الولايات الأميركية تعرض أصولها للبيع في مزادات على شبكة الإنترنت

متحف متروبوليتان للفنون يغلق 15 من متاجره التسويقية في كل أنحاء الولايات المتحدة

متحف ميتروبوليتان في نيويورك فقد 800 مليون دولار من دخله منذ منتصف 2008 عندما كان يقدر بنحو 2.9 مليار دولار (أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي قوضت فيه حالة الركود الراهنة من العوائد، تقوم المجالس البلدية في الولايات المتحدة الأميركية بزيادة وتيرة عمليات البيع لكل شيء بدءا من سيارات الشرطة القديمة إلى المروحيات والدراجات وصولا إلى المجوهرات المصادرة والماكينات، على ضوء احتياج هذه المجالس للمال وفي محاولة منها لتقليل العجز المتضخم. وقد أصبحت مجالس البلدية، التي كانت تعتمد في الماضي على المزادات ذات النمط التقليدي التي تقام في أماكن انتظار السيارات داخل البلدة، أكثر تطورا حيث تحولت إلى شبكة الانترنت أملا في زيادة مبيعاتها. ويقول مركز «أولويات السياسة والميزانية»، الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، إن هناك ما يصل إلى 46 ولاية تعاني من عجز في الميزانية. وقد أصبحت الإدارات الحكومية، التي يلزمها القانون بسد ثغرات الميزانية، أكثر ابتكارا في البحث عن وسائل جديدة لسد العجز. ويقول غريغ سبيرمان، مدير المشتريات في تامبا بولاية فلوريدا: «يساعد أي شيء يمكننا التخلص منه ويثمر عوائد بكل تأكيد في تقليل أي عجز لدينا في الميزانية».

وأخيرا حصلت تامبا على أكثر من 300,000 دولار حصيلة بيع طائرة شرطة «بيبر» تعود لعام 1978. وأجريت عملية البيع عن طريق إقامة مزاد على موقع govdeals.com، وهو موقع أسسه مصرفي سابق واثنان من الشركاء لمساعدة الحكومات المحلية على تعظيم العوائد من الأصول التي لا توجد حاجة لها. وارتفع عدد البنود المدرجة على الموقع بصورة ملحوظة خلال الأشهر الأخيرة، وتنظر الحكومات المحلية في خزائنها بحثا عن أشياء يمكن أن تبيعها، حسب ما أفاد به الرئيس التنفيذي بيل أنغريك. وعلى سبيل المثال، قامت هيئات من ألاباما ببيع أشياء تبلغ قيمتها 3 ملايين دولار خلال الشهرين الأولين من عام 2009، مقارنة بأشياء بلغت قيمتها 9 ملايين دولار خلال عامي 2007 و2008 مجتمعين. وتضمنت البنود 27 دراجة تم مصادرتها وبيعت في مدينة مونتغوميري مقابل 270 دولارا. وجنت هيئات في جورجيا ما يصل إلى 1.8 مليون دولار من مبيعات خلال الشهرين الأولين من عام 2009، مقارنة بمبيعات بلغت عوائدها 9.1 مليون دولار خلال عام 2008. ومن بين الأشياء التي تم بيعها جهاز «يوكون إس إل» لرمي السهام اشترته مدينة روما مقابل 147 دولارا. وحصلت شرطة أوستين، بتكساس، على 388,100 دولار من مزاد بيع خلاله أجهزة تمت مصادرتها خلال الأسبوع الماضي. ويقول إنغريك إن الإدارات الحكومية داخل الولايات والحكومات المحلية ينعمون «بقدر أكبر من الوضوح والتنافسية» مقارنة بما كانوا سيستفيدون منه عن طريق استخدام المزادات التقليدية. ويقول سكوت بارتلي، وهو محاسب في مكتب مراقب مقاطعة تسارلستون بكارولينا الجنوبية، كما جاء في تقرير لوكالة رويترز، إن المعدات المستعملة وغيرها من الأصول التي كانت المجالس المحلية تقوم ببيعها في المزادات السنوية، كانت تقام في أماكن محلية لانتظار السيارات. وكان يهدف ذلك إلى الدفع مقابل التخزين حتى يتجمع قدر كاف من الخردوات ويعتمد على سخاء المشترين القليلين، الذين كانوا يظهرون بصورة نمطية. ويقول بارتلي إن عوائد المقاطعة زادت بمقدار ثلاثة أمثال منذ أن قامت بتعزيز جهودها من أجل الحصول على نقدية، حيث ساعدها الموقع على الوصول إلى شريحة أكبر من المشترين. ومنذ أن بدأت المقاطعة في استخدام هذه الخدمة في عام 2005، زادت العوائد من المبيعات إلى ما بين 800,000 دولار ومليون دولار في العام مقارنة بـ170,000 دولار إلى 200,000 دولار في المتوسط سابقا. وتقوم المقاطعة في الوقت الحالي ببيع ما يصل إلى سبع سيارات شرطة مستعملة في الأسبوع على شبكة الانترنت. وقد استخدم نحو 1.2 مليون مشتر موقع govdeals.com، ويتنوعون بين ولايات ومجالس محلية وشركات ورجال أعمال، ويتم إجراء فحوصات لهم جميعا للتأكد من أنه يمكنهم الدفع. وتعد السيارات البند الأكثر شعبية على الموقع، ويعتقد إنغريك أن البند الذي يحتل المرتبة الثانية من ناحية الشعبية، أجهزة صيانة الطرق السريعة، يمكن أن يشهد نموا كبيرا مع إنفاق الرئيس باراك أوباما بصورة كبيرة على مشروعات البنية التحتية في إطار خطته للتحفيز الاقتصادي. وكان أغلى بند أقيم عليه مزاد خلال عام 2008 عبارة عن مروحية تعود لعام 1993 باعتها مقاطعة لويسفيل جيفيرسون بولاية كينتاكي إلى شركة سياحية في هاواي مقابل 791,000 دولار. ومن بين العروض الأكثر إثارة للدهشة حصان عربي يعرضه معهد فيرجينيا متعدد الفنون وجامعة الولاية، بسعر ابتدائي قيمته 50 دولارا. وكان يستخدم الحصان الذي تبلغ قدرته على التحمل 100 ميل، في أبحاث داخل الجامعة. وسوف تبيع هيئة ناشفيل مترو للمطارات في ولاية تينيسي منارة لاسلكية دوارة يبلغ طولها 40 قدما، ويبلغ سعر الافتتاح في المزاد 200 دولار. وتقوم فورت أغليثورب، بولاية جورجيا، بعقد مزاد على مجموعة من المجوهرات المصادرة ومن بينها عقد ذهبي عيار 10 قراريط والعديد من الخواتم والساعات. وقامت مدينة بالتيمور بولاية ماريلاند في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي بعرض زورق إطفاء يبلغ 85 قدما بعد استخدامه لمدة 47 عاما. وفاز ألان جونسون، وهو صاحب شركة تعاقدات بحرية في أكرون بولاية أوهايو، بالمزاد وحصل عليه مقابل 80,000 دولار. ويقول جونسون، الذي كان يأمل في أن يدفع 50,000 دولار، إنها صفقة جيدة، حيث يمكن أن يبلغ سعر الزورق الجديد أكثر من مليون دولار. وبالطبع، لا تكون المزادات التي تعقد على شبكة الانترنت عملا ناجحا بالنسبة للمجالس المحلية. أعلنت حاكمة ألاسكا سارة بالين، التي خاضت الانتخابات الرئاسية كمرشحة لمنصب نائب الرئيس على بطاقة جون ماكين العام الماضي، عن سعيها إلى طرح «طائرة فارهة» كان يستخدمها الحاكم السابق للبيع على موقع «إي باي». لم تقل سارة إن الطائرة لم تجد مشتريا لها على «إي باي» وفي النهاية استأجرت سمسارا كي يقوم ببيعها. وفي جانب آخر تلجأ متاحف أميركية في فيلادلفيا إلى خفض الوظائف وتقليل الرواتب وغلق متاجر بسبب تأثر دخولها بتضاؤل المنح والمساعدة الحكومية وكذلك العائدات الاستثمارية.

