خلافات حول الأسرى تعوق توقيع التهدئة بين السودان و«العدل والمساواة»

الوسطاء في الدوحة يطرحون وثيقة «توفيقية» لتجاوز نقطة الخلاف

TT

قالت مصادر مطلعة في العاصمة القطرية الدوحة لـ «الشرق الأوسط» إن الخلاف بين طرفي مفاوضات سلام دارفور: الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة المسلحة في الإقليم حول تضمين مسألة «الإفراج عن الأسري والمحكومين» من الطرفين، حال دون توقيع اتفاق للتهدئة، اتفق الطرفان على بنوده منذ الأول من أمس تحت اسم: «إجراءات بناء الثقة، وإعلان حُسن النوايا». ويبذل الوسطاء من قطر والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة عبر مباحثات غير مباشرة بين الطرفين لتقريب وجهات النظر حول نقطة الخلاف، التي وصفتها المصادر بأنها جدية، وباتت تهدد المفاوضات.

وحسب المصادر فإن الوسطاء طرحوا نهار أمس على الطرفين نصاً توفيقياً لتجاوز نقطة الخلاف بأن «يتبادل الطرفان في الفترة المقبلة المعلومات حول الأسرى والمحكومين، على أن يبذل الوسيط في الفترة المقبلة الجهود لجهة فك الأسرى والمحكومين لدى الطرفين».

وكانت الحكومة السودانية اعتقلت نحو أكثر من 100 من عناصر حركة العدل والمساواة أثناء هجومها على مدينة أم درمان في مايو (أيار) الماضي، وبعد تحقيقات معهم أفرجت عن مجموعة منهم فيما أخضعت مجموعة أخرى إلى محاكمات خاصة استمرت لأشهر من بينهم «عبد العزيز عشر» القيادي في الحركة المسلحة والأخ الشقيق للدكتور خليل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة، وتتحدث حركة العدل والمساواة عن أسرى لديها من الجانب الحكومي غير أنها لم تقدم تفصيلات حولهم. وكانت الحركات الرافضة لخطوة الدوحة اعتبرت قدوم «العدل والمساواة» إلى طاولة التفاوض من أجل الإفراج عن شقيق رئيس الحركة خليل، وهو الاتهام الذي نفاه إبراهيم بنفسه.

وقالت المصادر إن حركة العدل والمساواة ترى أنه من أهم إشارات حُسن النوايا الإفراج عن الأسرى بين الطرفين، فيما قالت مصادر حكومية لـ «الشرق الأوسط» إنها خطوة تفاوضية لن نسمح بها الآن، وأضافت: هذا كارت إذا ما رميت به الآن على الطاولة فماذا أرمي في المراحل المقبلة». وخلت مسودة اتفاق التهدئة الذي يواجه صعوبات في الدوحة من أي حديث عن وقف إطلاق النار بين الطرفين، ووافقت الحكومة على تعديل اسم المسودة من «الاتفاق الإطاري» إلى «وثيقة إجراءات بناء الثقة، وإعلان حسن النوايا»، ويتوقع أن تمثل الوثيقة حجر الأساس لمفاوضات جادة وبناءة تفضي إلى سلام شامل وعادل في دارفور. وقالت المصادر إن الوثيقة تتضمن محورين مهمين: إجراءات بناء الثقة، وإعلان حسن النوايا. وكشفت المصادر النقاب عن أن الوثيقة في محور إجراءات بناء الثقة تنص على ضمان أمن وسلامة النازحين، وتأمين وصول المساعدات الإنسانية الكافية إلى النازحين بدون تعقيدات.

وقالت المصادر إن المحور الثاني للوثيقة التوفيقية لمفاوضات دارفور يتضمن التأكيد على إرادة الحكومة السودانية وحركة «العدل والمساواة» في الدخول في عملية سلمية تفضي لحل شامل بمشاركة واسعة، والتعبير عن ثقة الطرفين في جهود ومساعي دولة قطر والوسيط المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي جبريل باسولي، والعودة إلى المفاوضات في أقرب الآجال. واعتبرت المصادر الوثيقة خطوة متقدمة نحو الحل السلمي لقضية دارفور المندلعة منذ نحو 5 سنوات.

ومن جهته قال الناطق باسم الحركة المتمردة، أحمد حسين آدم، إن «وثيقة بناء الثقة وحسن النوايا سيتم توقيعها بين لحظة وأخرى»، وأضاف «لكن لا تزال هناك خلافات رئيسية بشأن الإفراج عن أسرى الحرب».

وكشف حسين لوكالة الصحافة الفرنسية أن الوثيقة المزمع توقيعها «تتضمن بشكل أساسي إيقاف الانتهاكات ضد النازحين في معسكراتهم وإيقاف القصف العشوائي للمدنيين وتبادل الأسرى والمساجين والمعتقلين من الطرفين». وعما إذا كان يعتقد أن المحادثات التي تتوسط فيها الدوحة ستؤتي ثمارها فقال آدم لـ «رويترز» بالهاتف «أعتقد ذلك.. لكن الخط الأحمر بالنسبة لنا يتعلق بالمحتجزين».

وقال آدم إن تأخر التوقيع كان بسبب تعنت وفد الحكومة في قضيتي وقف القصف العشوائي ضد المدنيين دون تمييز على الأطفال والعجزة والنساء وتبادل الأسرى، وأضاف «الحكومة لا تهتم بالأسرى من جنودها الذين بطرفنا ولا تعترف بأنهم بيننا.. ونحن نعاملهم وفق القوانين الدولية»، وقال إن حركته على استعداد لتسليم الأسرى في أي لحظة عن طريق الصليب الأحمر الدولي ودولة قطر، وقال إن الوصول إلى السلام خيار حركته الاستراتيجي، وإن الطرفين اتفقا على مواصلة المحادثات.