عاصفة رملية تضرب السعودية وتسبب إلغاء رحلات جوية وحوادث سيارات

بدأت بجدة وانتقلت إلى الرياض والدمام.. والمنطقة الجنوبية تترقبها بحذر

سعوديان يلتقطان صورة عبر الجوال لبرج الملك في الرياض أمس (رويترز)
TT

ضربت عاصفة رملية ضخمة أمس، مناطق وسط وشرق السعودية، حملتها رياح وصلت سرعتها إلى 35 كيلومترا في الساعة، جابت مدن تلك المناطق، محدثة استنفارا حل بالأجهزة الأمنية والصحية، لتفادي الأضرار المحتملة للضيف الذي كان قدومه مفاجئاً للكثيرين. ولم تمض 24 ساعة من إنجلاء عاصفة رملية ضربت مدينة جدة غرب البلاد أول من أمس، وكان سببها المنخفض الجوي القادم من البحر الأبيض المتوسط، حتى داهمت وسط البلاد وشرقه ظهر أمس نفس التركيبة الترابية الهوائية، لتحدث شللا في الحركة المرورية، وتوقفاً مؤقتاً للملاحة الجوية في مدينة الرياض. وكانت العاصمة السعودية قد أضحت أمس، على أجواء متقلبة، تبعها بسويعات عاصفة رملية هي الأضخم منذ ما يزيد على 20 عاما، محملة بالغبار والأتربة، التي تسببت في انعدام الرؤية، وحالة استنفار لدى أجهزة الأرصاد وحماية البيئة، والشرطة والمرور والدفاع المدني، والهلال الأحمر، ووزارة الصحة.

وفي الوقت الذي أكد فيه عبد العزيز الجار الله مدير الإعلام التربوي بوزارة التربية والتعليم، عدم إبلاغ وزارته بحالة الأجواء من قبل رئاسة الأرصاد وحماية البيئة، انتقدت الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة عمل بعض الجهات الحكومية، التي يتم التنسيق معها وتزويدها بالتقارير المناخية لتعممها على المواطنين والمقيمين، حيث ان تلك المعلومات التي تصدرها رئاسة الأرصاد لم يُر لها صدى عند عامة المجتمع أمس. وقال الجار الله، إنه في مثل هذه الأجواء يتاح لمديري تعليم المناطق في البلاد اتخاذ ما يرونه مناسباً من القرارات ويصب في مصلحة الطلاب، كأن يوفرون لهم الحماية داخل المدارس ومهاتفة أهاليهم للحضور لإصطحابهم، أو السماح لهم بالخروج، أو إبلاغهم بعدم الحضور في أيام محددة، مفيداً أن العاصفة جاءت مفاجئة من دون سابق إنذار من قبل رئاسة الأرصاد وحماية البيئة.

وأكد حسين القحطاني المتحدث باسم الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، لـ« الشرق الأوسط» أن أسباب هذه العواصف ترجع إلى تأثيرات منخفض حركي جوي قادم من حوض البحر الأبيض المتوسط، تأثر بكتلة هوائية باردة ساهمت في نشاط الرياح، ومن ثم إثارة الأتربة على منطقتي الوسطى والشرقية، بسرعة رياح تصل إلى 35 كيلومترا في الساعة، لافتاً الى أن هذه المعلومات تم نشرها على الموقع الإلكتروني للرئاسة قبل أربعة أيام من حلول العاصفة، وتم إبلاغ الجهات المعنية بها.

وتوقع القحطاني أن تبدأ الأجواء مع صباح اليوم بالاستقرار، مع انخفاض في سرعة الرياح حتى 7 كيلومترات في الساعة، غير أن عوالق ترابية ستشهدها أجواء اليوم مع انجلاء في الرؤية إلى 3 كيلومترات، مضيفاً، أن المنخفض الجوي سيواصل تأثيره في مناطق السعودية، حيث من المتوقع أن تشهد المنطقة الجنوبية من البلاد عواصف رملية مشابهة، تبدأ في وقت متأخر من يوم الخميس المقبل.

وشهدت منطقة الرياض أمس منذ اجتياح العاصفة لأركان المدينة منتصف الظهر، حوادث عدة، وازدحاما في الطرقات أدى إلى شل حركة السير، وسقوط للوحات بعض المحلات وبعض أعمدة الإنارة، وتحويل بعض الرحلات الجوية القادمة لمطار الملك خالد الدولي، للهبوط في مطارات أخرى، في الوقت الذي شهدت فيه المستشفيات والمراكز الصحية زيارات لعدد من المتأثرين صحياً بهذه العاصفة.

