ليبيا: أميركا لم تكافئنا بعد أن تخلينا عن برنامجنا النووي.. وهذا سبب تردد إيران وكوريا

مسؤول ليبي: عندما تعطي شيئاً تتوقع الحصول على مقابل * مسؤول أميركي: الليبيون غير واقعيين في توقعاتهم

TT

عندما تخلت ليبيا عن برامجها الخاصة بالأسلحة النووية والكيميائية في نهاية عام 2003، أشار الرئيس الأميركي السابق جورج بوش إلى هذا القرار كانتصار في حرب واشنطن ضد الإرهاب، وكنموذج محتمل للضغط على إيران وكوريا الشمالية للتخلي عن برامجهما في صنع الأسلحة أيضا. ولكن المسؤولين الليبيين يقولون الآن، إنهم غير راضين عن الطريقة التي تم بها إبرام الاتفاق، مؤكدين أن الولايات المتحدة فعلت القليل للغاية من أجل مكافأة ليبيا على تنازلاتها. ويقول المسؤولون في ليبيا إنهم يعتقدون أن مكافأة ليبيا المحدودة تضعف مصداقية الولايات المتحدة، في الوقت الذي تضغط فيه على دول أخرى من أجل التخلي عن برامجها النووية.

ويقول عبد الرحمن شلقم، الذي عمل وزيرا للخارجية لمدة ثمانية أعوام قبل أن يصبح سفيرا لدى الأمم المتحدة في الشهر الحالي: «لقد قدمنا بعض الأجهزة وبعض أجهزة الطرد المركزي، على سبيل المثال لأميركا، لكن ماذا أعطيتمونا؟ لا شيء. لهذا السبب نعتقد أن كوريا الشمالية وإيران مترددتان حاليا بشأن إحراز تقدم فيما يتعلق بمشروعاتهما».

وصرح مسؤولون أميركيون بأنه في مقابل تخلي ليبيا عن برامج أسلحتها غير التقليدية وامتيازات أخرى، تم رفع العقوبات الاقتصادية عنها وإعادة العلاقات الدبلوماسية، التي كانت قد توقفت عام 1980. وقد فتحت الولايات المتحدة سفارة لها في ليبيا، وأرسلت سفيرا إلى طرابلس، وبحثت معها إقامة تعاون عسكري. وزارت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليزا رايس ليبيا قبل مغادرتها لمنصبها.

لكن ليبيين في مستويات عديدة يقولون إن الحكومة ذكرت أنه على الرغم من تقديرها لتلك اللفتات، إلا أنها حصلت على وعود بالمزيد، بينها تكنولوجيا نووية مدنية وبعض أنظمة الأسلحة التقليدية والمساعدة على تدمير الأسلحة الكيميائية. وقد شعر الليبيون أيضا بالاستياء من تقرير صدر حديثا عن وزارة الخارجية الأميركية انتقد بشدة سجل ليبيا فيما يتعلق بحقوق الإنسان، قائلين إنهم كانوا يتوقعون أن الولايات المتحدة الصديقة ستقلل من أهمية الأمر.

ويقول خالد بازيليا، مدير المجلس الوطني الليبي للتطوير الاقتصادي: «لقد كان رد فعل بوش جيدا في تقديره، وقال إن ليبيا يجب أن تكون نموذجا يحتذي به العالم، لكن هذا ليس كافيا، إنه ليس ما تحدثوا عنه. فعندما تعطي شيئا، تتوقع أن تحصل على شيء آخر في المقابل؛ هكذا هي الطريقة العربية. ما زالت التوقعات هنا كبيرة، لكن الغرب لا يستجيب. نريد رد فعل أسرع».

وصرح مسؤول رفيع المستوى في إدارة أوباما، اشترط عدم ذكر اسمه لحساسية العلاقات الأميركية ـ الليبية، أن الليبيين «غير واقعيين في توقعاتهم بشأن مدى سرعة تحسن العلاقات». وقال المسؤول إنه إذا «تحلى الليبيون بسلوك جيد، فإنني أعتقد أن احتمالات التعاون في المجال النووي المدني ستتحسن». وأضاف المسؤول أن ليبيا قد تتوقع إقامة تعاون أكبر في مجال التبادل التكنولوجي والتخلص من مخازن الأسلحة الكيميائية.

ومن الممكن اعتبار الشكاوى الليبية جزءا من تكتيكات التفاوض التي تستهدف ممارسة الضغط على الإدارة الجديدة. وقد أعلن مسؤولو البنتاغون يوم الجمعة الماضي، أنهم سيفكرون في بيع أنظمة أسلحة إلى ليبيا.

وصرح دبلوماسي في ليبيا، رفض ذكر اسمه، لأنه غير مخول بالحديث إلى وسائل الإعلام، أن الحكومة صدمت لأن الولايات المتحدة ما زالت تنتقد سجل ليبيا فيما يتعلق بحقوق الإنسان. وتعد ليبيا دولة بوليسية تعمل فيها الأجهزة الأمنية تحت ظل حصانة ولا يسمح فيها بوجود معارضة سياسية. وقد صرح الدبلوماسي بعد أن أصدرت وزارة الخارجية الأميركية أحدث تقاريرها في مجال حقوق الإنسان الشهر الجاري: «عندما كنتم أعداءنا، لم نكن نهتم، لكن الآن، من المفترض أن تكونوا أصدقاء لنا. نحن مندهشون. فهناك 16 صفحة في التقرير تستهدف ليبيا».

ومنذ موافقته على التخلي عن برنامج أسلحته النووية منذ أكثر من 5 أعوام وتحمل مسؤولية تفجير الرحلة رقم 103 على طائرة تابعة لخطوط بان أميركيان فوق لوكربي في اسكتلندا عام 1988، حاول الزعيم الليبي معمر القذافي إعادة اندماج ليبيا مع الغرب، لكن لم يصاحب ذوبان الجليد في العلاقات أي تغيير في طبيعة الحكم في ليبيا، مما يمثل مشكلة للدول الغربية.

*خدمة «نيويورك تايمز» ـ ساهم مارك لاندر في إعداد التقرير من واشنطن