حلبجة تحتفل بـ«خجل» بذكرى قصفها بالأسلحة الكيماوية.. وسط تذمر سكانها

مواطنون لـ«الشرق الأوسط»: لسنا بحاجة إلى احتفالات.. بل خدمات

TT

وسط حضور متواضع وخجول جدا لسكان بلدة حلبجة 67 كلم شرق السليمانية، اقيمت صباح أمس مراسم احياء الذكرى السنوية الحادية والعشرين لضرب البلدة بالأسلحة الكيماوية المحظورة دوليا من قبل طائرات النظام العراقي السابق في 16 مارس (آذار) 1988. واقتصر حضور المراسم التي تزامنت مع انعقاد الجلسة الثامنة لمحاكمة رموز النظام السابق في قضية حلبجة، على عدد من كبار المسؤولين الحكوميين والحزبيين، في مقدمتهم عدنان المفتي رئيس البرلمان الكردستاني الذي يزور حلبجة للمرة الاولى منذ توليه رئاسة البرلمان في الاقليم، وهيرو ابراهيم احمد عقيلة الرئيس العراقي جلال طالباني، ونرمين عثمان وزيرة الإعمار في الحكومة العراقية وعدد آخر من المسؤولين والنواب في الاقليم والسلطات الاتحادية في بغداد.

وقبيل بدء مراسم الاحتفال بهذه الذكرى الاليمة ازاح رئيس برلمان الاقليم الستار عن النصب التذكاري لضحايا الكارثة والذي كان قد تعرض للحرق والتشويه قبل ثلاث سنوات، على يد مجموعة من ابناء البلدة المتذمرين من سوء أوضاعهم المعيشية والمحتجين على انعدام اهتمام السلطات المحلية بمعاناة المصابين من ذويهم واقاربهم في تلك الكارثة، ومطالب سكان حلبجة الذين فقد كل واحد منهم ما لا يقل عن اثنين من أفراد أسرته في الكارثة الإنسانية التي أسفرت عن مصرع خمسة آلاف شخص من الأطفال والنساء والشيوخ. وأوضح المفتي في كلمة ألقاها أن المشاريع الخدمية التي انجزتها حكومة الاقليم في البلدة على أهميتها، ليست كافية ولا ترقى إلى مستوى الطموح ولا تتناسب مع حجم التضحيات التي قدمها سكان حلبجة، وقال إن «الجرائم التي اقترفها النظام السابق بحق الشعب الكردي في كردستان العراق كثيرة وفظيعة، إلا ان كارثة ضرب حلبجة بأسلحة الدمار الشامل كانت أولى حلقات سياسة الإبادة الجماعية التي انتهجها النظام الزائل ضد الكرد في العراق، لذلك قرر البرلمان الكردستاني اقامة متنزه كبير في حلبجة وعلى نفقته الخاصة باسم متنزه (البرلمان) وذلك اكراما ووفاء منه لتضحيات سكانها». كما اثنى المفتي على دور عدد من الصحافيين الاجانب في نشر صور الفاجعة بعد ساعات من وقوعها في ربيع عام 1988 واطلاع العالم على هول وفظاعة فاجعة حلبجة كما اعرب عن الشكر والامتنان للبعض من أولئك الصحافيين الأجانب الذين حضروا جلسات محاكمة المتهمين بارتكاب المجزرة.

من جانبها اكدت نرمين عثمان وزيرة الإعمار في الحكومة الاتحادية ان الحكومة العراقية خصصت ستة ملايين دولار اميركي لتشييد 600 وحدة سكنية لأسر الضحايا وسكان حلبجة.

وعلى هامش المراسم قامت الدوائر الزراعية في حلبجة بزرع 5 آلاف شتلة زيتون بعدد الضحايا الذين سقطوا خلال الكارثة كرمز لهم وتخليدا لذكراهم. واللافت ان سكان المستائين جدا من مستوى الخدمات المقدمة لهم والتي يقولون انها لا تتناسب بالمرة مع حجم التضحيات والكوارث التي حلت بحلبجة واهلها جراء مواقفهم الوطنية، عزفوا منذ نحو اربع سنوات عن المشاركة في احياء الذكرى، تعبيرا على ما يبدو عن رفضهم للمظاهر التي لا تقترن بخدمات حقيقية.

وقال خسرو جوامير، 53 عاما، إن «اهالي حلبجة ليسوا بحاجة الى مثل هذه المراسم التي تتناقلها وسائل الإعلام الحزبية المحلية لتوحي للعالم بان سكان حلبجة هم الآن في نعيم ويحظون برعاية خاصة من قبل حكومتهم الكردية، بقدر ما هم بحاجة إلى اهتمام فعلي بأسر الضحايا الذين يعاني معظمهم من شظف العيش». واضاف جوامير لـ«الشرق الأوسط» أنه «ينبغي للجهات المسؤولة في الاقليم ان تعالج على نفقتها الخاصة المصابين وهم بالعشرات الذين يعانون من امراض مزمنة وحروق بليغة تقضي عليهم واحدا تلو الاخر ، عبر ايفادهم الى الخارج لتلقي العلاج لأن المستشفيات المحلية لا تتوفر فيها الادوية والكادر الطبي المتخصص بمعالجة المصابين بالاسلحة الكيماوية، إلى جانب تعويض اسر الضحايا ماديا وانقاذهم من اوضاعهم المعيشية التي اقل ما يمكن ان يقال عنها بأنها مأساوية».