إجراءات أمن مشددة داخل المحكمة.. وخفية خارجها

فنسنت لـ«الشرق الأوسط» : لم أتحدث عن عناصر من حزب الله وما عنيته هو درجة تيقظ الشرطة

TT

على مدخل مبنى المحكمة الخاصة بلبنان التي انطلقت أمس، وقف شرطيان يحملان لوائح يدققان فيها بالأسماء المسجلة أمامهم. الصحافيون، وحتى الدبلوماسيون، الذين حضروا جلسة الافتتاح أمس كان عليهم أن يمروا بالأمن الخاص بالمحكمة، قبل دخول المبنى. ولكن خارج عتبة البوابة الحديدية للمبنى، كان المكان أشبه بأي مكان عام آخر... باستثناء انتشار مراسلي محطات التلفزة وشاحنات البث الحي في الساحة الخضراء المقابلة للمبنى. لا حواجز أمنية ولا رجال شرطة يوقفون القادمين. ولا حتى رجال أمن موزعون في محيط المبنى... على الأقل ليس بشكل ظاهر للعيان. الناطق باسم الشرطة الهولندية في لاهاي يرفض التعليق على الإجراءات الأمنية التي اتخذت خارج محيط المبنى يوم أمس، ويقول كاس كوبنز، الناطق باسم الشرطة، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لا نعلق أبدا على الإجراءات الأمنية وإجراءات السلامة العامة التي نتخذها». ولكن عناصر الأمن الموجودين داخل المبنى، وهم موظفون تابعون للمحكمة، أكدوا، بابتسامة وهزة رأس، بأن الشرطة موجودة وتؤمن الحماية.

حساسية الأمن في محيط المحكمة الخاصة بلبنان تطرح بسبب موقع المبنى في وسط أحياء سكنية. فلايشندام التي تقع على أطراف مدينة لاهاي، تشبه القرى الهادئة النائية. شوارعها ساكنة، وبيوتها المصفوفة على الجانبين تحيط بها أشجار وحدائق وساحات خضراء من كل الجهات. وعلى الرغم من أن لاهاي لا تبعد عن لايشندام إلا عشر دقائق في «الترام»، أو القطار الكهربائي، فإن هذه الضاحية لا تشبه في شيء ضوضاء المدنية وضجيج شوارع «عاصمة العدالة». ويقول مقرر المحكمة روبن فينست، المسؤول عن الترتيبات الإدارية الخاصة بالمحكمة، إنه حاول طمأنة السكان أكثر من مرة، ودعاهم لزيارة المبنى ثلاث مرات، وأكد لهم أن المبنى مفتوح لهم وليس مكانا حيث تجري أمور سرية. وبما أن الجريمة التي تحاكم المحكمة القتلة على أساسها هي «إرهابية»، فإن خوف السكان كان من احتجاز «إرهابيين» في حيهم. ولكن فنسنت طمأنهم أيضا إلى أن المحكمة لن تحتجز متهمين في مقرها، وأن المتهمين سيرسلون إلى سجن شيفننغن الذي يقبع فيه موقوفون بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب حاكمتهم أو تحاكمهم المحكمة الجنائية الدولية.

ويصف فنسنت لـ«الشرق الأوسط» التعاون مع الشرطة والمخابرات الهولندية بأنه ممتاز. ويقول فنست لـ«الشرق الأوسط» تعليقا على ما نشرته صحيفة «لوموند» الفرنسية أمس حول توقيف عناصر من حزب الله كانوا يلتقطون صورا للمبنى، أن الحادث «يدلّ على درجة تيقظ الشرطة الهولندية». ولكنه ينفي معرفته بما إذا كان الأشخاص الذين اعتقلوا هم حقا ينتمون إلى حزب الله، ويقول إنه لم يأت على ذكر حزب الله، ويضيف: «ما قصدته هو درجة التيقظ لدى الشرطة ودرجة الحماية التي يؤمنونها لسكان الحي». ويؤكد أن الإجراءات الأمنية المتخذة لحماية السكان في الحي هي جيدة، ويشير إلى ثلاث حوادث حصلت حيث انتبهت الشرطة إلى أشخاص كانوا يلتقطون صورا للمبنى، وعالجت الموضوع على الفور.

ويقول بيتر فوستر، المسؤول الإعلامي في المحكمة، أن الشرطة الهولندية تقوم بجولات دورية في محيط المحكمة، ويؤكد أن الاستخبارات الهولندية تقدم تقارير منتظمة إلى المحكمة عن المخاطر الأمنية، إلا أنه يرفض الكشف عن أي تهديدات إرهابية تلقتها المحكمة. ويشرح أن كل شخص يأخذ صورا للمحكمة من دون إذن سيتعرض للمساءلة، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «من غير المسموح حتى للصحافيين أن يأخذوا صورا للمبنى من دون إذن، وإحدى محطات التلفزة بدأت مرة بالبث من دون إعلامنا مسبقا، فأوقفناها».

لم تتمكن حتى الآن المحكمة الخاصة بلبنان من تعكير هدوء لايشندام، فالشرطة تؤمن الحماية للسكان من دون إزعاجهم. ولكن رغم ذلك فإن السكان يبدون متيقظين لأي حركة غريبة في محيطهم، وهم من أبلغوا الشرطة عن رجال ثلاثة كانوا يأخذون صورا لمبنى المحكمة. فهل تبقى بلدتهم هادئة أم أن اقتراب افتتاح المحاكمات ينذر بقلق أكبر للسكان؟