إسرائيل تعتذر لطبيب فلسطيني على قتل 3 من بناته.. وترفض معاقبة المسؤولين

أبو العيش: الاعتذار لا يعزيني.. ولكن لعله يفتح باب الأمل للمستقبل

TT

اعترف الجيش الإسرائيلي رسميا بمسؤوليته عن قتل خمسة من أفراد عائلة الطبيب الفلسطيني عبد العزيز أبو العيش وإصابة عدد آخر في غزة، خلال الحرب العدوانية. وقدم وزير الدفاع، ايهود باراك، شخصيا اعتذارا مباشرا من على موجات الأثير. ولكن المسؤولين عن القتل، جنود لواء جولاني، لن يعاقبوا، بدعوى أنهم «كانوا في حرب، ومثل هذه الأخطاء تقع في كل حرب».

وقال الطبيب الباحث أبو العيش «الاعتذار لا يعزيني ولكن.. لعله يفتح باب الأمل للمستقبل».

وقضية الطبيب أبو العيش اشتهرت في العالم أجمع في حينه. فهو مواطن من غزة درس الطب في الولايات المتحدة، وعمل في مستشفى «سوروكا» الإسرائيلي في بئر السبع. وانتقل في الشهور الأخيرة للعمل باحثا في مستشفى تل هشومير في رمات غان (قرب تل أبيب)، حول «أسباب إطالة علاج الأطفال الفلسطينيين أكثر من الأطفال الإسرائيليين في نفس المرض، وأسباب طول فترة شفاء المرضى الفلسطينيين مقابل طول فترة شفاء الإسرائيليين، رغم أن كليهما يتلقى نفس العلاج». وهو يجري البحث سوية مع طبيبة باحثة يهودية. وقد فضل العمل في فلسطين على العروض التي تلقاها في الولايات المتحدة، لأنه يريد أن يبقى في صفوف شعبه. وأصر الطبيب أبو العيش على الاستمرار في السكن في شمال غزة رغم الحصار ورغم العذاب الذي يتعرض له في كل أسبوع وهو يعبر الحاجز العسكري الإسرائيلي من غزة إلى تل أبيب. وخلال الحرب بقي أبو العيش في غزة يشارك الطواقم الطبية في إنقاذ الجرحى. واستغل علاقاته مع عدد من الأطباء وفي ما بعد مع عدد من الصحافيين الإسرائيليين لكي يطلب من الجيش الإسرائيلي الانتباه إلى أنه يستخدم بيته في حي الشجاعية في غزة كعيادة، كي لا يقوموا بقصفه. لكن هذا التنبيه لم يفد بشيء وجاءت الضربة في 17 يناير (كانون الثاني) الماضي، إذ قصفت دبابة إسرائيلية المنزل، فقتلت ثلاثا من بناته، بيسان 20 عاما، ومايا 13 عاما، وآية 12 عاما، إضافة إلى ابنة شقيقه نور، 19 عاما، وأصيب عدد بجراح بينهم طفلته شذى17 عاما، وابنة شقيقه غيداء 12 عاما، اللتين تعتبر إصاباتهما خطيرة، وما زالتا تحت العلاج في المستشفى الإسرائيلي الذي يعمل فيه الدكتور عبد العزيز. وفي حينه قال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي إنه لا يستبعد أن يكون القصف لهذا البيت قادما من صواريخ حماس، ثم عدل عن هذه الرواية وقال إنه في حالة قدوم هذا القصف من قواتنا فإن ذلك يكون فقط في إطار الرد على قناص من حماس أطلق الرصاص على قواتنا من داخل البيت.

بيد أن الروايتين لم تكونا مقنعتين. وتمكن الطبيب أبو العيش من تجنيد أوساط واسعة في العالم عموما وفي إسرائيل خصوصا إلى جانبه وهو يروي ما حدث له، خصوصا أنه حرص على تأكيد انه لا ينتمي إلى حركة حماس، ولا يؤيد أفكارها، ولا يوافق على الصواريخ التي تطلقها على إسرائيل، مثلما لا يوافق على الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة، ولا يوافق على الحصار. وطلب إجراء تحقيق في هذه الجريمة ويطالب «بأن تكون بناته آخر الضحايا في هذه المأساة».

وتضامن معه مئات الإسرائيليين اليهود، وأخذوا يزورونه في المستشفى، حيث ترقد ابنته وقريبته الجريحتان. وارتفعت أصوات كثيرة تطالب بالتحقيق في الجريمة ومعاقبة المسؤولين. وأصبح الكثيرون يرون في هذه الجريمة نموذجا لجرائم إسرائيل الأخرى في هذه الحرب. واضطر الجيش إلى إجراء تحقيق، وخرج الليلة قبل الماضية بالنتيجة التالية «خلال العمليات الحربية في حي الشجاعية أطلقت النيران من بيت قريب لبيت الطبيب، فردت قواتنا عليه بقذيفتي دبابة مما أدى إلى إصابة عائلته». وأرسلت نتائج التحقيق إلى الطبيب مرفقة برسالة اعتذار. ووجه باراك أمس اعتذارا آخر خلال لقاء إذاعي. وسئل الناطق بلسان الجيش عما إذا كانوا سيعاقبون القتلة، فرفض ذلك بشدة وقال إن هذه حرب وفي الحرب تقع أخطاء. وبدا وكأنه يحمل الطبيب مسؤولية القتل، فقال «كنا قد اتصلنا بالطبيب وطلبنا منه أن يغادر وعائلته البيت مثلما اتصلنا بعائلات أخرى ووزعنا مناشير بهذه الروح لجميع سكان الحي، لكنهم لم يكترثوا».

وحضر إلى المستشفى للقاء الطبيب، الليلة قبل الماضية، الأديب الإسرائيلي المعروف، دافيد غروسمان، الذي فقد ابنه في حرب لبنان الأخيرة، وقال انه والطبيب أبو العيش شريكان بهم واحد. وانتقد المسؤولون الإسرائيليون، وفي مقدمتهم الرئيس شيمعون بيريس، غروسمان؛ حيث رأوا أنه من المناسب عدم زيارة الطبيب وابنته الجريحة في المستشفى.