الأميركيون جمعوا المعلومات من قائد في حزب الله و«الموساد» نفذ بالتعاون مع جهات سورية وعراقية

معلومات لصحيفة إسرائيلية عن عملية اغتيال عماد مغنية

TT

نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية تقريرا لمراسلتها للشؤون العربية، سمدار بيري، أمس، أوردت فيه تفاصيل اغتيال القائد العسكري لحزب الله اللبناني، عماد مغنية في دمشق، قبل سنة، وخلصت فيها إلى أن الاغتيال تم استنادا إلى معلومات جمعتها المخابرات الأميركية بالاعتماد على اعترافات قيادي في حزب الله، يدعى علي موسى دقدوق، ومساعدة عناصر في سورية والعراق. وقالت إن التنفيذ العملي تم بواسطة فرقة من قسم العمليات في «الموساد»، الجهاز الخارجي للمخابرات الإسرائيلية.

وجاء في الصحيفة أن الخيط الأول لهذه العملية التقطته المخابرات الأميركية عام 2005 عندما اعتقلت في العراق علي دقدوق، المسؤول في جناح العمليات الدولية لحزب الله، وكان عماد مغنية قد أرسله يومها إلى إيران حيث أمضى سنة كاملة من التدريب. ومن إيران أرسل إلى العراق لكي يدرب عناصر «جيش المهدي» على تنفيذ عمليات تفجيرية ضد قوات الجيش الأميركي هناك.

ودقدوق، حسب هذه الصحيفة، هو أحد «الأبناء المدللين» لعماد مغنية.

وفي بداية اعتقاله لم يتعاون مع المحققين العراقيين أو الأميركيين فادعى أنه عراقي أصم وأبكم وطلب الرحمة. ثم قال إنه تاجر إيراني. ولكنه بعد ثلاثة أسابيع، تراجع وبدأ يعترف، فأدرك المحققون الأميركيون أنهم باعتقاله وقعوا على كنز ثمين إذ قدم لهم صورة دقيقة عن عماد مغنية وتصرفاته وطريقة تحركاته وأرقام الهواتف السرية التي يستخدمها والناس الذين يلتقيهم.

وكان مغنية مطلوبا منذ أكثر من 40 جهاز مخابرات في العالم بسبب مسؤوليته عن عمليات تفجيرية في العديد من دول العالم. وكان الأميركيون قد خصصوا جائزة بقيمة 25 مليون دولار لمن يدلهم عليه وكانوا يريدون تصفيته فيما يتوق الإسرائيليون أيضا إلى تصفية الحساب معه.

وتقول سمدار بيري إنها حصلت على هذه المعلومات من «مسؤول»- لم تسمه - في جهاز التحقيق اللبناني في اغتيال مغنية من دون أن توضح كيف وأين التقته، وكذلك من، روبرت بار، المسؤول في المخابرات الأميركية. وهكذا تمت عملية الاغتيال حسب الصحفية الإسرائيلية:

مغنية كان يتصرف كمن يعرف أن رئيس «الموساد» (الإسرائيلي)، مئير دجان، لا يغفل عن ملاحقته، خصوصا أن معلومات يملكها تقول إن مغنية كان على علاقة بخطف الجنديين الإسرائيليين الداد ريجف وايهود غولدفاسر عام 2006 وأنه كان يشرف على عملية الخطف بنفسه من مكان قريب. وكان في آخر أيامه متخوفا من أن تتم تصفيته بأيد سورية لشعوره بأن سورية مستعدة لبيعه للولايات المتحدة مقابل فتح صفحة جديدة مع واشنطن. وتدعي الصحيفة الإسرائيلية أنه قال للمقربين منه، «كلما أدخل سورية أشعر من حولي بتحركات خطيرة وأسعى لتقصير زيارتي إلى الحد الأدنى». وتضيف الصحفية أن الرئيس السوري كان ينظر إلى مغنية كعدو. حيث إن مغنية قام بتوزيع مئات ألوف الدولارات التي حصل عليها من إيران على المعارضين السوريين، وقسم منها وصل إلى نجل رفعت الأسد، عم الرئيس بشار، الموجود في منفى في اسبانيا. وتقول الصحيفة إن مغنية، مع ذلك، ارتكب غلطة حياته في 12 فبراير (شباط) 2008 عندما وصل إلى دمشق لكي يشارك في الاحتفال الذي أقامه السفير الإيراني الجديد في سورية، خوجات إسلام موسوي، في الذكرى التاسعة والعشرين لانتصار الثورة الإسلامية في إيران. وتقول سمدار بيري إن «تتبع تحركات مغنية تم وفقا للنموذج المعد عن تصرفاته. الليلة الأخيرة قبل اغتياله، أمضاها في بيت سري، كما يبدو بصحبة امرأة، ولكي يمنع الثرثرات فضل ألا يكون حراسه الدائمون وسائقه في المنطقة، فقاد بنفسه سيارته الفضية اللون من طراز «باجيرو» وأعطى مرافقيه عطلة لعدة ساعات. وهذا الوقت كان كافيا للاستعداد لقتله. فقد عرف معدو خطة قتله أنه لا يوجد لديهم الكثير من الوقت لذلك. وتضيف أن «الأيدي التي زرعت العبوة الناسفة في مخدة الرأس على المقعد المجاور لمقعد السائق كانت أيادي إسرائيلية». ويوضح ضابط الاستخبارات اللبناني أنه «عندما يجري الحديث عن اغتيال هدف سمين كهذا يحظر الاعتماد على عميل أجنبي. فهناك دائما خطر تسريب المعلومات. وفي مثل هذه الخطة لا تجوز المخاطرة». ويقول إنه لا توجد لدى المخابرات اللبنانية معلومات دقيقة حاسمة حول كيفية وصول تلك الأيدي (الإسرائيلية) إلى المكان الذي كانت تقف فيه السيارة. ويقول الضابط اللبناني: «توجد لدينا أدلة على أن الطاقم التقني وصل إلى الأراضي السورية من كردستان العراق في ثلاث سيارات: في الأولى كان رجال الحماية والخلية المساعدة، وفي الثانية التقنيون المسؤولون عن العبوة الناسفة، فيما خصصت السيارة الثالثة لغرض الهرب في حالة وقوع خلل». وحسب قوله، ليس فقط التقنيون والحراس كانوا إسرائيليين، بل أيضا السائقون ذوو الشوارب أيضا، والذين كانوا يتكلمون اللغة العربية. ولكن توجد معلومات أخرى تقول إن طاقم عملية الاغتيال وصل إلى سورية من منطقة قريبة أكثر، وليس بالضرورة من حدود العراق. ..و«بعد أن تيقن التقنيون من سيارة الجيب باجيرو وخلوها من الحراس، فككوا الباب واستبدلوا مخدة الرأس في السيارة بمخدة مفخخة. وعندما أنهوا عملهم غادروا المكان بسرعة في مسار مغاير لمسار قدومهم».

