فلسطينيون «يفضلون» اليمين الإسرائيلي المتطرف لوضوحه في رفض السلام

عريقات لـ«الشرق الأوسط»: حكومة لن تعترف بالاتفاقات لن تكون شريكا لنا.. والرد هو الوحدة الوطنية

اسرائيلي على دراجته الهوائية غداة الانتخابات في القدس امس (ا ب)
TT

يتفق الفلسطينيون، هذه المرة، على أن إسرائيل اختارت الحرب بدل السلام. ولأول مرة منذ بدء المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، تقول السلطة إنها قد لا تجد شريكا في مفاوضات السلام. ويبدو أن أكبر الخاسرين من هكذا انتخابات، هي السلطة، التي أقرت سلفا أن أي حكومة قادمة في إسرائيل لن تملك مقومات صنع السلام. ومن دون شك، فإن حركتي حماس والجهاد وجدتا أنهما انتصرتا «سياسيا»، بعدما رحلت الحكومة الإسرائيلية السابقة «الوسطية» من دون أي اتفاق مع الفلسطينيين.

وتصدرت نتائج الانتخابات الإسرائيلية عناوين الصحف الفلسطينية اليومية، أمس، وعنونت صحيفة «الحياة الجديدة» التابعة للسلطة، «كديما يفوز واليمين يقود». وكتبت صحيفة «القدس»، الأوسع انتشارا، في افتتاحياتها تقول «لن تحمل نتائج الانتخابات الإسرائيلية أي مفاجآت للمواطنين الفلسطينيين». واعتبرت صحيفة «الأيام» المقربة من السلطة، أن بروز التيارات اليمينية في إسرائيل هو إحدى أهم ميزات هذه الانتخابات.

أما الفلسطينيون العاديون، فإنهم غير مكترثين إلى حد كبير، بما حملته نتائج الانتخابات الإسرائيلية، وعلى الأقل فإن العينة التي التقتها «الشرق الأوسط»، قالت، إن الأحزاب الإسرائيلية وجهان لعملة واحدة، بل إن بعضهم اعتبر فوز اليمين المتطرف أفضل من غيره، لأنه أقدر على توقيع أي اتفاق إذا أراد، وسيكون أكثر وضوحا في رفضه لإقامة دولة فلسطينية، «حتى لا يضيع الوقت في مفاوضات أخرى».

وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، لـ «الشرق الأوسط»، «مهما كان شكل الائتلاف القادم في إسرائيل، فإنه لن يملك مقومات صناعة السلام». وردا على سؤال حول الخطوات المفترض أن تتخذها السلطة، قال عريقات، «إذا ما جاءت حكومة إسرائيلية، لا تعترف بخيار الدولتين، ولا تعترف بالاتفاقات الموقعة وستستمر بالاستيطان والعدوان، فلن تكون شريكة لنا». وتابع «سنسأل المجتمع الدولي واللجنة الرباعية، هل حكومة إسرائيلية لن تعترف بالاتفاقات وستستمر بالاستيطان.. هل تعتبرونها شريكا».

واعتبر عريقات أن «الخيار أمامنا هو خيار الوحدة الوطنية، وخيار نبذ الخلافات وإنهاء الانقسام، والتمسك بوحدة الضفة والقطاع». ويرى عريقات، أن الناخب الإسرائيلي لم يصوت للسلام على المسار الفلسطيني ولا السوري، بل صوت للحرب على المسار الإيراني.

وبحسبه «فالمنطقة قادمة على مخاطر كبيرة، قد تكون ساحتها وملعبها فلسطين، وبالتالي فإن المطلوب فورا، هو الوحدة الفلسطينية نبذ العرب لخلافاتهم مستفيدين من دعوة خادم الحرمين لمواجهة التحديات».

وقالت حماس، إن نتائج الانتخابات الإسرائيلية، «أفرزت عملياً ثلاثة رؤوس للإرهاب الصهيوني، وإن العصابات الإسرائيلية، تحولت إلى أحزاب صهيونية متطرفة كانت صغيرة ثم أصبحت اليوم ثقافة ومؤسسة»، داعية إلى ضرورة «إحداث تغيير في الواقع العربي اليوم لمواجهة التحديات الخطيرة على الشعب الفلسطيني والمنطقة برمتها». واتفقت حركة الجهاد الإسلامي، مع موقفي حماس والسلطة، ودعت إلى مواجهة «جنوح المجتمع الإسرائيلي نحو مزيد من التطرف» باتخاذ موقف فلسطيني وعربي واحد. وقال القيادي البارز في الجهاد في غزة، نافذ عزام، لـ «الشرق الأوسط»: «الحكومة المقبلة ستتخذ مواقف أكثر تشددا والمطلوب فلسطينيا المزيد من التضامن، والسعي بكل قوة لإنهاء حالة الانقسام، كما هو مطلوب من العرب أن يكثفوا جهودهم لتجاوز خلافاتهم واتخاذ موقف مشترك في مواجهة السياسة الإسرائيلية».

