فريمان يسحب ترشيحه لرئاسة المجلس الوطني للاستخبارات الأميركية بعد اتهامه بعلاقات مع السعودية والصين

نفى أن يكون تلقى أموالا من البلدين وانتقد لوبي قويا يمنع فهم الأميركي للاتجاهات والأحداث في منطقة الشرق الأوسط

TT

قرر السفير تشارلز فريمان سحب ترشيحه لمنصب «رئيس المجلس الوطني للاستخبارات الأميركية» الذي ينسق بين كافة أجهزة المخابرات، بعد أن تزايد الجدل داخل وخارج الكونغرس حول علاقة وطيدة تربطه مع المملكة العربية السعودية والصين ومواقف متشددة من إسرائيل.

ونشر فريمان رسالة تشرح موقفه، وقال في الرسالة التي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها إن حملة ما سماهم منعدمي الضمير، الذين وجهوا له اتهامات قذف وتشهير بشأن سجل خدمته، ستستمر بعد أن يشغل المنصب، وهو ما سيؤثر على أداء المجلس، الذي يفترض أن يقدم إلى الرئيس باراك اوباما خلاصة للتقارير الاستخبارية.

وصب فريمان جام غضبه على اللوبي الإسرائيلي، حيث قال إن تكتيكات اللوبي الإسرائيلي تشتمل على «عدم النزاهة والأساليب المخزية واغتيال الشخصية والاستشهادات الخاطئة وتشويه متعمد للسجلات واختلاق الأكاذيب وتجاهل تام للحقيقة» ودحض فريمان ما قيل من انه تلقى أموالا من الخارج وقال في هذا الصدد «أود أن أسجل أنني لم أفكر مطلقا أن يدفع لي أو اقبل أموالا من أي دولة أجنبية بما في ذلك السعودية والصين لأي نوع من أنواع الخدمة، ولم يحدث أن تحدثت باسم دولة أجنبية أو عن مصالحها أو سياساتها، ولم يحدث أن شاركت في لوبي حول أية قضية خارجية أو داخلية.. أنا أمثل نفسي وليس أحد آخر وبعودتي إلى حياتي الخاصة لن أخدم أي شخص إلا نفسي فقط وسأتحدث بصراحة عن قضايا تهمني أو تهم الأميركيين».

وكان مدير المخابرات الوطنية دنيس بلير أشاد بكفاءة فريمان الذي عمل سفيرا لدى السعودية، باعتباره محللا ذكيا وبارعا للتقارير، في حين قال خصومه إنه متشدد جددا ضد إسرائيل ومتساهل مع الصين، وسبق أن تلقى تبرعات من السعودية. وأصدر مكتب بلير بيانا قال فيه إن فريمان طلب سحب اسمه كمرشح لشغل منصب «رئيس المجلس الوطني للاستخبارات الأميركية» وعبر بلير عن أسفه لهذا القرار.

وكان السيناتور الديمقراطي جو ليبرمان في مجلس الشيوخ قال أثناء جلسة الاستماع لفريمان إن هناك تقارير تشير إلى أن فريمان يعمل ضد إسرائيل ومتساهل أكثر من اللازم مع الصين. وقال ليبرمان إن فريمان يرى أن العنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين يشكل العقبة الرئيسية لتحقيق سلام في الشرق الأوسط، في حين يعتبر العنف في منطقة التبت الذي يعتبر في الولايات المتحدة بمثابة ثورة ضد احتلال الصين للإقليم «نزاعا عرقيا» بيد أن بلير دافع عنه، وقال إن تعابير فريمان أخرجت عن سياقها. وقال النائب الجمهوري مارك كريك في معرض انتقاده لترشيح فريمان للمنصب «إدارة اوباما ارتكبت خطأ آخر حيث لم تراجع أوراقها قبل أن ترشح شخصا لمنصب رفيع وحساس، ثم تكتشف عبر وسائل الإعلام تفاصيل محرجة»..

وقال كيرك وهو أحد أشد منتقدي فريمان «كان هذا قرارا حكيما اتخذه الأميرال بلير»، موضحا لوكالة الصحافة الفرنسية أن الجدل حول هذه المسألة أبرز الحاجة إلى إيجاد نظام أفضل لفرض الفيتو على التعيينات في مناصب حساسة. وشدد كيرك على روابط فريمان مع مركز دراسات يستمد قسما كبيرا من تمويله من السعودية، وعلى مشاركته لفترة في مجلس إدارة شركة نفط عملاقة صينية تابعة للدولة، وهي الفترة التي قامت خلالها الشركة «باستثمارات كبرى في إيران».

