واشنطن تنشد وساطة موسكو لإقناع قيرغيزستان بالعودة عن قرار إغلاق قاعدتها العسكرية

بعد أن أغدق الكرملين دعمه على بيشكيك مقابل إعلانها سحب قاعدة «ماناس» من الأميركيين

TT

أثار قرار الرئيس القيرغيزي قرمان بك باقييف الذي أعلنه من داخل الكرملين أول من أمس عن إغلاق القاعدة الجوية الأميركية في قيرغيزستان والمعروفة أيضاً بكرجستان، (وليس كازاخستان كما ورد خطأ في عدد الأمس)، الكثير من الجدل الذي يتواصل داخل أروقة الأوساط السياسية والعسكرية في واشنطن. وعلى الرغم من إعلان واشنطن عن أنها لم تتلق أي إخطار رسمي من جانب بيشكيك حول قرار إغلاق القاعدة الأميركية، وتأكيدها أن العمل بالقاعدة يسير على نفس النحو السابق، فقد شرع برلمان قيرغيزيا في بحث طلب الرئيس بالتصديق على قراره. وسارعت الأغلبية البرلمانية إلى الإعلان أنها ستصوت لصالح القرار الأسبوع المقبل، في الوقت الذي أعلن فيه أدهم مادومارف، سكرتير مجلس الأمن القومي القيرغيزي، عن أن القوات الأميركية مدعوة لإخلاء القاعدة في غضون 180 يوماً من لحظة تبادل الوثائق بين العاصمتين حول هذه القضية. وأشارت مصادر الخارجية الأميركية إلى طلبها لدى موسكو بالتدخل من أجل إقناع قيرغيزستان عن قرارها بهذا الشأن، في الوقت الذي أعلن فيه جيف موريل، المتحدث الرسمي باسم البنتاغون، عن أن واشنطن تعرب عن أملها في الإبقاء على علاقاتها الطيبة مع بيشكيك، مؤكداً على أن قاعدة «ماناس» تحمل أهمية كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة. وأعلن روبرت وود، المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأميركية، عن أن بلاده تواصل مفاوضاتها مع بيشكيك، فيما تعتزم تناول هذه المسألة مع موسكو يحدوها أمل أن تعيد قيرغيزيا النظر في قرارها الأخير حول هذا الشأن. وكان الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف قد سبق وأعلن عن استعداد موسكو للتعاون مع الولايات المتحدة ودعم قوات التحالف في عملية مكافحة الإرهاب في أفغانستان، في الوقت نفسه الذي رحب فيه بإغلاق قاعدة «ماناس» الجوية. واتخذ قراره حول إغداق الدعم المالي والاقتصادي على قيرغيزستان مقابل إقدامها على خطوة إغلاق القاعدة الأميركية. وقد أعلن في لقائه مع نظيره القيرغيزي في الكرملين، عن منح قيرغيزستان قرضاً يقدر بملياري دولار إلى جانب معونات مالية قيمتها 150 مليون دولار من أجل استقرار ميزانيتها وتطوير مشاريع البنية التحتية وفي مقدمتها قطاع الطاقة وبناء محطة كامبارا – 1 بمساعدة روسية على نهر يارين، مما يعد تأكيداً لطابع التحالف بين البلدين، بحسب قوله. وأشار ميدفيديف إلى قرار بلاده بمضاعفة حجم الاستثمارات الروسية في قيرغيزيا بما يخدم التطور الاقتصادي والاجتماعي هناك. وتأتي هذه الخطوة تأكيداً على استمرار موسكو في محاولات استعادة مواقعها في الفضاء السوفياتي السابق والحيلولة دون محاولات الولايات المتحدة الرامية إلى استقطاب بلدان آسيا الوسطى إلى فلكها العسكري تحت ذريعة التعاون في مكافحة الإرهاب. وكانت قمة رؤساء بلدان معاهدة الأمن الجماعي قد توصلت في موسكو إلى اتفاق حول تشكيل قوات الانتشار السريع بمشاركة روسية في الأساس إلى جانب قوات بيلاروس وقزقستان وقيرغيزستان وتاجيكستان وأرمينيا وأوزبكستان التي أرفقت توقيعها على هذه المعاهدة ببعض التحفظات حول أن قواتها لن تشارك على أساس دائم وليس في كل العمليات.

وقد جاءت هذه الخطوة في أعقاب إعلان الكرملين تجميد قراره بشأن نشر منظومات صواريخ «اسكندر» في مقاطعة كالينينغراد، شرط أن تتخلى واشنطن عن مخططاتها بشأن نشر عناصر الدرع الصاروخية الأميركية في بلدان شرق أوروبا، وهو ما اعتبره المراقبون خطوة إيجابية في اتجاه إدارة الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما الذي سبق وأعلن بشكل غير مباشر عن استعداده لإعادة النظر في هذه المخططات. وقد تناقلت وسائل الإعلام الروسية أخباراً تقول بأن واشنطن أعربت عن قلقها تجاه ما صدر من تصريحات حول خطط موسكو بشأن إقامة قاعدة بحرية لأسطول البحر الأسود في أبخازيا إلى جانب قاعدتين بريتين هناك. وأشارت وكالة «قوقاز- برس» الجورجية نقلا عن مصادر رفيعة المستوى، أن جورجيا بدأت مفاوضاتها مع واشنطن حول إنشاء قاعدة أميركية في ميناء بوتي على ساحل البحر الأسود قريباً من أبخازيا إلى جانب قاعدة أخرى في مارنيولي على مسافة 40 كم من العاصمة تبليسي، تحسباً لاحتمالات إنشاء القواعد الروسية في أبخازيا المحتلة على حد تعبيرها. وكان ميدفيديف قد قام بزيارة لأوزبكستان في يناير (كانون الثاني) الماضي في رحلة قالوا إنها محاولة لاسترضائها وإثنائها عن تعزيز تعاونها العسكري مع واشنطن إلى جانب ما سبق وبذله من جهود مماثلة مع كل من قزقستان وقيرغيزيا. وقد أعلنت موسكو مؤخراً عن نجاحها في تعزيز تكاملها الاقتصادي والتجاري مع بيلاروس في إطار المضي قدماً لإنشاء دولة الاتحاد والتعاون في مواجهة الأزمة العالمية إلى جانب ما أسفرت عنه قمة رؤساء بلدان منظمة «أوراسيا» للتعاون الاقتصادي من اتفاقيات تستهدف التعاون في مواجهة تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية وإنشاء صندوق مشترك برأسمال قدره عشرة مليارات دولار لهذا الغرض.