الكويت أمام 3 سيناريوهات.. أحدها تعطيل البرلمان وتعليق الدستور عامين

الخرافي: لم أبلغ رسميا بأي قرار حول مجلس الأمة * مصادر: فرص إعادة تكليف ناصر الصباح تشكيل الحكومة «ضئيلة جدا»

محتجون كويتيون يطالبون امير الكويت بحل البرلمان أمس (رويترز)
TT

رفع رئيس البرلمان الكويتي جاسم الخرافي الجلسة المقررة أمس للبرلمان نهائيا إثر عدم حضور ومشاركة الحكومة بعد قبول أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد استقالتها التي تقدمت بها مساء أول من أمس.

وأتت استقالة الحكومة الكويتية احتجاجا على تنامي ظاهرة تقديم طلبات استجواب بحق رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الذي يحمله عدد من النواب مسؤولية تراجع الأوضاع في الكويت، إلى جانب إخفاق حكوماته في معالجة الأزمات التي تعاني منها البلاد منذ مدة، وكان آخرها تعمق الأزمة السياسية بين الحكومة والبرلمان.

وكان لافتا أمس الغياب الحكومي عن الحدث، إلى جانب عدم حسم أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد أيا من الخيارات التي سيقرر اتخاذها في مسعى للخروج من الأزمة الحالية بين الحكومة والبرلمان، لكن بدا ملحوظا أن هناك ثلاثة مسارات رصدتها «الشرق الأوسط» تم الترويج لها بقوة في الأوساط المقربة من دوائر القرار كمخرج للأزمة، وهي إما حل البرلمان لفترة والدعوة لانتخابات مبكرة، أو تسمية الشيخ ناصر المحمد رئيسا لحكومة جديدة، مع العمل على إيجاد بديل له حال اعتذر عن عدم المشاركة في تشكيل الحكومة المقبلة، أو أن يتم تعليق العمل بالدستور لمدة محددة، بما يكفل تهدئة الساحة السياسية. وتعليق الحياة البرلمانية يعني أن يقوم أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح بحل البرلمان من دون الدعوة إلى انتخابات مبكرة كما ينص الدستور، مع تجميد بعض المواد الدستورية التي تنص على الدعوة إلى الانتخابات.

وسبق أن تم تعطيل العمل بالدستور الكويتي المقر عام 1962 مرتين، امتدتا خلال الفترة 1976 – 1980 في المرة الأولى و1986 – 1992 في المرة الثانية، وذلك بموجب أوامر أميرية، رافقتها قوانين مقيدة لحريات التعبير والنشر والتجمعات العامة، كما تخللت تلك الفترة مواجهات بين نواب وقواعدهم الانتخابية مع قوى الأمن، واستخدمت في بعضها القوة.

وكان رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي قد قال ليل أمس «ديرتنا تمر بليلة ظلماء وغيمة سوداء... الله يستر علينا»، إلا أنه عاد وأكد أمس أنه لم يبلغ بأي شيء رسمي في هذا الشأن حتى الآن. وقال الخرافي للصحافيين الذين أحاطوا به بحثا عن تأكيد لمعلومات حصلوا عليها، أنه لم يبلغ رسميا «بأي إجراء سيتخذ بحق المجلس حتى هذه اللحظة، أو بشأن التشكيل الحكومي الجديد، لكنني أسمع الإشاعات مثلما تسمعونها».

ونقلت وكالة الأنباء الكويتية عنه القول «لا أستطيع أن أتكلم عن شيء لم أُبلغ به، أما الشيء الوحيد الذي بُلغت به، فكان استقالة الحكومة، وعلينا انتظار ما سيتخذ بحق المجلس، وكذلك من سيكلف بتشكيل الحكومة، والآن الأمر يعتمد على القرار، فإن انطبق عليه التفاؤل فسأتفاءل، أما إذا كان القرار لا ينطبق عليه التفاؤل فلن أتفاءل».

أما زعيم كتلة النواب السلف بالبرلمان النائب خالد العيسى فكشف عن أنه لمس خلال لقاء جمع عدد من النواب مع الشيخ صباح الأحمد مطلع الأسبوع، نية أمير البلاد حل البرلمان وتعليق العمل بالدستور لمدة سنتين لإعادة ترتيب البيت الداخلي، على أن يعلن عن ذلك في موعد أقصاه غدا الخميس، وهو ما عضده زميله عبد اللطيف العميري ذاكرا أن «هناك مؤشرات تفيد بأن قرارات ستتخذ لعلاج الأزمة الراهنة خارج إطار الدستور، ونرجو ألا تصدق هذه الأخبار، التي أتت نتيجة لكثرة التأزيم الذي تتحمله الحكومة لعدم قدرتها على المواجهة، ويتحمله البعض ممن تعسف في استخدام الأدوات الدستورية».

