51 مليون دولار مستحقات تقاعد رئيس بنك أوف أميركا

الامتيازات تمتد من رسوم عضوية أندية إلى طائرات خاصة

TT

* بعد سنوات الرخاء.. مديرو شركات وول ستريت ينحنون للرياح المعاكسة

* بالإضافة إلى المرتب، يحصل الرؤساء التنفيذيون على مكافآت نقدية تزيد، في المتوسط، على 2.5 مليون دولار وامتيازات تصل إلى 292 ألف دولار، بالإضافة إلى أوراق مالية من أسهم وسندات تصل إلى 7.5 مليون دولار. وقد تبين أن الرؤساء التنفيذيين للشركات ذات الأصول التي تزيد على 10 مليارات دولار حصلوا على متوسط راتب أساسي يزيد بـ844،229 دولارا على رقم نصف مليون دولار الذي حدده البيت الأبيض. وظهرت هذه المعلومات في دراسة أجرتها مؤسسة ريدوود شورز في ولاية كاليفورنيا، وهي هيئة خدمات معلومات متخصصة في تعويضات ومرتبات كبار العاملين، دراسة حول هذا الموضوع. وأوضحت الدراسة أن المؤسسات المالية المتوسطة التي تتراوح أصولها بين مليار و 9.9 مليارات دولار بلغ متوسط المرتب الأساسي للمديرين فيها 397162 دولارا. إلا أن المكافآت والامتيازات رفعت متوسط المرتب إلي 858754 دولارا.

وتجدر الإشارة إلى أن قرار البيت الأبيض بتحديد الحد الأقصى للمرتب بنصف مليون دولار، لا ينطبق على الشركات التي تلقت مساعدات فيدرالية ولن تؤثر على المكافآت والعلاوات التي دفعت في العام الماضي وبلغت 18 مليار دولار لشركات وول ستريت.

وذكر المعلقون الاقتصاديون في الولايات المتحدة أن قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما بوضع حد أقصى لمرتبات كبار المسؤولين في الشركات التي حصلت على مساعدات في إطار خطط الإنقاذ، سيجبر عددا من الشركات الكبرى على إعادة النظر في تعاقداتها الخاصة بمرتبات كبار العاملين فيها. وفي إطار إجراءات التقشف، أعلن «بنك أوف أميركا» وغيره من البنوك الأميركية خفض رحلات السفر بالطائرات الخاصة. والجدير بالذكر أن بنك أوف أميركا تلقى مساعدات حكومية بلغت 45 مليار دولار، من بينها 20 مليار دولار في الشهر الماضي، لمساعدته في الاستحواذ على ميريل لينش. وذكر المتحدث باسم بنك أوف أميركا أنه «في إطار جهود خفض النفقات، خفضنا استخدامنا لطائرات الشركات. ويشمل ذلك بيع ثلاث طائرات نملكها وطائرة هليكوبتر مملوكة لميريل لينش».

