أوباما يحذر من تفاقم الوضع في دارفور ويدعو إلى «إرسال رسالة قوية» إلى الخرطوم

وزير الاستثمار السوداني لـ«الشرق الأوسط»: أعددنا أنفسنا لأي احتمالات

طفلتان ترفعان العلم السوداني تضامنا مع الرئيس البشير في الخرطوم أمس (رويترز)
TT

حذر الرئيس الأميركي باراك أوباما من تفاقم الوضع في دارفور، وحذر من أنه سيزداد سوءا بعد أن طردت الحكومة السودانية منظمات الإغاثة من البلاد، وبعض هذه المنظمات أميركية. وكان ذلك القرار السوداني على إثر إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة لإلقاء القبض على الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.

وصرح أوباما بعد أن أجرى محادثات في واشنطن مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في البيت الأبيض أمس، بأنه «يجب إرسال رسالة قوية وموحدة من العالم تقول إنه من غير المقبول تعريض أرواح عدد كبير من الناس للخطر (في دارفور)، وإننا نحتاج إلى عودة هذه المنظمات للعمل على الأرض». وأكد أوباما أن الولايات المتحدة ترغب في العمل وبأكبر قدر من طاقتها مع الأمم المتحدة من أجل حل فوري للأزمة الإنسانية، والبدء في وضع الأمور على طريق سلام دائم ومستقر في السودان. وأضاف أن سوزان رايس، مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، «تعمل بكل جدية مع الأمين العام للأمم المتحدة لهذا الغرض، وهو أمر يحظى باهتمامنا العميق، وآمل أن نحقق تقدما مهما».

وعلى الرغم من أن محادثات أوباما مع بان كي مون تطرقت إلى قضايا أخرى مثل الأزمة الاقتصادية، وضرورة توفير الغذاء للشعوب الفقيرة، والوضع في أفغانستان وهايتي والتغييرات المناخية، لكن أوباما قال إن الوضع في دارفور نال الحيز المهم في المحادثات التي حضرها من الجانب الأميركي كل من هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية وسوزان رايس. وفسر أوباما، الذي يتحدث لأول مرة عن السودان، الأمر بقوله: «هناك أزمة مستمرة في دارفور، وهي أزمة ازدادت حدتها في الآونة الأخيرة، بعد أن طردت الخرطوم أهم المنظمات غير الحكومية التي تقدم مساعدات إنسانية مباشرة لملايين من النازحين داخل السودان». وقال أوباما إن هناك أزمة متوقعة مع أبعاد أخطر من ما هو عليه الوضع حاليا، وأعلن أوباما أن واشنطن ستتعاون إلى أقصى حد مع الأمين العام للأمم المتحدة، لمعالجة جميع المشكلات. ومن جانبه قال بان كي مون: «تناقشنا كما قال الرئيس أوباما حول عدد من القضايا، من أفغانستان إلى السودان إلى العراق إلى باكستان، وكذلك برنامج كوريا الشمالية للتسلح النووي». وقال بان إن اللقاء مع أوباما في بداية فترته الرئاسية يرسل رسالة قوية تعبر عن الرغبة في التعاون بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة. وقال إن الجانبين يتقاسمان رؤى مشتركة وموضوعية حول السلام والاستقرار والتنمية وحقوق الإنسان، وقال بان إن أوباما يمكنه الاعتماد على أن الأمين العام للأمم المتحدة يلتزم بالعمل المشترك.

ومن جهته أكد وزير الدولة بوزارة الاستثمار السودانية سلمان سليمان الصافي أن الحكومة السودانية أعدت نفسها لأي احتمالات تتعلق بحصار جديد أو مقاطعة اقتصادية على إثر قرار الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس السوداني، مشيرا إلى أنهم اكتسبوا خبرة كبيرة نتيجة الحصار المتواصل والضغوط المستمرة، التي لم توقف ارتفاع معدلات النمو، حيث وصلت إلى نحو 16 في المائة، والمتوسط بلغ 9 في المائة، وقال: «هذا يؤكد أن ما يوجه ضد السودان من سهام لن تؤثر عليه».

ونفى سلمان ما تردد عن تراجع الطلب على الاستثمار في بلاده، قائلا: «إن السودان الآن مؤهل لاستقطاب رؤوس الأموال العربية والأجنبية، ويعتبر الملجأ الآمن لهذه الأموال». وأضاف: «إن الشعب السوداني مهما بلغت بهم درجة الخصومة السياسية تجد أن الاستقرار الأمني موجود، ويظل المواطن السوداني ملتزما بتقاليده وأعرافه الأصيلة، ونعتبر ذلك هو المكسب الحقيقي الذي سيجعلنا نحافظ على مواقفنا ومكاسبنا».

وحول الإجراءات التي قامت بها الحكومة السودانية عقب صدور القرار بتوقيف البشير بإيقاف التحويلات المالية من السودان إلى الخارج، قال سلمان: «إن هذه الإجراءات مؤقتة ولا علاقة لها بقرار المحكمة الجنائية الدولية، وقد قام بها بنك السودان للحد من المضاربة على سعر الدولار»، مشيرا إلى أنها إجراء عادي ولن ينعكس سلبا على الاستثمار في السودان.

ووصف طرد بعض المنظمات العاملة في دارفور بأنه «أمر طبيعي»، انطلاقا من حق الدولة في حماية مكتسباتها بعد خروج هذه المنظمات عن دورها المعلوم بتصعيد القضية عبر تقاريرها التي قال إنها «المدفوعة الثمن». وأضاف: «إن هذه المنظمات تتلقى نحو مليارَي دولار سنويا لتوفير المساعدات اللازمة، وهم لا يصرفون أكثر من 100 مليون دولار فقط، وأصبحت تقوم بعمليات التبشير وتوزيع الإنجيل، ومنها من تعمل في نقل السلاح وغيرها»، وتساءل: «لماذا هذه الضجة؟»، موضحا: «هناك أكثر من مائة منظمة عاملة في السودان لم يتم طردها». وقال الوزير السوداني: «نحن لدينا قضية عادلة، وسنطلب من إخواننا الذين ساندونا في كل المحافل والمنابر الدولية أن يساعدونا أكثر بالاستثمار في السودان، لنؤكد لهم أن الأمور عادية في السودان، وأن حركة النمو والاستثمار لم ولن تتأثر، وأن هذه الأزمة ستزول قريبا». وأضاف سلمان: «إن السودان يتمتع بإمكانيات ومزايا تعطيه أفضلية كبيرة، وقرار الجنائية الدولية قصد تشويه السودان والمساس بسمعته لإظهاره كدولة غير مستقرة أو غير آمنة». واعتبر أن «الهدف من ذلك إبعاد المستثمرين وإضعاف السودان في إطار حرب مستمرة من قِبل الدول الغربية وإسرائيل».