بغداد توسع صلاحية وزارة النفط وتسعى لرفع إنتاجها إلى 3 ملايين برميل يومياً

الحكومة العراقية تراجع سياسة النفط لتفادي «عواقب اقتصادية ومالية كارثية»

رئيس الوزراء العراقي يتحدث متوسطا نائبه برهم صالح ووزير النفط حسين الشهرستاني خلال مؤتمر اقتصادي في بغداد أمس (رويترز)
TT

تعهدت الحكومة العراقية امس بمراجعة السياسة النفطية للبلاد في وقت تعاني بغداد من ازمة اقتصادية بسبب تراجع اسعار النفط وتراجع الانتاج النفطي، معلنة رغبتها في انتاج 3 ملايين برميل يومياً. وعبر وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني امس عن رغبته في تقوية وزارته، في وقت حذر نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح من «عواقب اقتصادية ومالية كارثية» في حال لم يتم معالجة انتاج النفط ومستوى عمل القطاع النفطي في البلاد.

وصرح صالح بأن «السياسة النفطية المتبعة لا تتناسب مع ظروف المرحلة والبيئة السياسية الجديدة ولا تلبي متطلبات شعب العراق وتطلعات النهوض بالواقع المعاشي لابناء العراق». واضاف لـ«الشرق الأوسط» ان الازمة التي يشهدها العراق تعود لاسباب عدة، منها «تعثر وتدهور الانتاج النفطي والتصدير إلى مستويات متدنية، اضافة الى الازمة الاقتصادية العالمية الحالية وانعكاساتها على سوق النفط العالمي، مما ادى إلى حدوث انهيار كبير في مستويات اسعار النفط في السوق الدولية وتسبب بحدوث هبوط حاد ومفاجئ في موارد العراق المالية وما يتضمن ذلك من انعكاسات سلبية على بقية مفاصل الاقتصاد العراقي». وبعد ان اضطرت الحكومة العراقية إلى مراجعة ميزانيتها بسبب تراجع اسعار النفط من 147 دولارا للبرميل العام الماضي إلى ما دون 45 دولارا، قررت عقد ندوة موسعة لاجراء مراجعة للسياسة النفطية المتبعة حاليا في العراق وبمشاركة واسعة من الوزراء المعنيين والعديد من الخبراء النفطيين العراقيين والدوليين من 27 فبراير (شباط) الماضي وحتى أمس. واكد صالح توفير الدعم السياسي الكافي للخطط الضرورية لتحسين الاداء النفطي، مشدداً على الاتفاق على «اختيار القيادات النفطية على اساس الخبرة والكفاءة وليس المحاصصة او الانتماء الحزبي او الطائفي»، بالاضافة الى «تحسين الوضع المعاشي وظروف العمل في القطاع النفطي والارتقاء بمستوى الرواتب والاجور المقدمة الى العاملين في القطاع النفطي بهدف تحسين كفاءة الاداء». وقد تم الاتفاق في الندوة على منح وزارة النفط صلاحيات عدة اضافية، منها استقطاب والتعاقد مع الخبراء والكفاءات التي تحتاجها ومنحهم اجورا تنافسية ومنح صلاحيات للشركات النفطية ووزارة النفط لتخصيص الموارد المالية المطلوبة لتطوير وتدريب وتهيئة الكادر الوظيفي اللازم لتنفيذ الواجبات بالكفاءة المطلوبة.

وبحثت الندوة مراحل عدة لزيادة الانتاج، حيث ترغب الحكومة بالاستعجال في زيادة الانتاج النفطي. وقال صالح الذي شارك في ترأس جلسات الندوة: «كمرحلة اولى وفي الاجل القريب هنالك ضرورة ملحة لإيقاف التدهور الحاد في انتاج النفط الخام واستعادة مستوى انتاج النفط الخام الى ثلاثة ملايين برميل في اليوم، اي بزيادة في الانتاج بمقدار نصف مليون برميل يوميا». الا ان خبير النفط العراقي، المقيم في لندن والذي حضر ندوة بغداد، فاضل الجلبي اعتبر ان هذه الطموحات ليست «قريبة الامد»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الاهداف ليست بالسهل تحقيقها، سياسة النفط بحاجة الى الوقت ورفع الانتاج بنسبة 300 مليون برميل امر صعب وليس بالسهل الاعلان عنه». ومن اللافت ان الحكومة العراقية تتحدث عن اهمية قطاع النفط والعمل على ادراج سياسات جديدة في وقت ما زال قانون النفط العراقي عالقاً ولم يتم التصويت عليه في البرلمان رغم مرور عامين على التوصل الى مسودة قانون وافقت عليها غالبية الاطراف العراقية. واقر نائب رئيس الوزراء العراقي باهمية القانون، قائلاً: «لا شك ان اقرار القانون له أولوية بالنسبة لنا، لكن يمكن اتخاذ اجراءات ضرورية الى حين اقراره مثل انشاء مجلس مراقبة وتفعيل شركة النفط الوطنية». واعتبر انه «الى حين اصدار قانون النفط، تشكيل مجلس اتحادي للنفط والغاز يتولى صياغة سياسة النفط وخطط تطوير القطاع في المديات القصيرة والمتوسطة والبعيدة». وخرجت الندوة بتوصيات عدة، منها الاسراع باعادة تفعيل قانون شركة النفط الوطنية بقرار من مجلس الوزراء، وتمكينها من العمل وفق مبدأ المنافسة، بالاضافة الى اعادة النظر بالهيكل التنظيمي الحالي لوزارة النفط وتركيز اختصاصاتها بالشؤون التنظيمية في القطاع والمساهمة في الخطط ومتابعة التنفيذ.

وشددت الندوة التي شارك فيها خبراء من الولايات المتحدة وبريطانيا وايطاليا على اهمية الاستعانة بالخبرات والتقنيات الاجنبية التي تمتلكها شركات النفط العالمية. الا ان الجلبي قال « إن الشركات الدولية الضرورية في تحسن الاداء العراقي تريد سياسة واضحة من العراق، وبحاجة الى قانون واضح كي تكون واثقة من العمل في البلاد».

من جهة اخرى، لفت صالح الى اهمية «التوصل الى حل مع حكومة اقليم كردستان بهدف استيعاب كميات الانتاج الحالية مما يساهم في زيادة انتاج وصادرات النفط من العراق في الاجل القصير»، علماً ان العلاقات بين الاقليم والحكومة المركزية توترت مع رفض وزارة النفط العراقية الاعتراف بعقود وقعها الاقليم مع شركات اجنبية لتطوير حقولها النفطية.

وشرح صالح انه تم الاتفاق على «وضع وتنفيذ ثلاث خطط متزامنة لتحقيق الزيادة المطلوبة في الانتاج، وهي خطة عاجلة لزيادة انتاج النفط الخام بمعدل 500 الف برميل يوميا وخطة متوسطة الامد تستهدف الوصول الى انتاج اجمالي قدره اربعة ملايين برميل يوميا واعادة بناء وتوفير البنى التحتية وعناصر ادامة مستوى الانتاج وخطة بعيدة المدى لزيادة انتاج النفط الخام إلى 6-8 ملايين برميل يوميا».