تقرير: دروس للغرب في الذكرى الـ20 لانسحاب الجيش السوفياتي من أفغانستان

تتزامن مع الجهود التي تبذلها موسكو لتعزيز وجودها في آسيا الوسطى

TT

بينما كانت قرية علي ماردان الافغانية تحتفل بعرس زفاف، شنت طائرات حربية غربية هجوما مفاجئا عليها. وانهالت القذائف على الساحة المكتظة بالقرية فقتلت 30 من الرجال والنساء والاطفال. وبعد انقشاع الدخان ودفن الموتى حمل كل الرجال الاصحاء الذين ظلوا على قيد الحياة السلاح ضد الغزاة. حدث ذلك في عام 1982 وكانت الطائرات المغيرة هي طائرات الاتحاد السوفياتي السابق. ولكن بعد مرور 20 عاما على رحيل اخر جندي سوفياتي من افغانستان تكرر القوات الاميركية وقوات حلف الاطلسي نفس الاخطاء وربما تواجه نفس خطر الطرد من البلاد. واسفرت سلسلة غارات جوية غير متقنة للقوات الاميركية وقوات حلف الاطلسي عن مقتل 455 مدنيا افغانيا العام الماضي وفقا لتقديرات الامم المتحدة. ويبدو ان الخطر يحيط على نحو خاص بحفلات العرس وهذا ربما بسبب تجمع حشود من الناس الذين يطلق بعضهم النار في الهواء احتفالا بالعرس.

واحيت روسيا امس الذكرى العشرين لانسحاب القوات السوفياتية من افغانستان بعد حرب كانت حصيلتها كارثية، لكن بقناعة ان الاخطاء التي ارتكبتها يمكن ان تشكل اليوم عبرا للغرب.

وخرج آخر جندي روسي من الاراضي الافغانية في 15 فبراير (شباط) 1989 طاويا صفحة حرب كانت روسيا تعتبرها مجرد توغل وجيز لدعم حلفائها الافغان، لكنها تحولت في الواقع صراعا دمويا دام قرابة عشر سنوات. وقضى اكثر من 13 الف سوفياتي وحوالي مليون افغاني في الحرب التي كانت احد الاسباب التي ادت الى انهيار الاتحاد السوفياتي ووصول طالبان الى السلطة في افغانستان. وقال القائد الروسي السابق رسلان اوتشيف «لم نكن نتوقع ان تأخذ الحرب هذا المنحى». وبرأي هذا المحارب الروسي القديم ان روسيا «قد تكون اعتمدت الاستراتيجية الخاطئة»، مؤكدا انه «ما كان يجب ارسال قواتنا الى هناك».

واضاف اوتشيف خلال طاولة مستديرة مؤخرا«في وقت من الاوقات ارتكبنا خطأ عسكريا ادى الى خطأ سياسي». ويشاطر غالبية الروس اوتشيف موقفه بحسب استطلاع للرأي نشر اول من امس اظهر ان 47 في المائة من الروس يعتقدون ان اجتياح افغانستان كان «مغامرة سياسية اقحم زعماء سياسيون لا مسؤولون البلاد فيها». ومع ذلك اغتنم مسؤولون المناسبة للاشادة بـ«بطولة» الجنود السوفيات في تأدية واجبهم. وقال رئيس بلدية موسكو يوري لوجكوف «كان الجنود مخلصين لقسمهم تجاه واجبهم العسكري والاخوة وابدوا قوة وشجاعة على غرار ما فعل الجيش الروسي على الدوام». الا ان احياء الذكرى يبقى خجولا اذ اقتصر على وضع اكاليل من الورد وتوزيع اوسمة على المحاربين القدماء في حين يشتكي عدد منهم من قلة التعويضات المالية التي خصصت لهم. وبعد عشرين عاما على انتهاء الحرب لا تزال افغانستان تتصدر العناوين ويزداد تمرد طالبان توسعا رغم انتشار حوالي سبعين الف جندي من القوات الدولية على اراضيها.