ورد النائب محمد المطيري على الاتهامات التي أطلقت عليه وزملائه مستجوبي رئيس مجلس الوزراء، بأنهم يقفون خلف الاتجاه الدافع لتعطيل البرلمان والدستور، بأن «ذلك غير صحيح، ونحن لم نسع أبدا لإيصال البلاد إلى مرحلة الحل غير الدستوري».

ومن جانبه أكد النائب محمد العبد الجادر (ليبرالي) أن «الحل غير الدستوري سيدخل البلد أجواء غير مريحة، والجميع متمسك بدستور 1962 وأي خطوة خارج إطار الدستور لن تكون في صالح الكويت، كما يثق الجميع بحكمة سمو أمير البلاد، ونأمل أن تنتهي الأوضاع بما نريده لمصلحة الكويت».

غير أن بعض النواب كانوا أكثر تشددا إزاء إمكانية تعليق الحياة البرلمانية إذ اعتبر النائب الشيعي حسن جوهر أن أي تدبير «خارج نطاق الدستور لا نقبل به». واعتبر جوهر في تصريحات نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية أن الحل يكمن في «تكليف رئيس جديد للوزراء». أما النائب حسين المطيري فاعتبر أن تعليق البرلمان «فيه مساس بالدستور، التمسك بالدستور هو الحل لهذه الأزمة».

ويأتي ذلك فيما ذكرت مصادر برلمانية أيضا أن أمير الكويت يمكن أن يلجأ إلى تسمية رئيس جديد للوزراء، بموازاة تعليق الحياة البرلمانية. وقال مصدر برلماني لوكالة الصحافة الفرنسية إن فرص إعادة تعيين الشيخ ناصر محمد الأحمد الصباح رئيسا للوزراء «ضئيلة جدا».

وكان نواب أثاروا في السابق إمكانية تعليق الحياة البرلمانية، بعد أن باتت العلاقات المتوترة دائما بين الحكومة والبرلمان خبرا يوميا في المشهد السياسي الكويتي وسببا أساسيا في تأخر مشاريع التنمية.

ونشبت هذه الأزمة الأخيرة مع تقدم نواب إسلاميين بثلاثة طلبات لاستجواب رئيس الوزراء الشيخ ناصر محمد الأحمد الصباح.

واتهم النائب الإسلامي محمد هايف الذي تقدم بالطلب الثالث، رئيس الوزراء بانه مسؤول عن السماح بهدم مسجدين بنيا بطريقة غير شرعية على أرض تملكها الدولة. وطالب النائب الشيخ ناصر بإحالة مدير الفريق الحكومي المسؤول عن هدم المسجدين الى النيابة العامة الا انه رفض، مع العلم انه سبق لرئيس الوزراء ان طلب وقف عمليات هدم المساجد المخالفة. وتقدم نواب اسلاميون قبل ذلك بطلبين لاستجواب رئيس الوزراء في مجلس الامة لاتهامه بسوء الادارة ومخالفة الدستور والفشل في اعتماد سياسة اقتصادية حذرة، فضلا عن تبذير المال العام. وعززت طلبات الاستجواب التكهنات حول مصير البرلمان الحالي الذي انتخب السنة الماضية. وهي المرة الاولى التي يواجه فيها رئيس وزراء كويتي ثلاثة استجوابات في الوقت نفسه. وكان طلبان مماثلان في السابق فتحا الباب في كل مرة أمام أزمة سياسية في البلاد.

ففي مايو (أيار) 2006، تم حل مجلس الامة، في حين اضطرت الحكومة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى الاستقالة إثر اختبار قوة مع ثلاثة نواب اسلاميين سنة ارادوا استجواب رئيس الحكومة امام مجلس الامة حول زيارة رجل دين شيعي ايراني الى الكويت اثارت ضجة كبيرة.

وشكل الشيخ ناصر حتى الآن خمس حكومات منذ تعيينه رئيسا للحكومة للمرة الأولى في فبراير (شباط) 2006، وكثيرا ما تعرضت هذه الحكومات لانتقادات شديدة داخل مجلس الأمة. وبحسب الدستور، وحده الأمير يمكنه أن يحل البرلمان ويدعو إلى انتخابات جديدة في غضون ستين يوما.