من جهته، أوضح المهندس سعد الطاسان مدير عام مطار الملك خالد الدولي، أنه تم تأجيل إقلاع الرحلات المغادرة من مطار الملك خالد أمس، نتيجة لتدني الرؤية في المطار إلى درجة الصفر، وتحويل 5 رحلات جوية كانت قادمة للرياض، إلى مطاري الملك فهد بالدمام والقصيم الأقليمي، مؤكداً أن الخطوط الجوية استأنفت رحلاتها الجوية الأخرى، فور تحسن مستوى الرؤية، ويذكر أن متوسط عدد الرحلات اليومية في مطار الملك خالد يقارب الـ200 رحلة.

ومن جانبه كشف النقيب سعد القحطاني من مركز القيادة والسيطرة بمرور الرياض، عن عدد الحوادث التي تسببت بها العاصفة، التي بلغت 143 حادثا، أكد أن جميعها تعتبر حوادث بسيطة لم تتخلها إصابات خطرة، مضيفاً، أن معظم الحوادث وقعت مع بداية نشوب العاصفة.

وقال القحطاني، إن العاصفة تسببت في ثقل الحركة المرورية في المدينة، ما دفع شعبة السير في المرور، الى تعزيز عدد العاملين في الميدان، بقوة إضافية بلغت 50 في المائة، من عدد عاملي الميدان أنفسهم، حيث تم توزيع تلك القوة على الطرق الرئيسية للمدينة، والتقاطعات الرئيسية ومخارج ومداخل الطرق السريعة، إضافة إلى بث المنشورات التحذيرية من خلال الإذاعة ورسائل الجوال.

وبالتوازي مع ذلك، أشار النقيب عبد الله القفاري المتحدث الرسمي لمديرية الدفاع المدني بمنطقة الرياض، إلى وقوع حوادث متفرقة باشرها أفراد جهازه، تسببت في خسائر مادية، وخسائر أرواح، حيث شهد أحد تلك الحوادث 3 وفيات، مبيناً أن النشرات التوعوية، التي تعمل عليها إدارته مستمرة بالتعاون مع رئاسة الأرصاد، ويتم تحديثها كل 6 ساعات، أو متى ما دعت الحاجة لها.

وأكدت مديرية الدفاع المدني على لسان متحدثها، أنه على المواطنين والمقيمين توخي الحيطة والحذر عند المرور بجوار أو أسفل اللوحات الإعلانية أو أعمدة الإنارة، خاصة خطوط الضغط العالي والابتعاد عن الأماكن المسقوفة بالزنك والحديد، وذلك لما تشهده مثل تلك المواقع من حوادث تتسبب بها موجات الغبار والرياح التي تعدم الرؤية وتضر بالصحة.

وأكد الدكتور خالد مرغلاني المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، أن مشهد المستشفيات والمراكز الصحية يعتبر طبيعياً على عكس ما كان متوقعاً للتأثر بهذه العاصفة، حيث لم تشهد المراكز الصحية زيادة كبيرة على عدد المراجعين، مضيفاً أن وزارته كانت قد أعدت الاحتياطات اللازمة لمثل هذه الأجواء. وأضاف مرغلاني أن الأيام المقبلة ربما تشهد تأثيرات هذه الأتربة المتطاير، حيث أشار إلى أنه من الممكن أن يتسبب ذلك في كثرة مراجعات الأطفال الذين يعانون من حساسية الصدر، أو قليلي المناعة من الأطفال وكبار السن الذين يتأثرون بسرعة سلبياً في مثل هذه الأجواء.

ودعت مصادر طبية مرضى الجهاز التنفسي لضرورة التزام المنازل هذه الأيام لتفادي الأضرار الصحية الناتجة عن الأجواء المحملة بالأتربة، التي تسود مناطق عدة في السعودية، لأن الأجواء المتربة تشكل فرصة كبيرة لتهيج وحساسية الجهاز التنفسي، كذلك ضرورة عدم التعرض لأية تيارات هوائية باردة. وشهدت مستشفيات منطقة القصيم مراجعة أكثر من 2000 مريض خلال الأيام الماضية جراء موجة الغبار التي اجتاحت المنطقة مؤخرا. وأوضح محمد الدباسي مدير إدارة العلاقات العامة بصحة القصيم أن مديرية الشؤون الصحية بالمنطقة تقوم بمتابعة سير العمل ومعرفة الإجراءات والاطلاع على الاستعدادات التي قامت بها المستشفيات والمراكز الصحية بالمنطقة لمواجهة موجة الغبار التي تجتاح مدينة بريدة.