مصر: تخوف من إعادة تطبيق قرار منع حظر التصدير على الأسمنت

وزير التجارة يقرر إلزام المصانع بالإعلان عن أسعارها للمستهلكين

TT

أصدر المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة قراراً بإلزام مصانع إنتاج الاسمنت بالإعلان عن الحد الأقصى لسعر بيع الاسمنت لكافة حلقات التوزيع بما في ذلك سعر البيع للمستهلك النهائي، وذلك اعتباراً من غد الخميس.

واتجهت أسعار الأسمنت في مصر إلى الارتفاع التصاعدي حيث بلغ سعر الطن في عام 2000 نحو 185 جنيها للطن ليصل في 2007 إلى 360 جنيها وفى عام 2008 وصل سعر الطن إلى 470 جنيها للطن ليصل مع بدايات عام 2009 إلى 700 جنيه للطن. وحظر القرار على الموزعين والتجار بيع الاسمنت بسعر يجاوز سعر البيع الذي يتم تحديده بمعرفة المصانع التي ألزمها القرار بوقف التعامل مع الموزعين والتجار الذين يثبت إخلالهم بأحكام هذا القرار. وتضمن القرار في مادته الثالثة إلزام الوكلاء والتجار موافاة قطاع التجارة الداخلية يوم الخميس من كل أسبوع ببيان تفصيلي يتضمن رصيد المخزون لديهم وعناوين مخازنهم.

ولم يستبعد رشيد اتخاذ أية إجراءات لوقف الارتفاع غير المبرر لأسعار الاسمنت مشددا على أن الوزارة ستتصدي بكل قوة وحزم بما تتيحه القوانين والتشريعات لأية محاولات من التجار وكافة حلقات التوزيع للتلاعب بأسعار الاسمنت أو استغلال زيادة الطلب في هذه المرحلة لرفع أسعار الاسمنت أو تخزينه، وأن أجهزة الوزارة بالتعاون مع وزارة الداخلية ستقوم باتخاذ اللازم إزاء كل من يحاول افتعال أي اختناقات في حلقات توزيع الاسمنت. كما اصدر رشيد قراراً بتشكيل لجنة برئاسة سيد أبو القمصان مستشار الوزير لشؤون التجارة الخارجية لدراسة كتابة الحد الأقصى لسعر البيع للمستهلك المعلن بمعرفة المصانع على عبوات (شكائر) الاسمنت.

ويأتي قرار الحكومة المصرية في ظل اتفاق بين مصانع الأسمنت على وقف تصديره طواعية، لكن خبراء شككوا في جدوى الاتفاق الضمني بين شركات الأسمنت لمنع تصدير منتجاتهم إلى الأسواق وطالبوا بوضع قواعد تنظم سوق الأسمنت في مصر بعد الارتفاعات التي شهدتها أسعار الأسمنت، بعد أن تخلت الحكومة عن سياسة التسعير الجبري وأصبح الأسمنت حر التداول وأعطيت الشركات حرية تحديد أسعارها منذ عام 1991، هذا بالإضافة إلى أن الشركات الأجنبية التي تتحكم في السوق وتوجه إنتاجها إلى الخارج. وأضافوا أن القواعد التي وضعتها الحكومة في فبراير (شباط) 2007 التي كان غرضها المحافظة على استقرار أسعار الأسمنت في السوق لم تجد نفعاً، حيث ألزمت الوزارة شركات الأسمنت والتجار بالإعلان عن أسعار البيع وتقديم بيانات أسبوعية شاملة عن الكميات المنتجة والمعروضة في السوق المحلية وكذلك الكميات المصدرة وأسعارها وتضمن القرار فرض رسوم تصدير على صادرات الأسمنت بواقع 50 جنيها على الطن.

وحذر الخبراء عودة قرار منع التصدير الذي اعتبروه إجراء تعسفيا على الشركات المصرية لما له من تأثيرات بالغة على الشركات العاملة بالإضافة إلى التأثير على الاستثمار في قطاع الأسمنت بشكل عام. وقال عيسى فتحي الخبير الاقتصادي إن تطبيق قرار حظر التصدير قد يؤثر بشكل كبير على الشركات فضلا عن إمكانية عزوف الشركات الأجنبية عن الاستثمار في مجال الاسمنت بمصر واللجوء إلى دول أخرى ومنتجين آخرين أكثر التزاما.

ويرى أحمد العطيفي رئيس قسم البحوث بشركة «نيوبرنت» ان حظر تصدير الاسمنت في ظل هذه الظروف سوف يؤدى إلى خلل في خطط الشركات في الوقت الذي ندعو فيه إلى الانفتاح على العالم في ظل الأزمة المالية العالمية. وأشار العطيفي إلى أن الارتفاعات غير المبررة في أسعار الاسمنت لم تتعلق بالإنتاج وإنما بعمليات المضاربة والمشاكل التي يعانى منها القطاع وخاصة مشكلة سيارات المقطورة التي تم حلها مؤخراً ومتوقع أن تكرر خلال الفترات المقبلة.

وقالت غادة رفقى المحللة المالية المتخصصة في قطاع الأسمنت بـ«سي أي كابيتال» إن شركات الأسمنت في مصر تواجه صعوبات بالغة لتستعيد حصتها في الأسواق الخارجية التي فقدتها بعد قرار منع التصدير لمدة ستة أشهر خلال العام الماضي. وقالت إن شركة مثل «مصر بني سويف» للأسمنت تبيع سعر الطن محلياً بنحو 450 جنيها في حين تبيع سعر الطن للأسواق الخارجية بنحو 65 دولارا، مما يعنى أنها تتخلى عن 90 جنيها كربحية في الطن لتصديرها في سبيل استعادة حصتها في الأسواق الخارجية. وأضافت غادة رفقى أن شركات الأسمنت لن تتأثر على المدى القصير لو تم صدور قرار بمنع الحظر، ولكن سيظهر التأثير بشكل سلبي وكبير على المدى الطويل.

إلا أن الفجوة بين العرض والطلب لن تدوم طويلا، ويرى أحمد النجار مدير إدارة البحوث بشركة «بريمير» أنه من المتوقع أن تحدث انفراجة في السوق على مستوى المنافسة مع دخول طاقات إضافية جديدة للسوق وذلك مع بداية تشغيل خط الإنتاج الجديد لـ «أسمنت سيناء» بطاقة 1.7 مليون طن وكذلك بداية الإنتاج لمصنع شركة «جنوب الوادى» للأسمنت بطاقة 1.5 مليون طن وهو ما يضيف ثلاثة ملايين طن أسمنت جيدة للمعروض المحلى هذا بالإضافة لدخول الطاقات الإنتاجية لمصانع الأسمنت الجديدة إلى السوق والتي تبلغ 13.5 مليون طن، ليصل بذلك إجمالي الإنتاج المصري من الأسمنت 66 مليون طن في مقابل 52 مليون طن استهلاك متوقع وهو ما سيسمح بوجود فائض يوجه للسوق العالمي نظراً للمركز التنافسي لمصر في صناعة الأسمنت من حيث التكلفة، وهو ما سيسمح بوضع تنافسي أفضل، سيؤثر على استقرار الأسعار عند مستويات مقبولة، وسيسمح بتحقيق معدلات ربحية مرتفعة.