وأغلق متحف متروبوليتان للفنون 15 من متاجره التسويقية في كل أنحاء الولايات المتحدة وترك فقط ثمانية متاجر مفتوحة في نيويورك. ومن المقرر أن يخفض 250 وظيفة أو 10 في المائة من قوة العمل به قبل أول يوليو (تموز).

وقال المتحدث هارولد هوزلر إن المتحف فقد 800 مليون دولار من دخله منذ منتصف 2008 عندما كان يقدر بنحو 2.9 مليار دولار. ولا توجد خطط لخفض المعروضات. وقال هوزلر «إنه مناخ اقتصادي غريب جدا نشهده الآن».

وأعلنت أكاديمية العلوم الطبيعية في فيلادلفيا عن تجميد في تشغيل أشخاص جدد، وقالت إنها ستخفض المرتبات بنسبة خمسة في المائة. وتراجع دخلها واستثماراتها الأخرى من 60 مليون دولار في أوائل 2008 إلى أقل من 40 مليون دولار.

وقال هوزلر إن متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك سيفقد 2.2 مليون دولار من ميزانيته للتشغيل في العام المالي المقبل، وأن ميزانيته للتشغيل ستتأثر بشكل أكبر بتراجع أسعار التجزئة وغيرها من الخسائر. وتراجع الزوار في كل من المتحفين حيث يشد عشاق الفنون أحزمتهم خلال الركود العالمي. وقال متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك إن الزوار الأجانب الأكثر رغبة في دفع رسم الدخول الطوعي المقترح والبالغ قدره 20 دولارا انخفض أيضا. وسرحت متاحف أخرى في كل أنحاء الولايات المتحدة عاملين أو أنها تتوقع أنها تضطر إلى إقالة عاملين.