«المركزي» اللبناني يعتمد خطة تسليفية لمنع السقوط في الركود

بعد نجاحه في تجنب «الأصول المسمومة»

TT

لم يستسلم حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، للثناء والاطراء اللذين يتلقاهما على السياسة التي وصفت بالحكيمة والتي اتبعها المصرف، والتي حالت دون تأثر لبنان بسموم الازمة المالية العالمية، التي ضربت في كل اتجاه، بل ما لبث أن وجد نفسه أمام مواجهة جديدة تقتضي منه العمل سريعاً للحؤول دون سقوط لبنان في الركود، الذي قد يكون نتيجة للركود الاقتصادي الذي ضرب الاقتصاد العالمي من أدناه الى أقصاه، ومن شماله الى جنوبه، ومن غربه الى شرقه.

ويمحص سلامة حالياً مع فريق عمله، في خطة تهدف الى تشجيع المصارف التجارية على الاقراض بالليرة اللبنانية، في ضوء التحول الواسع من الدولار الى الليرة اللبنانية منذ اندلاع الازمة المالية العالمية. وتقضي هذه الخطة بدعم القروض بالليرة، وبخفض معدلات الاحتياط الالزامي بالليرة المفروض على المصارف التجارية، وما يشجع على ذلك هو استمرار الدولرة في التراجع، بحيث وصلت خلال الاشهر الاحد عشر الاولى من العام المنصرم الى 69.7 في المائة، مقابل 77.3 في المائة في ديسمبر (كانون الاول) عام 2007. يضاف الى ذلك تدخل المصرف المركزي العام الماضي في سوق القطع شاريا، وبالسعر الادنى، 8 مليارات دولار، من بينها 3 مليارات دولار خلال الاشهر الثلاثة الاولى من اندلاع الازمة المالية. وقد اتاحت هذه التحولات، التي يتوقع لها الحاكم ان تستمر هذا العام، تعزيز موجودات المصرف المركزي بالعملات الصعبة، التي ناهزت في نهاية العام المنصرم 20 مليار دولار.

وفي اعتقاد الحاكم ان هذا الطلب المتواصل على الليرة اللبنانية من شأنه ان يشجع ايضا على خفض الفوائد على شهادات الايداع بالليرة اللبنانية، ويسهل بالنتيجة استبدال اليوروبوندز، التي تستحق خلال العام الحالي، والتي يبلغ اجماليها 2.6 مليار دولار. واذا كانت المصارف التجارية يمكن ان تجد صعوبة في ادارة فائض السيولة بالليرة لديها، لان هذا الفائض إما ان يستثمر في ادوات مالية كسندات الخزينة، الامر الذي سيزيد من تعرض المصارف للخطر الناتج عن هذه الادوات، وإما ان يتحول الى قروض الى القطاع الخاص، التي لا تزال الفائدة عليها عالية، فان خطة المصرف المركزي تهدف الى ايجاد حل لهذه المشكلة، عن طريق اختيار افضل السبل لمحاربة الشروط القاسية المفروضة على الاقراض، وهي الشروط التي ساهمت في اغراق الكثير من دول العالم في الركود، ومحاربتها تفضي الى دعم النمو الاقتصادي، الذي توقع الحاكم ان يبلغ نحو 6 في المائة عام 2008، وان يبلغ معدل التضخم بين 8 و10 في المائة. وفي الوقت الذي يتوقع المحللون صورة قاتمة للاقتصاد العالمي العام الحالي، يتوقعون نموا ايجابيا في لبنان، كما فعل صندوق النقد الدولي الذي توقع نموا في لبنان عام 2009 بنسبة 5 في المائة. وينكب سلامة حاليا مع جمعية المصارف على البحث في الاساليب الكفيلة بتسهيل التسليف وتسريعه، مع الابقاء على كلفة مقبولة عندما يكون التسليف بالليرة اللبنانية. ويعتبر انه اذا زادت التسليفات المصرفية «العاقلة والمنظمة» بنسبة 10 في المائة العام الحالي، «فان نمو الناتج المحلي الاجمالي سيصبح مضمونا، خصوصا ان لدى المصارف فائضا من الدولار والليرة يفوق حاجات السوق المحلي».