وبالطبع، فإن الشارع الفلسطيني كان من أكثر المتابعين لنتائج الانتخابات الإسرائيلية، لكن هذه المتابعة، كانت من باب الفضول، أكثر منها، أملا بالتغير، إذ لا يثق الفلسطينيون أن تغييرا ما، يمكن أن يطرأ على السياسية الإسرائيلية بتغيير شخوصها وأحزابها. وقال، خليل حداد، وهو طالب جامعي، «إن اليمين واليسار الإسرائيليين وجهان لعملة واحدة، ولا فرق مهما في من يتولى رئاسة الحكومة هناك، كلهم يعملون ضد الفلسطينيين ولا يريدون السلام». وتابع «إذا كان حزب العمل اليساري قتل 1300 في غزة، فأي يسار ويمين يتم الحديث عنهم».

وهو رأي يشاركه فيه الصحافي أمجد سمحان، وقال إنه «لا يكترث بمن سيشكل الحكومة هناك لأن السياسات الإسرائيلية ثابتة تجاه الفلسطينيين.. كلهم أسوأ من بعضهم».

أما إيهاب عرار، وهو موظف في مؤسسة أهلية، فقال «إن اليمين أفضل من اليسار والوسط». وهو يعتقد أن اليمين أكثر جرأة على توقيع وتنفيذ الاتفاقات من الوسط واليسار. وأعطى على ذلك مثل مناحيم بيغن الليكودي الذي وقع اتفاقا مع مصر عام 1979، وبنيامين نتنياهو الذي وقع اتفاقية الخليل عام 1996، وشارون الذي انسحب من غزة بشكل أحادي. واتفقت هالة عبد الرحمن، (معلمة) مع عرار، إلى حد كبير، لكنها أوضحت أن أخبار الرواتب التي تأخرت بالنسبة لها أهم من أخبار من سيشكل الحكومة في إسرائيل. وقالت «لا شيء سيتغير أبدا، يمكن نتنياهو أفضل منهم جميعا عشان يريح السلطة من أولها، هو قال ما في دولة وانتهى.. بلاش يتعبونا كمان 4 سنين في المفاوضات».

وقالت حلا هشام عبد الله: «إن اليمين أفضل من اليسار بالنسبة لنا، على الأقل اليمين سيكون مكشوفا بأنه لا يريد سلاما، وهذا أفضل من (تسيفي) ليفني (رئيسة حزب كديما) التي تسوق نفسها على أنها تريد السلام وفي الوقت نفسه تستنفد الوقت، ولا تقدم لنا شيئا». وتصدرت نتائج الانتخابات الإسرائيلية عناوين الصحف الفلسطينية اليومية، أمس، وتصدرت نتائج الانتخابات الصفحة الأولى لصحيفة «الحياة الجديدة» التابعة للسلطة، بعنوان «كديما يفوز واليمين يقود».

وكتبت صحيفة القدس، الأوسع انتشارا، في افتتاحياتها تقول «لن تحمل نتائج الانتخابات الإسرائيلية أي مفاجآت للمواطنين الفلسطينيين، الذين اعتادوا، منذ الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم عام 1967، على توالي الانتخابات والحكومات الإسرائيلية، من دون أن يطرأ أي تبدل أو تغيير في اتجاه إنهاء الاحتلال والاستيطان، وإقامة الدولة الفلسطينية».

واعتبرت القدس، «أن حالة من الجمود ستخيم على النشاط الدبلوماسي، وعملية السلام تحديدا، ومن المؤكد أن كل المبادرات العربية والدولية ستوضع على الرف إلى أجل غير مسمى».

أما صحيفة الأيام المقربة من السلطة، فقالت في مقال لهاني حبيب، «إن بروز التيارات اليمينية في إسرائيل هو إحدى أهم ميزات هذه الانتخابات». وفي غزة، كتب ممدوح طه في صحيفة فلسطين التابعة لحماس، «الواقع أنه بعد العدوان الهمجي لحكومة الوسط الصهيونية فلا فرق بين وسط ويمين وبين يمين ويمين متطرف فكلهم عنصريون متطرفون. والأهم الآن قبل أن نواجه أعداءنا الصهاينة بالتجريح هو أن نواجه أنفسنا كعرب وكفلسطينيين بالتصحيح، من الانقسام إلى الوحدة ومن الضعف إلى القوة ومن أوهام السلام إلى الاستعداد لمواجهة دعاة اللاسلام».