المخابرات الأفغانية تحقق في صلات بين باكستان وهجمات كابل

تعزيز الإجراءات الأمنية في كابل بعد سلسلة من الهجمات الانتحارية

جندي أميركي من الكتيبة الثانية يمر أمام مجموعة من الأفغان خلال عملية مداهمة في قرية سمكار بولاية كونار شرق أفغانستان أمس (رويترز)
TT

قال مسؤولو مخابرات أفغان أمس إنهم يحققون في صلات بين باكستان وعناصر من طالبان قتلت 26 شخصا في ثلاث هجمات انتحارية متزامنة على مكاتب حكومية في العاصمة كابل. وكشفت الغارات الثلاث المنسقة على وزارتين ومكتب لإدارة السجون في كابل أمس عن تكتيك جديد تستخدمه طالبان التي كانت تهاجم هدفا واحدا فقط من قبل. وربما استلهمت الغارات الهجمات التي وقعت في مدينة مومباي الهندية العام الماضي واستهدفت إثارة أقصى قدر من الذعر والدعاية، لكن محللين قالوا :«ان القوات الأفغانية خففت من تأثير الهجمات بتحركها السريع لقتل المسلحين».

وقال أمر الله صالح رئيس المخابرات الأفغانية: «وهم يقتحمون وزارة العدل وقبل أن يبدأوا في القتل العشوائي للمدنيين هناك بعثوا ثلاث رسائل إلى باكستان تطلب المباركة من عقلهم المدبر». وصرح متحدث باسم المخابرات الأفغانية أمس بأن الإدارة الوطنية للأمن تتحرى صلات محتملة مع باكستان. ومنذ بداية العام الماضي شنت طالبان وحلفاؤها عددا أقل من الهجمات داخل العاصمة المحصنة لكن الهجمات التي نفذوها استهدفت في الأساس أهدافا مهمة لجذب اهتمام وسائل الاعلام. وجاء هجوم الأمس عشية أول زيارة رسمية يقوم بها ريتشارد هولبروك مبعوث الرئيس الأميركي الجديد إلى أفغانستان وباكستان.

إلى ذلك عززت الشرطة الأفغانية الإجراءات الأمنية في العاصمة كابل امس بنشر المزيد من القوات وإقامة العديد من نقاط التفتيش وذلك بعد يوم واحد من سلسلة من الهجمات الانتحارية التي استهدفت ثلاثة مبان حكومية وحصدت أرواح 26 شخصا على الأقل.

ولوحظ أمس انتشار المئات من أفراد الشرطة والجيش وعملاء الاستخبارات في ميادين وشوارع المدينة. وتأتي هذه الإجراءات بعد يوم واحد من إعلان وزير الداخلية الأفغاني حنيف أتمار في مؤتمر صحافي أن«العدو لا يزال قادرا على نقل الأسلحة والمتفجرات إلى داخل مدينة كابل».

وكشف أتمار عن أن الحكومة ستتخذ «إجراءات أمنية أشد صرامة» دون أن يوضح التفاصيل، إلا أنه حذر من أن الإجراءات قد تتسبب في المزيد من الارتباك للحياة اليومية. وذكر بيان لحركة طالبان نشر على موقعها الالكتروني أن الزعيم الأعلى للحركة الملا محمد عمر هو من أشرف مباشرة على هجمات أمس ونفذها ثمانية من انتحاريي الحركة. وقال البيان: «إن هدف الهجمات كان الانتقام لإعدام عدد من عناصر الحركة في سجون الحكومة العام الماضي، مضيفا أن ثمانية عناصر أخرى عادت إلى قواعدها بعد الهجمات».

من جهته قال رئيس جهاز المخابرات الأفغانية أمر الله صالح: «إن (العدو) أراد أن يتصدر عناوين الأخبار ويؤكد قدرته على ارتكاب جرائم قتل جماعية في كابل، ولقد نجحوا في ذلك».

وبالرغم من ذلك كله، أشاد أتمار بجهود رجال قوات الأمن، معتبرا أنهم سيطروا على الموقف سريعا. هجمات أول من أمس المتزامنة هي الأحدث في سلسلة من العمليات التي تنفذها طالبان ، ففي يناير (كانون الثاني) عام 2008 قامت الحركة بهجوم على فندق سيرينا، وهو الفندق الوحيد في البلاد المصنف خمس نجوم، وكان وزير الخارجية النرويجي مقيما في الفندق آنذاك. وفي أبريل (نيسان) الماضي فتح مقاتلو طالبان النار على عرض عسكري في العاصمة كان يحضره الرئيس كرزاي. وفي الصيف اقتحموا سجن قندهار وأطلقوا سراح المئات من رفاقهم.

وتلاشت الوعود والتوقعات بهزيمة طالبان الوشيكة، لا سيما من جانب ضباط الجيش الأميركي، منذ فترة طويلة. إلا أن قادة طالبان يشيرون بشيء من القلق إلى أن المجتمع الدولي، وفي مقدمته الإدارة الأميركية الجديدة، بدأ يولي مزيدا من الاهتمام بالمشكلات المهملة في أفغانستان، فأحد أسباب الفشل الذي من المحتمل أن يمنى به المجتمع الدولي هناك هو أن الحرب في العراق استنزفت الموارد، ما أدى بدوره لحدوث فجوة في التمويل لإعادة الإعمار وأيضا تناقص حجم القوات الأجنبية في أفغانستان بشكل كبير. غير أن العالم بدأ يعي نقاط القصور في عملية إعادة إعمار المجتمع المدني في أفغانستان، وتخطط الولايات المتحدة لدعم قواتها المتمركزة هناك بشكل كبير هذا العام. وكما صاغها هولبروك لا توجد «معادلة سحرية» لأفغانستان.وكذلك أكد الجنرال ديفيد بتريوس قائد القيادة العسكرية الأميركية الوسطى بقوله: «إنه يتوقع أن يزداد القتال ضراوة ضد المتمردين قبل أن تتحسن الأوضاع». وكان مسح، أجرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بالاشتراك مع شبكة (إيه بي سي) نيوز الإخبارية الأميركية و(إيه آر دي) الألمانية في وقت سابق هذا الأسبوع، كشف خطورة الموقف، حيث أعرب 40% فقط من الأفغان المستطلعة آراؤهم عن اعتقادهم بأن بلادهم تسير في الاتجاه الصحيح، مقارنة بمسح مماثل أجري منذ ثلاث سنوات بلغت فيه نسبة من يعتقدون ذلك الضعف تقريبا.