دول مجلس التعاون الخليجي تتبرع بمليار و646 مليون دولار لإعمار غزة

سعود الفيصل لـ«الشرق الأوسط»: نتمنى ألا تصدر مذكرة توقيف البشير * مجلس الوزراء الخليجي يشدد في اجتماعه على حكمة البحرين في احتواء تصريحات إيران

الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي اثناء وصوله مع نظيره القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني للمشاركة في اجتماع وزراء الخارجية لدول مجلس التعاون في الرياض امس (ا ف ب)
TT

قبل 48 ساعة من إصدار المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير، أبدى الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، قلق بلاده إزاء تأثيرات المذكرة المرتقب صدورها بعد غد.

وقال الفيصل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، التي سألته حول الموضوع، على هامش مشاركته في اجتماعات الدورة 110 للمجلس الوزاري الخليجي أمس في الرياض، «نحن قلقون من هذا الوضع، ونتمنى ألا يحصل هذا الأمر. صدور مذكرة التوقيف مدعاة لعدم الاستقرار، وليس فيها حل للمشاكل». وألقى موضوع قرب صدور مذكرة توقيف الرئيس السوداني، بظلاله على تصريحات الوزراء الخليجيين.

ووصف يوسف بن علوي وزير الخارجية العماني، رئيس الدورة الحالية، محاكمة الرئيس السوداني عمر البشير، بأنها «قضية سياسية»، تحركها الدول الغربية ضد الدول العربية والأفريقية. وقال في مؤتمر صحافي في ختام الاجتماع الدوري لوزراء الخارجية الخليجيين أمس، «نسعى للخروج من هذا الموقف الصعب». وأضاف علوي «لا نريد أن يكون موضوع محاكمة البشير، سابقة في التعامل مع بقية الدول العربية». بدوره، وفي السياق نفسه، أبدى الشيخ حمد بن جاسم وزير الخارجية القطري، اعتقاده بأن صدور مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني، ستشكل مشكلة إضافية لموضوع دارفور، ولن تساعد في حل هذا الملف.

وقال إن هناك مساعي تبذل لحل هذا الموضوع، مستبعدا أن تؤدي الضغوط التي تفرض على السودان في هذا الوقت بحل القضية، مطالبا بفسح المجال أمام بلاده لتحاول إحراز تقدم في عملية المباحثات الجارية بخصوص دارفور. ودعت الدول الخليجية، الأطراف السودانية للبدء في محادثات سلام بشأن إقليم دارفور، بما يحقق الأمن والاستقرار لأبناء الشعب السوداني، مؤملين أن تكون الجهود القطرية المبذولة في هذا الإطار، بداية عملية لإنهاء الصراع في إقليم دارفور.

وعشية انعقاد مؤتمر المانحين في شرم الشيخ، الخاص بإعمار غزة، أعلنت الدول الخليجية عن مساهمتها في إعادة إعمار القطاع بمبلغ مليار و646 مليون دولار أميركي، عبر برنامج خليجي مفتوح العضوية للدول العربية الراغبة في المشاركة بعمليات إعادة الإعمار، ويدار من قبل لجنة تنسيقية من دول مجلس التعاون والدول العربية المساهمة في البرنامج.

وقال يوسف بن علوي وزير الخارجية العماني، إن إعلان دول الخليج مجتمعة لحجم مساهمتها في إعادة إعمار قطاع غزة، ليس استباقا لمؤتمر المانحين الدولي، بل هو تثبيت للدعم الخليجي لإعمار القطاع.

وقال عبد الرحمن العطية أمين عام مجلس التعاون الخليجي، إن مدة برنامج إعادة إعمار قطاع غزة، لن تزيد عن 5 سنوات. وللجنته التنسيقية حرية التنسيق مع البنك الإسلامي للتنمية، ولها الاستعانة بالمؤسسات المالية ذات العلاقة العاملة في الميدان، والتنسيق مع المؤسسات الشرعية الفلسطينية. وأكد بن علوي على استقلالية برنامج إعادة إعمار غزة. لكنه أشار إلى وجوب التنسيق مع الفلسطينيين، مبديا اعتقاده بأن الأطراف الفلسطينية سيتفقون على كيفية إعادة إعمار القطاع.

وتدرس الدول الخليجية الست، إنشاء مكتب ميداني للإشراف على تنفيذ المشروعات الممولة من البرنامج، بتسهيل الحصول على التراخيص اللازمة وإدخال المواد الأولية اللازمة لتنفيذ المشروعات في القطاع، الذي دمرته آلة الحرب العسكرية الإسرائيلية.

