بعد 30 عاما بالقاهرة السفارة الإسرائيلية ما زالت تشعر بالوحدة

السفير الإسرائيلي بالقاهرة: خلال 4 أعوام لم تطلب مني الصحف الإدلاء بتصريحات ولا دعوة للتلفزيون

TT

توجه المصرية رباب حسن (27 عاما) سؤالا غير عادي لخطابها «أبلغه بمكان عملي وأسأله هل هو مرتاح لذلك. لن أغير وظيفتي». وتقول ضاحكة من مكتبها في قسم الشؤون العامة في السفارة الإسرائيلية بالقاهرة في طابق مخصص للعاملين المحليين الذين يربو عددهم على 12 شخصا «لم يعارض أحد حتى الآن». وبالرغم من التفاؤل البادي على صوت رباب حسن فإن قصتها تدلل على توترات سياسية وشخصية تواجه السفارة التي تخضع لحراسة مشددة بعد ثلاثة عقود من معاهدة السلام التاريخية بين مصر وإسرائيل. ويرى إسرائيليون السفارة كموطئ قدم في الشرق الأوسط المعادي بصفة عامة أو غير المبالي على أحسن تقدير. غير أن كثيرا من المصريين مستاءون لأن مصر أول من أبرم اتفاق سلام مع الدولة اليهودية التي يعتبر العرب وجودها أمرا بغيضا، وتقضي معاناة الفلسطينيين على أي تعاطف معها. لذا فإن السفير الإسرائيلي شالوم كوهين، مثل السفراء الثمانية الذين سبقوه، لا يظهر كثيرا ولا يرجع ذلك فقط لنظام أمني غامض تفرضه السفارة بتعاون وثيق مع السلطات المصرية. وفي مقابلة لـ«رويترز» في فيلته في ضاحية المعادي التي تحيط بها أسوار مرتفعة، يشكو السفير قائلا «خلال أربع سنوات أمضيتها هنا لم تطلب مني الصحف الإدلاء بتصريحات، ولم توجه لي دعوة للظهور في التلفزيون». وتابع «السلام بين إسرائيل ومصر مهم واستراتيجي وله مقومات البقاء ولكني تعرضت لإحباطات على المستوى الإنساني». وزاد مستوى الحذر بين العاملين في السفارة منذ الحرب الإسرائيلية على غزة التي أسفرت عن مقتل 1300 فلسطيني وأثارت احتجاجات جماعية. وقمعت مصر المظاهرات. ورفضت حسن أن تلتقط لها «رويترز» صورا، خشية التعرف عليها ومضايقتها في الشارع «يقول المصريون.. نحن عرب فإذا كانت إسرائيل تحارب العرب فلماذا يكون هناك سلام». والآن يواجه الدبلوماسيون تبعات تولي حكومة إسرائيلية يمينية السلطة وتعيين افيغدور ليبرمان وزيرا للخارجية، وكان قد طالب في العام الماضي الرئيس المصري حسنى مبارك بالقيام بزيارات للقدس أو «ليذهب إلى الجحيم». وقال أحمد ماهر وزير الخارجية المصري السابق «أعتقد أن تعيين ليبرمان قد يكون مؤشرا على أنهم لا يريدون التوصل لحوار جاد مع مصر». وبتوقيعها معاهدة السلام مع إسرائيل في عام 1979 استعادت مصر شبه جزيرة سيناء المحتلة وضمنت الحصول على معونات أميركية مهمة. وليس هناك إحساس يذكر بتوجه نحو تقارب أوسع. وزار مبارك إسرائيل مرة واحدة منذ توليه السلطة قبل 28 عاما لحضور جنازة رئيس الوزراء الأسبق إسحق رابين. وأحيانا ما تهاجم وسائل الإعلام إسرائيل. وتقاطع الاتحادات الثقافية الإنتاج الإسرائيلي. وغالبا ما تستجوب الشرطة من يطلبون تأشيرة سفر لإسرائيل. غير أن كوهين وزملاءه يجمعون على الإشادة بالمواطن المصري العادي ويشيرون إلى أن السياح الإسرائيليين بالرغم من ندرتهم في الوقت الحالي يزورون المزارات السياحية في مصر من دون خوف حقيقي. ويقول بني شاروني الملحق المسؤول عن الشؤون السياسية والثقافية الذي يمضى معظم وقته في تخطي العقبات الرسمية «تميز طبيعة عدم التدخل والدفء الناس هنا وهو أمر ساحر فعلا». وبعد أن منع عرض الفيلم الرومانسي الإسرائيلي «زيارة الفرقة» في مهرجان القاهرة السينمائي، رتب شاروني عرضا خاصا للفيلم في فندق، واستغرق المشروع بأسره عاما. ووقعت إسرائيل مع مصر اتفاقين ثنائيين مهمين الأول خاص بصادرات المنسوجات والثاني خاص بإمدادات الغاز الطبيعي. كما تقدم لمصر مستشارين زراعيين، ويقول جاليت بارام ملحق الشؤون الاقتصادية إن القاهرة خفضت هذا البرنامج للنصف. وقال بارام «تعللوا بالميزانية ولكن هناك شعورا بأنه نوع من الاحتجاج بشأن غزة». وتحتل السفارة الإسرائيلية في القاهرة الأدوار الثلاثة العليا بمبنى على النيل، وتحيط بها أبراج إدارية وفنادق فخمة. وقال كوهين «حين انتقلنا هنا قبل 30 عاما كان المبنى جديدا وحديثا ومنيرا». وتقول سكرتيرة الشؤون الإدارية فوزية عبد اللطيف، وهي مصرية تعمل في السفارة منذ عام 1984، إن حجم عملها قل كثيرا وتأمل أن تتحسن الأحوال. وقالت بالعبرية التي تعلمتها في الجامعة وخلال رحلاتها إلى إسرائيل: «إذا كانت الأحوال بين مصر وإسرائيل إيجابية ولا توجد أزمة يتأثر الناس ويأتي الجميع.. هناك سلام بيننا وهذا لمصلحتنا».