارضة استمرار الحكم العسكري، بينما يحتدم الخلاف بيننا حول الموقف من وضع الرئيس السابق الذي يعتبرونه رئيسا شرعيا.

> هل أصبحت هناك قطيعة سياسية حقيقية بين حزبكم والمجلس الأعلى للدولة، بعد إصراره على تعديل الدستور وعدم إضافة شروط جديدة للرئاسة؟

ـ ليس من ديدن حزب تكتل القوى الديمقراطية رفض الحوار ولا انتهاج أسلوب القطيعة، خاصة أن هذا الحزب - كما أشرتم - يتمتع بحضور مؤثر في البرلمان، حيث يعتبر أكبر الأحزاب في البلاد وأكبرها تمثيلا في هذه المؤسسة الوطنية، إضافة إلى أنه يسيطر على نحو خُمس المجالس البلدية في البلاد، وخاصة في المدن الكبرى. إضافة إلى ذلك فإن حزب التكتل حزب معارض يتابع سياسة البلاد، ومن المفروض أن يشارك في توجيهها كما تقرر النصوص، كما يتولى رئيسه رئاسة مؤسسة المعارضة الديمقراطية، لذلك فلا مجال للقطيعة مع المجلس الأعلى للدولة ولا حكومته، حتى وإن كنا نعارض بعض التوجهات كما عبرنا في ردودنا السابقة بشأن نتائج المنتديات العامة للديمقراطية، وسنتابع الحوار مع السلطة وجميع الطيف السياسي دون استثناء.

> هل ستشاركون في الانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو (حزيران) المقبل، أم ستقاطعونها؟ وهل هناك من شروط لهذه المشاركة؟

ـ إن هذا السؤال سابق لأوانه لأننا ما زلنا نأمل في التوصل إلى حل توافقي يتضمن عدم ترشح أعضاء المجلس العسكري الحاكم لهذه الانتخابات، لضمان تكريس حكم ديمقراطي حقيقي وتنحي العسكر عن السلطة، وعلى كل حال فإن حزب تكتل القوى الديمقراطية سيعمل على تقييم جميع المعطيات قبل اتخاذ قرار حاسم بشأن هذه المشاركة أو عدمها.