نظرية المحاسبة.. ماذا تعني؟

سعود الأحمد

TT

الملاحظ أن غالبية ممارسي مهنة المحاسبة والمراجعة، لا يدرون أو ربما لم يسألوا أنفُسهم: كيف تم بناء النظرية المحاسبية؟ وما هو الإطار الفكري للمهنة؟ وما هي الأسس التي بنيت عليها مبادئ ومعايير هذه المهنة؟ بما يسمى بالفكر المحاسبي أو الإطار الفكري للمحاسبة المالية Conceptual Frame Work. فالفكر المحاسبي بني بالأساس على الأهداف التي وجدت من أجلها هذه المهنة. وقد بدأ من هدفها الأساسي وهو توفير المعلومات لمتخذي القرارات الاستثمارية والمالية، ثم بتعريف للمبادئ والمصطلحات الموحدة للمفاهيم والعبارات والكلمات المستخدمة في هذه المهنة، ثم معايير أو مقاييس أو أنظمة تتبع لتحقق الأهداف التي سبق تحديدها باستخدام المفاهيم والمصطلحات المهنية المتفق عليها. وبالمناسبة فإن عبارة المعايير المحاسبية (فلسفياً) لا يُقصد بها المعايير بمعناها الحرفي، وإنما يقصد بها كل ما يتعلق بالتنظيم المقوم لبناء المهنة. ولذلك يُخطئ البعض عندما يعتقد أن تنظيم المهنة يُمكن أن يتم ببناء هيكل قوي من معايير المحاسبة والمراجعة، وهذا ما سبب أزمة الرهن العقاري وإفلاس شركات ضخمة مثل أنرون والوورلد كوم، التي حدثت مع وجود معايير محاسبية. وما معالجة شركة زيروكس إلا مثال شاهد للمعالجات المحاسبية الخاطئة. ومما ضاعف المشكلة في البيئات المحاسبية العربية، قلة المراجع باللغة العربية عن النظرية المحاسبية. وفي هذه الأيام يتم طباعة كتاب حول نظرية المحاسبة، وفيه إيضاح وافٍ لـ«ماذا تعني نظرية المحاسبة؟». وهذا الكتاب يعود ريعه لـ«جمعية إنسان». وهو كتاب يحتاجه طلبة وأساتذة مهنة المحاسبة والمراجعة والممارسون لها من محاسبين قانونيين ومديري مالية ورؤساء حسابات وكافة الممارسين لنواحي المهنة الأخرى والمستفيدين من مخرجات المحاسبة المالية. من تأليف الدكتور عبد الرحمن الحُميّد أستاذ المحاسبة والمراجعة بجامعة الملك سعود. وقد روعي في الكتاب مزجه للفكر الأكاديمي بالتطبيق العملي، بالإضافة إلى إثارة أسئلة حائرة مازالت مثار خلاف بين المدارس المحاسبية المتعددة. كما ركز الكتاب على متطلبات المعالجات المحاسبية قياساً وعرضاً وإفصاحاً محلياً ودولياً وعلى الأخص معايير المحاسبة السعودية.

ويقع هذا الكتاب في عشرين فصلا، خصص الأول لاستعراض الأفكار المحاسبية بين النظرية والواقع، حيث تم التفرقة بين العلم والنظرية والفرض وإيضاح دور وطبيعة المحاسبة، ومن ثم تأطير نظرية المحاسبة والأسس التي قامت عليها. بما في ذلك تحديد الشيء المقاس وأساس القياس المحاسبي ووحدة القياس، للوصول إلى أنموذج القياس المحاسبي الواقعي، والفصل الثاني خصص لاستعراض أساليب بناء نظرية المحاسبة سواء الأساليب النظرية وغير النظرية، بما في ذلك الأساليب الواقعية وأساليب بناء الأطر الفكرية وكذلك الأساليب التقليدية والحديثة التي استخدمت نظرياً لبناء نظرية المحاسبة عبر التاريخ. أما الفصل الثالث فلقد حُلل فيه الإطار العام لنظرية المحاسبة وذلك من خلال جمع بديهيات أو مفاهيم أو مبادئ المحاسبة في «عبارة جامعة»، ومن ثم استعراض الآراء حول كل مفهوم، ولقد نتج عن ذلك تحليل 17 مفهوماً محاسبيا بدءاً بالأقل جدلية «الوحدة المحاسبية» وانتهاءً بالأكثر جدلية «مخاطر عدم التأكد». كما يتحدث الكتاب عن طبيعة المحاسبة ونظريتها وأساليب بناء النظريات المحاسبية ومتطلبات العرض والإفصاح بالقوائم المالية، نماذج قياس الدخل وطرق احتساب ربحية السهم وعرضه والإفصاح عنه ومتطلبات العرض والإفصاح. وتحديد وقياس البنود التفصيلية للخصوم وحقوق الملكية والفضائح المالية وأزمة الرهن العقاري. ويحتوي الكتاب في آخره على ما يقارب 700 سؤال مقالي واختيار من متعدد وتحديد الإجابة الصحيحة.

وختاماً... فإن وقف مثل هذه الكتب للجمعيات الخيرية كـ«جمعية إنسان»، لهو نهج نأمل أن يحذو حذوه الآخرون من أصحاب النتاج الفكري وغيرهم من ذوي الإمكانيات.

كاتب ومحلل مالي [email protected]