* رسوم أندية ريفية، وعضوية بصالات الألعاب ومساعدين شخصيين. نظم أمن داخل المنزل وسائق شخصي، وأماكن مخصصة لانتظار السيارات. وبالطبع طائرات خاصة من أجل ضمان راحة وسلامة الرئيس. يتمتع المسؤولون التنفيذيون داخل البنوك بامتيازات من كل شكل ولون. وعلى الرغم من أن هذه البنوك تحصل على مساعدات مدفوعة من أموال دافعي الضرائب التي تستخدم في خطة الإنقاذ، إلا أن الكثير منها ليست على استعداد لإلغاء هذه الامتيازات. وكما هو الحال مع المكافآت، من المحتمل أن يخضع هذا التبذير إلى فحص وتدقيق شديدين. وفي الواقع، في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الأميركي عن حد أقصى للمرتبات يوم الأربعاء داخل بعض المؤسسات التي تحصل على مساعدات مالية حكومية، دعا باراك أوباما إلى مراجعةٍ أكبر داخل المؤسسات للنظر في «البنود الترفيهية المبالغ فيها» الخاصة بالمسؤولين التنفيذيين. ولا تعطي فقط البنوك الكبرى مثل «سيتي غروب» هذه الامتيازات، حيث تغدق بنوك صغرى ومتوسطة على المسؤولين التنفيذيين الذين يعملون لديها، وعادة ما تضيف هذه البنوك علاوات إضافية بجانب المرتبات والمكافآت. دفع «بنك أو ذي أوزاركز» في أركنساو، الذي وافق على الحصول على 216 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب، بدفع 43,400 دولار خلال عام 2007، لمساعد شخصي لتنسيق الفعاليات التجارية والأنشطة الخيرية التي تقام في بلدة جورج غليسون، الرئيس التنفيذي بالبنك. كما دفع «إنترناشونال بانكشار» (تكساس) الذي وافق على الحصول على 216 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب، نفقات سفر الرئيس التنفيذي لديه دينيس نيكسون وعائلته على طائرة تابعة له. وتنتشر هذه الامتيازات في كل مكان. وحسب ما أفاد به تحليل أعدته شركة «إكويلر» المتخصصة في تعويضات المسؤولين التنفيذيين لصحيفة «نيويورك تايمز»، تنفق البنوك ومجالس الإدارة بسخاء على الامتيازات الإضافية من أجل رفع المرتبات وتحسين صورتها المؤسسية. وفي المقابل، يقول خبراء في المرتبات إن عددا من شركات التقنية والأدوية قللت الإنفاق على مثل هذا النوع من الامتيازات خلال الأعوام القليلة الماضية. ويقول بول هودغسون، وهو محلل بحثي بارز في «كوربوريت ليبراري»، وهي مجموعة استشارية لحملة الأسهم «ربما يكون الحفل قد انتهى، ولكن ما زالت هناك الكثير من أعمال التنظيف. هناك حاجة ملحة للتغيير، لا سيما في ظل المناخ الحالي».

