الحياة لا تبدو دائما كحقيقتها.. واسألوا هوليوود

جدل حول وضع الإعلانات التجارية في الأفلام السينمائية

ساعات أوميغا تحتل مكاناً بارزاً في أفلام جيمس بوند (رويترز)
TT

مما يجعل مشاهدة فيلم للعميل جيمس بوند ممتعا ليس فقط مناظر الإثارة، إذ هناك أشياء أخرى مثل المؤثرات البصرية والصوتية التي تحيط بالمشاهد المختلفة، هذا الجانب المثير من الأفلام تستغله شركات الإعلان لربط المشهد مع منتجات تريد تسويقها.

ولهذا تقوم وكالات الإعلان عن السلع سواء كانت سيارات أو ساعات أو فنادق أو حتى أماكن بدفع أموال لشركات الإنتاج السينمائي لعرض هذه السلع بشكل غير مباشر داخل لقطات من الفيلم للترويج لها، وبالتالي يكون لأصحاب العلامات التجارية ميزة ربط منتجاتهم بالجاسوس الرائع جيمس بوند الذي يظهر في أفلام بعالمه الحافل بالسحر والإبهار. سيارات استون مارتن لا تعتبر متينة الصناعة فقط بسبب المواد الأولية الجيدة والتكنولوجيا العالية المستخدمة، لكن صورتها المثيرة جاءت أيضا بسبب استخدامها مثلا في أفلام جيمس بوند. كما أن استعمال شخصيات مشهورة، مثل دانيال كريغ العميل جيمس بوند، للترويج في الواقع، وليس من خلال الأفلام، لبعض السلع مثل الساعات يربط هذا المنتج وبشكل غير مباشر بمناظر الإثارة التي اشتهر بها في أدواره. وكذلك الحال بالنسبة للترويج لماكينة قهوة الاكسبرسو من خلال شخصية جورج كلوني المعروف بانجذاب النساء له. كما تقوم شركات الإعلان هذه الأيام باختيار بعض اللقطات من الأفلام للترويج لبعض المنتجات، وتعرض هذه الدعايات أحيانا في الفترة نفسها التي يعرض فيها الفيلم، وتسبق أيضا مشاهد الفيلم أي قبل أن يبدأ بقليل، مما يفقد الفيلم أحيانا عنصر المفاجأة. ولهذا يبدو أن الأمر كله يحمل شيئا من الغش، فرواد دور السينما قد دفعوا في النهاية مقابل الجلوس على مقاعدهم لمشاهدة الفيلم، وأصبح يتعين عليهم أن يجلسوا لمشاهدة الإعلانات التجارية حتى قبل أن يبدأ الفيلم.

غير أن هوليوود تجادل بأن عرض المنتجات داخل الأفلام يساعدها على الحصول على مقابل مالي لتغطية نفقات المؤثرات الصوتية والبصرية البارعة. والذي يبدو أنه مزيد من الخداع ويثير مشكلات أخلاقية أكثر خطورة، هو الممارسات المتزايدة للإعلان المتنكر في شكل شيء آخر، وبات من الشائع لدى وكالات الإعلان أن تحاول خداع المشاهدين ودفعهم للتفكير في أن ما يشاهدونه على الشاشة ليس إعلانا عن منتج ما.

ومن بين أمثلة ذلك حالة العلامة التجارية «ويتشري» الأسترالية للملابس التي دفعت أموالا للوكالة الإعلانية التي تتعامل معها لإنشاء موقع إليكتروني بزعم أن الموقع أطلقته فتاة أسترالية حرمت من حبيبها الذي فقدت آثاره، وتشعر باليأس لعدم قدرتها على الاتصال بهذا الشاب الوسيم، الذي كانت قد التقت به بشكل عابر في أحد مقاهي سيدني، وأشارت الفتاة في ندائها على الموقع الإليكتروني إلى أن المفتاح الوحيد الذي يقود إلى هوية الحبيب المفقود هو جاكيت من إنتاج «ويتشري»، وأوضح نداء الفتاة أن هذا الجاكيت تم تفصيله بشكل رائع وينتج بألوان مختلفة ويعد شراؤه صفقة رابحة مهما كان السعر.

وقد انخدعت إحدى الصحف بهذه القصة ونشرت حكاية الفتاة التي وجدت نفسها في مأزق، وتم خداع الآلاف من مستخدمي الانترنت ودفعهم للتفكير بأن قصة الفتاة التي تطلب المساعدة حقيقية.

وبعد انكشاف الخدعة تم إزالة الكليب الذي يحكي قصة الفتاة من الموقع الإليكتروني، ونفت «ويتشري» ووكالتها الإعلانية في حينه مسؤليتهما عن هذا الإعلان الخفي.

وأشارت سو كاتو مديرة شركة «كاتو» للاستشارات المتخصصة في العلاقات العامة ومقرها سيدني، كما جاء في تقرير الوكالة «الألمانية للأنباء» من سيدني، إلى أن هذا الإعلان كان له رد فعل عكسي وأنه يمكن أن يدمر المنتج.

وقالت إن ذلك يمكن أن يشعر المستهلكين بأنهم تعرضوا للغش، والأكثر خطورة أن الحملة الإعلانية يمكن أن تقوض الثقة في الوسيط الإعلامي، واللعب بعامل الثقة يمكن أن يكون له تأثيره في حالة أن الأشخاص ما تزال لديهم الثقة.

وينطبق ذلك على قصة مماثلة لحملة الترويج السياحي لمدينة كوينزلاند الأسترالية وحاجز الشعب المرجانية الشهير فيها، وبدلا من إنتاج إعلان تجاري قامت هيئة السياحة بكوينزلاند بنشر إعلان حول العالم على الانترنت عن وظيفة خالية لناظر يشرف على جزيرة رائعة الجمال، وكانت مهام الوظيفة سهلة بشكل يثير السخرية كما كان أجرها عاليا بشكل مضحك.

وتقدم ستة آلاف شخص على الأقل لطلب الوظيفة عن طريق وضع طلب مصور بالفيديو مدته دقيقة واحدة على الموقع الإليكتروني الخاص بالإعلان.

وكان أول طلب يوضع تقدمت به سيدة كانت مصممة على الحصول على الوظيفة لدرجة أنها أجرت عملية لرسم وشم على جسدها يمثل حاجز الشعب المرجانية بكوينزلاند، واتضح بعد ذلك أن هذا الفيديو للسيدة كان زائفا وأنها تعمل لدى الوكالة الإعلانية التابعة لهيئة السياحة بكوينزلاند، وأن الوشم لم يكن حقيقيا وإنما مجرد ألوان تم طبعها.

وبدلا من الإنكار الصريح أعترف مدير هيئة السياحة بكوينزلاند بوجود خطأ، وأن الفيديو الذي يصور السيدة كان مجرد نموذج تم نشره كعينة ليقلدها أصحاب الطلبات، وناشد المستهلكين بالتسامح مع ما أسماه بالانتهاك الصغير الذي أحدث نوعا من البلبلة.

غير أن تيم برويز أحد عمالقة الإعلان بسيدني له رأي مختلف، ويقول إن المستهلكين بدأوا في سؤال أنفسهم إلى أي حد يمكن الثقة في علامات تجارية تعاملهم بهذه الطريقة.