واعتبر الوزراء الخليجيون، العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، جريمة من جرائم الحرب ضد الإنسانية، وقالوا إنه أمر يستوجب محاسبة المسؤولين عنه. وأمام ذلك، أوضح وزير الخارجية العماني، أن الجامعة العربية تعمل بالتنسيق مع الأطراف الفلسطينية حول موضوع محاكمة الإسرائيليين على ما أحدثوه في غزة. وقال إن موضوع تصعيد الأمر إلى المحكمة الجنائية الدولية هو أمر وارد، وقد تم البدء فيه، لكن يحتاج إلى جهد مضني من أجل الوصول إلى إقناع المدعي العام بقبول القضية التي سترفع ضد الإسرائيليين.

وأشاد المجلس الوزاري الخليجي بدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، من خلال قمة الكويت الاقتصادية العربية، لطي صفحة الماضي، وفتح آفاق جديدة أمام مصالحة عربية شاملة، أسهمت في تنقية الأجواء، لتعود اللحمة والتضامن إلى الصف العربي، في وقت تمر به الأمة العربية بظروف عصيبة، تحتم مواجهتها بإرادة عربية قوية، قادرة على مواجهة التحديات والمخاطر، وتحقيق استعادة الوحدة الفلسطينية، وتهيئة الأجواء لتجاوز الخلافات والتباينات العربية.

ورفع الوزراء الخليجيون لخادم الحرمين، التهاني والتبريكات بمناسبة نجاح العملية الجراحية، التي أجريت للأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد السعودي، متمنين له دوام الصحة، والعودة إلى أرض الوطن سالما معافى.

ورفع الوزراء التهاني لأمير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، على نجاح قمة الكويت، وأشادوا بالجهود التي بذلتها قطر لتوصل الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة، إلى التوقيع على اتفاق حسن النوايا، وبناء الثقة، بمتابعة أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.

وأشاد الوزراء الخليجيون بحكمة الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة، في التعامل مع التصريحات الإيرانية، التي مست بسيادة واستقلال البحرين، ما أدى إلى سرعة احتواء آثار هذه التصريحات وتداعياتها. وأكدوا وقوفهم مع البحرين ضد كل ما يمس استقلالها وسيادتها وانتمائها العربي.

وقال الشيخ خالد آل خليفة وزير الخارجية البحريني، في تصريحات على هامش الاجتماع الوزاري، إن مباحثات صفقة الغاز بين بلاده وطهران، لا تزال معلقة، ولم تستأنف. وقال إن المشكلة التي اختلقتها التصريحات الإيرانية تجاه بلاده «انتهت». وأوضح أنه استمع في زيارته التي قام بها إلى إيران مؤخرا، إلى تطمينات وموقف واضح بأن ما صدر من تصريحات غير مقبول. وقال إن الإيرانيين أبلغوه بأن هذه التصريحات لا تمثلهم، وتعهدوا بإيقافها.

واستعرض الوزراء الخليجيون، في اجتماع الأمس، تطورات مسيرة التعاون المشترك، في كافة المجالات، ومستجدات أبرز وأهم القضايا السياسية، الإقليمية والدولية، وعلى رأسها تطورات القضية الفلسطينية في ضوء المتغيرات الدولية، والوضع في العراق، والعلاقات مع إيران، وأزمة الملف النووي الإيراني، الذي تمنوا أن يتم حله بالطرق السلمية، إضافة إلى الشأن اللبناني.

وأطلع المجلس الوزاري الخليجي، على تقرير الأمانة العامة لمتابعة تنفيذ قرارات المجلس الأعلى في مجال استخدامات الطاقة النووية للأغراض السلمية، وهو البرنامج الذي قال أمين عام مجلس التعاون الخليجي، إنهم بدأوا في إعداد دراساته التفصيلية.

وتناول الوزراء الخليجيون استمرارية احتلال طهران للجزر الإماراتية الثلاث، وأكدوا على مواقفهم السابقة بدعم سيادة الإمارات على هذه الجزر، وضرورة النظر في كافة الوسائل السلمية، التي تؤدي إلى إعادة حقها في جزرها الثلاث. وفي الشأن الفلسطيني، رحبت الدول الخليجية، بالاتفاق الذي توصل إليه الفرقاء الفلسطينيون في القاهرة، مثمنين الجهود العربية المخلصة، التي بذلت في هذا الإطار، وتحديدا الجهد المصري.

وتم استعراض الشأن الصومالي، من خلال الجانب السياسي، الذي تعرض له الوزراء الخليجيون في اجتماعهم، إذ عبروا عن قلقهم من استمرار تدهور الأوضاع، في حين رحبوا بما شهدته الساحة الصومالية من تطورات سياسية هامة، بانتخاب شريف شيخ أحمد، رئيس حركة المحاكم الإسلامية، رئيسا للصومال، ومنح ثقة البرلمان الصومالي لرئيس الوزراء الجديد شارماركي. ودعا المجلس الوزاري الخليجي، كافة الأطراف الصومالية لرأب الصدع، وتغليب المصالح العليا للشعب الصومالي، بما يوفر الأمن والاستقرار والسلام في بلدهم.