ويذكر أنه قبل أن تدفع الأزمة المالية البنوك إلى طلب الاستفادة من مساعدات من أموال دافعي الضرائب، كانت الأرباح الكبيرة التي تحققها هذه البنوك تعطي للكثيرين مبررات للمصروفات الباهظة على المسؤولين التنفيذيين. وغالبا ما كانت مجالس الإدارة تجد أسبابا تبرر بها المصروفات الإضافية مثل دفع رسوم الأندية والسيارات والسائقين الشخصيين، الأمر الذي كان يحظى بمقدار أقل من التدقيق مقارنة بما كان عليه الحال مع الرواتب والمكافآت. ويغطي تحليل شركة «إكويلر» بيانات الوكالة (وهي البيانات التي تقدمها الشركة إلى حملة الأسهم وتشمل معلومات خاصة بالمؤسسة) عام 2008 داخل البنوك التي تحصل على مساعدات حالية في إطار برنامج إغاثة الأصول المتعثرة، وتعكس هذه البيانات ما حدث خلال العام المالي 2007. دفع نحو 61 في المائة أو 121 بنكا من بين 200 من أكبر البنوك التي لها أسهم في البورصة وتحصل على مساعدات من أموال دافعي الضرائب 10,835 دولارا في المتوسط، مقابل رسوم أندية لصالح الرؤساء التنفيذيين خلال عام 2007. وفي الوقت نفسه، أنفق قرابة 75 في المائة من هذه البنوك، أو 147 بنكا، 20,668 دولارا في المتوسط على السيارات ومصروفات أماكن انتظار السيارات. ودفع 36 بنكا، أو 18 في المائة من هذه البنوك التي تحصل على أموال دافعي الضرائب، نفقات طائرات لصالح المديرين التنفيذيين بها، ويعد هذا البند مبعثا رئيسيا للغضب داخل واشنطن. وتسمح البنوك للرؤساء باستخدام الطائرات في رحلات السفر الشخصية مقابل 102,216 دولارا في المتوسط. وقالت الكثير من البنوك إن هذه الطائرات كانت «ضرورية» للحفاظ على أمان الرؤساء التنفيذيين. وبدأت بعض البنوك في تقليل البنود الإضافية حتى قبل تقديمها طلبا من أجل الحصول على المساعدات الفيدرالية، التي لا تضع أية قيود على الامتيازات الإضافية، فيما تحد بنوك أخرى، مثل «أميركان إنترناشونال غروب» و«بنك أوف أميركا» و«سيتي غروب» من المصروفات إثر ضغوط من قبل الحكومة. ولكن بعض البنوك الأخرى أوضحت أنها لم تحدد بعد كيفية تقليل الإنفاق على هذه الامتيازات بعد الحصول على مساعدات من أموال دافعي الضرائب أو أنها سوف تنتظر للإعلان عن أية تغيرات في بيانات الوكالة الخاصة بعام 2009 والمقرر الكشف عنها خلال الأشهر المقبلة. ويقول مارك بورغز، مستشار التعويضات «يبدو أن البنوك لم تغير من نفسها لتنسجم مع النموذج الجديد الذي تعمل في إطاره، ولم تقدر البنوك حتى الآن أنها عندما تحصل على أموال عامة فإن هناك طائفة جديدة من حملة الأسهم سيكون صوتهم أعلى ولن يتهاونوا مع الطريقة التي تتعامل بها». وتعمل البنوك، التي تحظى بمتابعة قاسية بعد تسليط الأضواء عليها، على التخلص من أشكال البهرجة الفاضحة. وقد أعلن «بنك أوف أميركا» الذي حصل على مساعدات حكومية قيمتها 45 مليار دولار، يوم الأربعاء أنه سوف يبيع ثلاث طائرات ومروحية تابعة لـ«ميريل لينش» بعد أن دعا أوباما البنوك إلى اتباع «الذوق العام الأساسي» في التعويضات. ولكن هناك بنوكا أخرى، مثل «ريجونز فاينانشيال» في ألاباما، الذي سجل خسائر غير متوقعة خلال الربع الرابع، قيمتها 6.22 مليار دولار، ووافق على الحصول على 3.9 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب، أنفق أكثر من 23,000 دولار على رحلات طيران خلال عام 2007 للرئيس التنفيذي لديه دوود ريتر. وكما هو الحال في الكثير من البنوك، يطلب بنك «ريجونز» من رؤسائه التنفيذيين تجنب السفر في الطائرات العادية لدواع أمنية. ويقول تيم ديتون، وهو متحدث باسم البنك «يكون لديك قدر أكبر من السيطرة على طبيعة الوضع داخل الطائرة الخاصة»، ولكنه رفض الكشف عما إذا كان ذلك سوف يستمر قبل أن يعلن البنك عن بيانات الوكالة الخاصة بعام 2009. أما بالنسبة لـ«بنك أوزاركس»، نجد أن لدى الرئيس التنفيذي غليسون مساعدا يعمل من بلدته للإشراف على الفعاليات التجارية والخيرية والاجتماعية التي تقام هناك. وتقول سوزان بلير، وهي مسؤولة تنفيذية داخل البنك، إن هذا الأمر مناسب وساعد على تحقيق نتائج قياسية العام الماضي. وعلى الرغم من أن سهم البنك ارتفع بمقدار 13 في المائة، حصل البنك مؤخرا على 75 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب. ودفعت مؤسسة مالية أخرى «يو سي بي إتش هولدنغز»، التي توفر قروضا لمجتمع الأعمال الأميركي الصيني، أكثر من 43,700 دولار خلال عام 2007 لسيارة وسائق شخصي للرئيس التنفيذي توماس وو، كما أنها قامت بتغطية قرابة 20,000 دولار في صورة رسوم سفر لزوجته كي تصحبه في العمل، وأكثر من 3,300 دولار رسوم أحد أندية اللياقة الصحية. ورفض ستيف دي ماتي، وهو متحدث باسم «يو سي بي إتش» الإفصاح عما إذا كان البنك سوف يغير من برامجه، علما بأن البنك حصل على 299 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب. وبعيدا عن السيارات والسائقين، نجد أن العضوية داخل الأندية المحلية داخل أميركا أو ملاعب الغولف أمر منتشر داخل عالم الأعمال. تخلى كيفين كبات، الرئيس التنفيذي في «فيفث ثيرد بنك» طواعية عن مكافأته عام 2008، حيث تراجع سهم البنك خلال هذا العام بنسبة 70 في المائة، فيما قبل البنك 3.4 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب. ولكن، دفع البنك مستحقات العضوية للرئيس التنفيذي في نادي سيسيناتي العام الماضي. وكانت هذه الرسوم بلغت في المجمل حوالي 28,600 دولار في عام 2007. وتقول دربا دي كورسي، المتحدثة باسم البنك، إن هذه العضوية ساعدت العمل، ولكنها رفضت الكلام عن التغير الذي يحتمل أن يطرأ على العلاوات داخل البنك خلال عام 2009. وهناك ملايين أخرى من الدولارات لأنماط أخرى من التعويضات ولكنها أقل وضوحا، مثل المعاشات الباهظة، وأموال تقدم عند الوفاة تخصص لورثة المسؤول التنفيذي. ويقول خبراء التعويضات إن هذه المساعدات لا تعطى للموظفين العاديين.

