مئات الآلاف إلى شوارع روسيا احتجاجا على فشل سياسات الحكومة الاقتصادية.. والشرطة تعتقل العشرات

ميدفيديف: أنا وبوتين زميلان .. لكن أقدم ملاحظاتي عندما تخطئ الحكومة

TT

خرج مئات آلاف المتظاهرين إلى شوارع روسيا أمس، للاحتجاج ضد تفاقم الأزمة الاقتصادية وسياسات الحكومة الاقتصادية التي دفعت الكثير من المؤسسات إلى تسريح الآلاف من العمال. ورغم رفض السلطات الرسمية التصريح لأحزاب المعارضة بإقامة التظاهرات، واقتصار منحها تصريحا بالتظاهر لممثلي الحزب الحاكم «حزب الوحدة الروسية»، خرج أنصار الحزب الشيوعي والحزب الليبرالي الديمقراطي المعروف باسم «حزب جيرينوفسكي»، إضافة إلى الأحزاب اليمينية والقومية المتطرفة غير المعترف بها، إلى شوارع موسكو، ينددون بسياسات الحكومة الروسية ويطالبون باستقالتها. وتحرك المتظاهرون إلى قلب العاصمة حاملين رايات «الجبهة المدنية الموحدة»، ورافعين شعارات الاحتجاج على ما وصفوه بالسياسات المعادية لمصالح الشعب. وكان الحزب الحاكم قد انتزع موافقة السلطات الرسمية على مظاهرات أنصاره الذين خرجوا لمواجهة ممثلي المعارضة تحت شعارات تغرق في مديح سياسات الحكومة وتنادي بدعمها وتأييد سياسات بوتين وميدفيديف. وشهدت شوارع موسكو أمس مصادمات بين رجال الشرطة وبعض ممثلي الأحزاب اليمينية ممن خرجوا إلى قلب العاصمة ينادون برحيل الحكومة وإلغاء الكثير من الرسوم والضرائب وتخفيض أسعار الخدمات السكانية والمعيشية وطرح الحلول المناسبة لمواجهة الأزمة والتخلي عن إجراءات دعم من يسمونهم بالقطط السمان ودوائر الاوليغاركيا. وكشف ممثلو منظمات حقوق الإنسان اعتقال الشرطة لعدد من قيادات حركة «روسيا المغايرة» ومسيرات الرفض، ومنهم ادوارد ليمونوف زعيم الحزب البلشفي القومي المتطرف.

وكان الرئيس الروسي قد انتقد عددا من جوانب سياسات الحكومة في حديثه الذي أدلى به إلى الصحافة البلغارية بمناسبة افتتاح احتفالات «عام بلغاريا في روسيا». وقال ميدفيديف إن الصداقة التي تجمعه بفلاديمير بوتين، رئيس الحكومة، لا تمنعه من توجيه انتقاداته إلى الحكومة، مشيرا إلى انه لا يستطيع أن يغفل المشاكل القائمة. وأشار إلى انه يلفت نظر الحكومة والوزراء إلى النواقص والسلبيات الموجودة «وهو ما يعد أمرا طبيعيا». وقال «علاقاتي جيدة جدا مع رئيس الوزراء، ونحن زميلان قديمان. ولقد عملت تحت قيادة بوتين عندما كان رئيسا، ونحن الآن نعمل معا، أنا بصفتي رئيسا وهو بصفته رئيسا للوزراء عينته، لذلك فنحن رفاق جيدون». وأضاف «لكن هذا لا يعني أن الرئيس يغمض عينيه عن المشاكل القائمة. وعندما ألتقي الحكومة، أقدم ملاحظاتي عن أخطائها، وهذا أمر طبيعي جدا». وتابع «هذا إجراء طبيعي لا يقوم على طموحات شخص ما، بل على مصالح بلادنا. وعلى هذه الأمور أستند، ويفعل رئيس الوزراء الشيء نفسه، لذلك ليس ثمة مشاكل». ويعتبر بعض المحللين أن بوتين ما زال، مذ لم يعد رئيسا، وأصبح رئيسا للوزراء، الرجل الأقوى في روسيا.

وجاء ذلك بعد انتقاد ميدفيديف للحكومة عندما قال إنها لم تنفذ من المهام التي أوكلها إليها في إطار برنامج مواجهة الأزمة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، سوى ثلاثين في المائة. وقد جاءت هذه الأخبار في أعقاب تناول الصحافة الأجنبية لما وصفته ببوادر الخلافات بين الرفيقين، التي سرعان ما تصدى لها دميتري بيسكوف المتحدث الرسمي باسم الحكومة الروسية. وكان بيسكوف قد اعترف بأن الخلافات بين الثنائي «ميدفيديف – بوتين»، أمر طبيعي، وان الصداقة لا تزال تربط بينهما بالرغم من انتقاد الرئيس لنشاط الحكومة، حيث لا يرى أحد في ذلك أي تناقض.

وأعاد بيسكوف تأكيد أن بوتين وميدفيديف لا يخلطان بين الخاص والعام، أي بين صداقتهما الشخصية وبين دقائق العمل، فيما ينشد كلاهما مصلحة الدولة. وجدير بالذكر أن ميدفيديف كان تقدم باقتراح تعديل دستوري يقضي بضرورة تقديم الحكومة لتقرير عن نشاطها إلى مجلس الدوما، وهو ما جرى إقراره في مجلسي الدوما والاتحاد، وما سيلتزم به بوتين الذي صار مدعوا إلى تقديم أول تقرير له أمام مجلس الدوما خلال الربع الأول من هذا العام.