عواصف تقتلع خياما تأوي فلسطينيين دمرت منازلهم خلال الحرب

مشردو غزة يواجهون الأمطار.. والأمراض.. ونقص الأغطية

TT

حاولت «أم عواطف العطار» جاهدة التعلق في قائم الخيمة بقصد تثبيته، بعد أن أوشكت الرياح العاتية على اقتلاعها، في الوقت الذي قام زوجها بتعبئة أكياس من الرمل لوضعها على جوانب الخيمة في محاولة يائسة لمنع تهاويها، في الوقت الذي كان أطفاله يرتجفون من شدة البرد ويعصف بهم الخوف من أصوات الرعد، بينما كانت مياه الأمطار تندفع إلى داخل الخيمة.

لكن كما تقول «أم عواطف» لـ«الشرق الأوسط» فإن هذه المحاولة باءت بالفشل وانهارت الخيمة على رؤوس الأطفال، فما كان من أفراد هذه العائلة إلا أن فروا باتجاه أحد المنازل الذي يقع في محيط المكان. ما حدث مع هذه العائلة ليلة الثلاثاء الماضي حدث مع معظم العائلات التي تقيم في معسكر «الكرامة»، الذي أقيم بالقرب من بلدة «بيت لاهيا»، أقصى شمال القطاع، والذي يضم خيماً تقيم فيها العائلات التي قام الجيش الإسرائيلي خلال الحرب على القطاع بتدمير منازلها في منطقتي «العطاطرة» و«السلاطين»، فتقطعت بها السبل.

لم تكن الحاجة فاطمة العطارأفضل حالاً التي قالت لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يكن بوسعها محاولة منع انهيار الخيمة، إذ إنها وأفراد عائلتها فوجئوا عندما وجدوا مياه الأمطار والبرَََد تغمر الخيمة، بينما كان بعضهم يغط في النوم، فما كان منهم إلا أن تركوا كل متاعهم خلفهم واتجهوا نحو أقرب البيوت التي تقع بالقرب من المخيم للاحتماء من والمطر والبرَد. منازل معظم نزلاء المخيم الذي يفتقد الخدمات الأساسية تقع بالقرب من المكان، حيث يشاهد الناس هناك ركام منازلهم المدمرة. اللافت أن اقتلاع الخيام أدى إلى إصابة المشردين وخصوصاً الأطفال لمشاكل صحية، حيث أصيبوا بالإعياء والإسهال ونوبات المغص.

أم وليد، 33 عاماً، أرملة قتل جنود الاحتلال زوجها عام 2007، تقول إنها ما زالت تعالج أطفالها الذين أصيبوا بنزلات من البرد الشديد في العيادة الصحية في بلدة «بيت لاهيا». لكن المشكلة الكبيرة التي تواجه المشردين في المخيم هي النقص في الأغطية إذ إن ما قامت المؤسسات الخيرية والدولية بتوزيعه من حرامات وبطانيات لا يكفي للعائلات المشردة هناك. أبو إبراهيم خليل، 65 عاماً، قال لـ«الشرق الأوسط »إن عدد أفراد عائلته عشرة أشخاص، لكن العائلة حصلت على خمسة حرامات، وهذا يعني أن كل شخصين، سيلتحفان بحرام واحد فقط، وهذا أقل من أن يكفي لمواجهة الجو شديد البرودة الذي يعصف بالمنطقة تحديداً هذه الأيام. الكثير من العائلات التي تقيم في المخيم حاولت العثور بين ركام منازلها على حرامات وبطاطين للتدفئة، لكن معظم هذه المحاولات باءت بالفشل، إما لاحتراق كل الأثاث، وإما بسبب كتل الركام الموجودة فوق هذه الأغطية. لكن بعد اقتلاع الخيام فلم يعد ينام فيه أي من الأطفال الذين قام ذووهم بإيداعهم لدى أقاربهم الذين يقطنون في محيط المنطقة أو في مناطق بعيدة، حفاظاً على صحتهم من البرد، وتحسباً لتعرض المنطقة لمزيد من العواصف التي قد تقتلع الخيام مرة أخرى، لكن معظم الأطفال يعودون للمخيم مع بزوغ الشمس. في الليل يتحلق الرجال والنساء حول النار ثم يخلدون بعد أن ينهكهم السهر.

لا يبدي نزلاء المخيم حماساً كبيراً للمساعدات التي تقدمها المؤسسات الخيرية، فهم معنيون بأن يتم إعادة بناء منازلهم ليتفكك هذا المخيم، الذي أعاد لدى الكثيرين منهم المشاعر التي رافقتهم عندما هاجروا من أرضهم عام 1948.