وقال فريمان عام 2007 «لا تظهر أي بوادر تشير إلى نهاية القمع العنيف الذي يتعرض له الفلسطينيون من قبل الاحتلال الإسرائيلي» مضيفا أن «تطابق الموقف الأميركي مع إسرائيل بات كليا»، بحسب ما نقلت عنه صحيفة «واشنطن بوست».

ووصف بعض المدافعين عن فريمان قضيته بأنها اختبار لمدى استعداد الرئيس الأميركي باراك اوباما للوقوف في وجه قوى سياسية مؤيدة بشدة لإسرائيل، دفاعا عن محلل بارع في الاستخبارات.

وصدر الإعلان بعد ساعات على عرض بلير شهادة دافع فيها بقوة عن فريمان أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، فوصفه بأنه «شخص ذو آراء قوية وذهن مبدع ووجهة نظر تحليلية».

وقال بلير «أعتقد أن في وسعي إنجاز عملي بطريقة أفضل إن حصلت على وجهات نظر تحليلية ثاقبة يمكنني ترتيبها ونقلها إليكم وإلى الرئيس، منه لو أنني أحصل على آراء معلبة لا تحث فعلا على التفكير».

ولو كان قد تم تعيين فريمان لكان كلف وضع «التقارير الاستخباراتية الوطنية» التي تقدم للرئيس الأميركي وغيره من صانعي القرار وتعكس وجهة نظر جميع وكالات الاستخبارات الأميركية الـ 16 حول أي مخاطر محتملة تواجهها الولايات المتحدة مثل الخطر النووي الإيراني.

ورأى منتقدو فريمان تضاربا في المصالح جراء عضويته في مجلس إدارة الشركة الوطنية الصينية للنفط في عرض البحر، التي عقدت صفقات مع إيران، غير أن المدافعين عنه نفوا هذه المزاعم.

وقال مكتب بلير إن فريمان استقال من مجلس إدارة الشركة في الأول من فبراير(شباط) و«أوضح للشركة الوطنية الصينية للنفط في عرض البحر منذ البداية انه بصفته مواطنا أميركيا لن يتعاطى قطعا بأي ملفات إيرانية».

وفي رسالته التي نشرت على نطاق واسع بعد أن سحب ترشيحه يقول تشارلز فريمان «إن تشويه سمعتي والتشهير بي لن يتوقف عندما أتولى مهامي، وعملية تلطيخ سمعتي وتحطيم مصداقيتي ستستمر، ولا أعتقد أن المجلس الوطني للاستخبارات يمكن أن يعمل بفعالية في وقت يتعرض فيه رئيسه لهجوم من ناس بلا ضمير لديهم ارتباط عاطفي مع جهات سياسية في بلد أجنبي». وقال فريمان إنه قبل المنصب من أجل تقوية المجلس وحمايته من التسييس وليس من أجل وضعه في خدمة مجموعة تريد الهيمنة عليه عبر حملات سياسية. وقال فريمان إن الذين يعرفونه يعرفون أنه يتمتع بحياته الخاصة منذ أن تقاعد عن وظيفته الحكومية، ولم تكن لديه رغبة في العودة لتولي مناصب عامة. وقال إن بلير عندما عرض عليه المنصب كان يعني ذلك الحد من حريته في الحديث وأوقات الفراغ، وفقد جزءا كبيرا من دخله.. والعمل في وظيفة تستغرق وقتا طويلا يوميا، إلى جانب التعامل السياسي.

وقال فريمان في إشارة واضحة للاتهامات التي وجهت له عن موقفه من إسرائيل «هناك لوبي قوي عازم على منع أي وجهة نظر أخرى غير وجهة نظره، ناهيك عن فسح المجال للأميركي لفهم الاتجاهات والأحداث في منطقة الشرق الأوسط». وقال إن هدف هذا اللوبي السيطرة على السياسات عبر استعمال الفيتو ضد تعيين الذين يخالفونه الرأي.