مسؤولو البنك الدولي يدعون دول الخليج لتسريع إنشاء سوق موحدة لرأس المال

خبراء لـ «الشرق الأوسط»: تنشيط سوق السندات يقلص مخاطر التمويل على الاقتصاد

TT

سلطت الأزمة المالية العالمية الأضواء من جديد على أهمية وجود سوق للسندات فاعلة ونشطة، حيث يتفق الخبراء على أن احد الدروس المستقاة من الأزمة اليوم هو أهمية وجود تنويع في مصادر التمويل. ويقول الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال في عُمان يحيى الجابري في حديث لـ«الشرق الأوسط » انه قبل الأزمة الراهنة لم يكن هناك من سبب يدعو للشك في متانة النمو الاقتصادي الذي كان يعتمد بشكل كبير على التمويل من البنوك، وبدا حينها انه لا حاجة لمصدر بديل للتمويل طالما ظلت نسبة القروض البنكية المتعثرة محدودة مقارنة بأصول البنوك. لكن عندما اجتاحت الأزمة الاقتصادية المنطقة اتضحت أهمية وجود سوق للسندات ولا سيما بعد أن انهارت البنوك ولم تعد قادرة على تقديم التمويل المطلوب». لكن يبدو ان هناك عدة أمور تعيق تطور سوق السندات في منطقة الشرق الأوسط، ويقول تاداشي اندو، أخصائي أول في القطاع المالي في البنك الدولي لـ«الشرق الأوسط» ان احد أهم هذه الأسباب هو « تكلفة إصدار السندات المرتفعة مقارنة مع مصادر التمويل الأخرى. كما أن الوقت الذي يصل إلى شهرين أو أكثر تحضيرا لإصدار السندات يشكل عامل تكلفة إضافية على المؤسسات بينما في المقابل يتم الحصول على التمويل المطلوب من البنوك بسرعة وسهولة اكبر».

وهناك أيضا مسألة تبسيط وتحديث الإجراءات المتبعة لتنشيط هذه السوق. ويوجه جوزيف سابا مدير إدارة التعاون الاستراتيجي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي في حديث لـ«الشرق الأوسط» دعوة لدول الخليج إلى تأسيس سوق موحدة لرأس المال كطريقة أساسية لتفعيل هذه السوق. ويقول «ان تعديل وتحديث الإجراءات المتبعة في دول الخليج يسير بوتيرة بطيئة مقارنة مع باقي انحاء العالم بما فيها دول في افريقيا واميركا الجنوبية وروسيا. فالذي يحصل اليوم هو ان الحكومات تقوم باصدار سندات تسارع البنوك للاكتتاب فيها مما يعني ان عبء البناء وتطوير البنية التحتية والمشاريع الكبرى في البلاد يقع على عاتق الحكومة التي كي تتدبر الامر تلجأ إما الى اصدار سندات او زيادة الضرائب وهذا امر صعب في البلدان الفقيرة. ويعتبر سابا ان « امام دول الخليج فرص كبيرة للاستفادة منها فعلى الرغم من ان اسواقها صغيرة إلا ان تفعيل العمل المشترك يمكن ان يكون السبيل الى خلق سوق نشطة للسندات ولهذا نحن ننصح الحكومات بالاستمرار في سياسة الانفتاح وخلق سوق اكبر للتجارة والتمويل. فقد تكون الازمة المالية الراهنة فرصة للعودة الى الاساسيات والنهوض من جديد».

وفي المقابل يجد أندو انه « في معظم دول منطقة الشرق الأوسط يرتبط فهم أسواق المال بفكرة تداول الأسهم وهنا يجب العمل على تغيير الذهنية إلى جانب العمل على تعزيز الاجراءات والبنية التحتية كي تسمح بتداول السندات في الأسواق المالية». هذا الامر يقول نائب الرئيس التنفيذي للهيئة العامة لسوق المال في عمان عبد الله السالمي يجري العمل على تطويره بحيث « يمكن تداول السندات وبان نضمن حقوق حملة السندات ونسهل الامر على الشركات». ولكن يلفت السالمي «الى انه لا سبيل لتطوير سوق السندات وتشجيع الشركات على اللجوء إليها في الوقت الذي لا نجد فيه استمرارية من الحكومات في طرح سندات والسبب يقول السالمي «لان سندات الشركات تتبع المؤشر للسندات الحكومية ونحن في دول مجلس التعاون ليس لدينا استمرارية من قبل الحكومات في إصدار السندات. اذ تقوم حكوماتنا عادة بطرح سندات اذا ما كانت بحاجة إلى تمويل، بينما المطلوب استمرارية في إصدار السندات الحكومية كونها تعطي المؤشر الذي ستتبعه سندات الشركات لناحية سعر الفائدة او مدة السند وغيرها من الأمور. وهذا يعني انه يتوجب على الحكومات إصدار سندات بصفة دورية مدة 3 إلى 5 سنوات متتالية لخلق سوق فاعلة وتشجيع الشركات على اللجوء إليها كمصدر للتمويل. ويرى الجابري ان سوق السندات يوفر الوسائل الكفيلة بمقابلة احتياجات التمويل على المدى المتوسط والطويل، كما يساهم في تقليص مخاطر التمويل على الاقتصاد بشكل عام. وهذا ما ركز عليه ميشيل جريفرتي المستشار الاقليمي بأفريقيا الشمالية والشرق الأوسط في وزارة الخزانة الاميركية على هامش انعقاد أعمال الاجتماع الثاني والعشرين للجنة الإقليمية لأفريقيا والشرق الأوسط المنبثقة عن المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية، حيث اعتبر ان وجود سوق قوية من السندات والصكوك لديها سيولة كافية إنما تعتبر مؤشرا أساسيا للاستقرار المالي والتطوير والتنويع الاقتصادي الذي تسعى إليه دول الخليج.