«كانت الساعة تمام التاسعة وأربعين دقيقة ليلا من يوم 12 فبراير (شباط)، عندما توقفت سيارة الجيب باجيرو الفضية في المنطقة الأمنية من حي كفار سوسا. رئيس خلية الحراسة (في الفرقة الإسرائيلية) تمكن على الفور من التأكد من هوية الرجل السمين ذي اللحية الجالس إلى جانب السائق الحارس. فقد كان يعرف مسبقا أنه قادم. مغنية خرج من السيارة ودخل المركز الثقافي الإيراني. وكعادته كان مسلحا بمسدس. قبل أن يغادر حذر مغنية السائق ألا يبتعد بالسيارة. ويشير ضابط التحقيق اللبناني إلى أن الاغتيال تم بتفجير العبوة بواسطة جهاز تحكم عن بعد. فعندما جلس مغنية على المقعد بجانب السائق، ضغط على الزر واختفى على مسار الهرب المعد سلفا. وكانت الساعة تشير إلى العاشرة و35 دقيقة عندما هز الانفجار حي كفار سوسا وعلت سحب الدخان الكثيف إلى السماء. فقضى مغنية على الفور. وفي منتصف الليل بثت قناة التلفزيون السورية نبأ تفجير إرهابي في دمشق أدى إلى مقتل شخصين. ولكن حزب الله كشف في صبيحة اليوم التالي عن هوية القتيل، عماد مغنية، واتهم إسرائيل بالجريمة. واختفت آثار السائق الموافق لمغنية».

وتضيف الصحفية الإسرائيلية أن الضابط اللبناني قال لها إن «الشكوك لدينا تقول إن «الموساد» اشترى هذا السائق. وقد أرسلنا من يفحص الأمر لدى عائلته في إحدى قرى الجنوب اللبناني فوجدنا أن العائلة قد اختفت وبيتها مهجور. ولكن، من يعرف مغنية جيدا، وهو إنسان شكاك، يقول انه لم يكن ممكنا أن يدخل إلى السيارة ما لم يكن السائق في داخلها».

وتقول الصحفية إن سورية حاولت تشويش التحقيق ولم تسمح لمحققين من إيران أو من حزب الله أن يشاركوا فيه وأنها شعرت بالحرج الشديد من قدرة الموساد الإسرائيلي على دخول أراضيها ولذلك حاولت أن تتهم مخابرات دول عربية شقيقة في المساهمة في العملية، وأشارت إلى كلمات أرملة مغنية خلال أيام العزاء، عندما صرخت إلى كاميرات التلفزيون «أنا أعرف من قتل الشيخ رضوان (أحد ألقاب مغنية). المخابرات السورية والموساد ومخابرات إحدى الدول العربية ورئيس العراق جلال طالباني»، وكيف تم ترحيلها وبقية أفراد العائلة إلى إيران، ولم يعد يسمع صوتها. واختتمت بالإشارة إلى أن الذكرى السنوية الأولى لاغتيال مغنية تحل في الخميس المقبل وأن حزب الله هدد بالانتقام وأن إسرائيل في حالة استنفار وان المحاولات التي جرت حتى الآن للانتقام قد فشلت فقد حاول حزب الله تفجير السفارة الإسرائيلية في أذربيجان ودولة أوروبية أخرى وحاول إرسال سامي شهاب - وهو مسؤول في دائرة العمليات الخارجية لحزب الله اعتقل في سيناء المصرية الذي كان من المفترض أن يتسلل إلى إسرائيل لتنفيذ عملية خطف وقتل لإسرائيليين.