وعلى سبيل المثال، نجد أنه في «بنك أوف أميركا» خصص لكينيث لويس مستحقات تقاعد تبلغ أكثر من 51 مليون دولار طالما نجت الشركة من صفقة «مريل لينش». كما يدفع البنك قرابة 10 ملايين دولار تأمينا على الحياة تمنح لورثته.

ويقول روبرت ستيكلر، متحدث باسم البنك، إن لويس حصل على مستحقات التقاعد عن «عمله لمدة 30 سنة»، ولكنه رفض إعطاء تفاصيل أو التعليق على أي تغييرات في الأموال التي يحصل عليها التنفيذيون قبل نشر بيان الوكالة الخاصة بالبنك لعام 2009. وفي أغسطس (آب) الماضي، اتفق «سيتي غروب» الذي يحصل على مساعدات حكومية، مع رئيسه السابق سانفورد ويل، على إنهاء عقد استشاري كان ينص على الدفع مقابل رحلات جوية على طائرات البنك، بالإضافة إلى مكتب فخم خصص لويل في مبنى جنرال موتورز وسيارة وسائق شخصي. وفي الوقت نفسه، استمر البنك في دفع معاش ويل البالغ قيمته مليون دولار سنويا. وتقول شانون بيل، متحدثة باسم البنك «يراجع البنك باستمرار سياسات المساعدة التي يتبعها لضمان اتسامها بالتنافسية ومناسبتها وتساوقها مع المناخ».

ولكن، حيث بدأ صوت الرأي العام يعلو ضد أي تبذير، قامت مجموعة من البنوك بالفعل بإجراء تغييرات. ترك بنك «غريت ساوثرن بانكورب»، الذي لديه تعاملات في ثلاث ولايات، منزلا يطل على بحيرة يمتلكها منذ الثمانينات وكان يستخدمها رئيس البنك وليام تورنر. ويبحث البنك عمن يشتري قاربا يمتلكه البنك وعن شريك يتقاسم معه استخدام طائرة سيسنا. وتقول كيلي بولونوس، متحدثة باسم البنك، إن البنك طرح الطائرة والقارب والمنزل للبيع قبل عام لتقليل النفقات. يذكر أن سعر سهم البنك تراجع بنسبة 48 في المائة العام الماضي، وأنه وافق على الحصول على 58 مليون دولار من أموال دافعي الضرائب. ولا يستخدم بنك «جي إم إيه سي» الطائرة الخاصة التي أعطاها لرئيسه التنفيذي ألفارو مولينا، ومنذ أن بدأ البنك في الحصول على مساعدات حكومية في ديسمبر (كانون الأول)، يقوم مولينا والمسؤولون التنفيذيون البارزون في البنك باستخدام الطائرات العادية.