تعهدات مجموعة العشرين: بعض الأرقام غير واقعية

ربع تريليون فقط .. نقد سائل

TT

إنه رقم غير عادي لفترة غير عادية: 1.1 تريليون دولار مساعدات، سيتم ضخها في الشريان المالي العالمي. بالنسبة للزعماء الذين اجتمعوا في لندن الأسبوع الماضي، كان هذا دليلا ملموسا على أن قمتهم الاقتصادية أثمرت عن نتائج مثيرة للإعجاب.

ولكن يبدو رقم التريليون دولار، عن قرب، مليئا بالأمنيات مثل الكلمات الرفيعة التي وردت في البيان الختامي الصادر عن مجموعة الدول العشرين. ولكن ما زال هناك بعض من هذا المال لم يتعهد أحد بتقديمه، وبعض آخر محسوب مرتين، وآخر سيحصى وفقا «لعملة اصطناعية» ليست أموالا حقيقية بالفعل.

ونظرا لأن الركود الاقتصادي العالمي يعتبر إلى حد ما أزمة ثقة، يقول الخبراء إنه كانت هناك قيمة في الإعلان عن مبلغ ضخم، حتى وإن كان وهميا. لقد دعم ذلك المستثمرين ونشرت وسائل الإعلام الإخبارية هذا الرقم وأذاعته في عناوين رئيسية من دون التوقف لتحليله.

ولكن حذر بعض الخبراء من أن هذه الأرقام قد تعود لتطارد الزعماء، خاصة إذا لم يتعاف الاقتصاد أو إذا لم تنفذ تعهدات أخرى كبرى.

ويقول إيسوار براساد، رئيس قسم الصين السابق في صندوق النقد الدولي المحاضر في جامعة كورنيل: «إن عدم واقعية الأرقام مثير للقلق، لأنه مع المزيد من الهبوط، سيكون عليهم التعامل مع التفاصيل».

وتمثل 500 مليار دولار من التريليون دولار زيادة في التمويل المباشر لصندوق النقد الدولي. ولكن بمقياس «براساد»، يقدم أقل بكثير من نصف هذا المبلغ كل من اليابان والاتحاد الأوروبي وكندا والنرويج. ومن المتوقع أن تقدم الصين 40 مليار دولار، وهو ما ستفعله بشراء سندات يصدرها الصندوق.

وقد ألزم وزير الخزانة الأميركي تيموثي غيتنر الولايات المتحدة بدفع 100 مليار دولار. ولكن يجب أن يقر الكونغرس ذلك، الذي يعترف مسؤولو الإدارة بأنه يتشكك في تقديم المعونات الخارجية وربما يتضاعف شكه هذه المرة، نظرا لإنفاقه الهائل على خطة التحفيز الداخلي.

ويقول «بارساد»، واضعا في حسبناه الولايات المتحدة أيضا، إن ذلك يترك عجزا قيمته 145 مليار دولار من 500 مليار دولار في صورة تبرعات. ومن بين المتبرعين المحتملين السعودية ودول أخرى في الخليج العربي، وأسواق ناشئة مثل الهند. ولكن يتوقف استعدادهم للدفع على منحهم فرصة أكبر للتدخل في شؤون الصندوق.

ومن أجل إعادة تنشيط التجارة العالمية الواهنة، على حد قول رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون، وافق القادة على تقديم 250 مليار دولار كقرض للتجارة على مدار عامين، علاوة على 100 مليار دولار مساعدات من مصارف تنمية متعددة الأطراف، التي تقرض الدول الفقيرة.

وقال براون: «تعطينا هذه الإجراءات مجتمعة الثقة في أن الاقتصاد العالمي يمكن أن يعود إلى النمو بصورة أسرع مما يتوقعها صندوق النقد الدولي حاليا».

ولكن قال الخبراء إنه من بين مبلغ 250 مليار دولار، يمثل الربع فقط نقودا سائلة، وتدور عجلة التمويل التجاري كل ستة أشهر عندما يحصل المصدرون على أموال مقابل سلعهم ويدفعون للشركات التي تقرضهم الأموال. ثم تقرضهم الشركات الأموال ذاتها من جديد. وتوجد أيضا مضاعفة في حساب مبلغ الـ250 مليار دولار والـ100 مليار دولار القادمة من مصارف التنمية. وفي أحدث خطوة، أوكلت مجموعة الدول العشرين إلى صندوق النقد الدولي إصدار 250 مليار دولار في حقوق سحب خاصة، وهي «عملة افتراضية» تحدد قيمتها بسلة من العملات الحقيقية مثل الدولار واليورو والجنيه الإسترليني. وسيصدر صندوق النقد الدولي حقوق السحب الخاصة لجميع أعضائه البالغ عددهم 185، وبدورهم يمكنهم أن يقدموها في صورة قروض للدول الفقيرة.

وحقوق السحب الخاصة ليست نقودا، ولكنها نوع من الائتمان، يمكن في مقابلها أن تقترض الدولة. وتتوقع إدارة أوباما، التي تصورت الفكرة وروجت لها في مجموعة الدول العشرين، أنها ستحقق ما بين 15 مليارا و20 مليار دولار كقروض إضافية تقدم لأفقر الدول.

ولكن يوجد توضيح هنا أيضا. فمن أجل نشر الشعور بفوائد البرنامج عالميا، تحتاج كل من الولايات المتحدة وأوروبا لإقراض حقوق السحب الخاصة. وفي الولايات المتحدة سيتطلب ذلك صدور موافقة من الكونغرس.

يقول سيمون جونسون، أستاذ الاقتصاد في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا: «قد تكون هذه الطريقة قوية للغاية كوسيلة لإتاحة أسلوب إقراض صندوق النقد الدولي للدول التي لم تقع في عمق الأزمة بعد. ولكن إذا احتفظ الأوروبيون بأموالهم السائلة، فسيفشل هذا الإجراء. وإذا لم يوافق عليه الكونغرس فسيكون هذا مريعا أيضا».

* خدمة «نيويورك تايمز»