مدير إدارة الملاحة بقناة السويس: العقارات المطلة على ممر القناة «تحت السيطرة»

أكد أن الوصول للمجرى الملاحي يبدو مستحيلا

TT

«إذا قلنا إن هناك ثلاثة مصادر للدخل القومي في مصر، فإن قناة السويس من أهم تلك المصادر، ويكفي أن دخلها في العام الماضي، تجاوز 5 مليارات دولار، وهو ما يكفي مشتريات مصر كلها من القمح. كما تعتبر قناة السويس شريان الحياة لكل دول البحر الأبيض المتوسط التي تربطها مع دول الشرق الأقصى تجارة لابد أن تمر من خلالها».. هذا ما قاله المهندس محمد عمارة مدير إدارة حركة الملاحة بقناة السويس لـ«الشرق الأوسط» أمس تعليقا على قضية حزب الله في مصر، والتي كان من ضمن التهم الموجهة فيها للمتهمين استهداف قناة السويس، وتأجير شقق مطلة على المجرى الملاحي، لرصد حركة السفن، لضربها.

ولا تتوقف الأهمية الإستراتيجية لقناة السويس، التي تم افتتاحها عام 1869 على كونها ممرا ملاحيا مهما فقط وإنما يضاف إلى ذلك كونها معبرا رئيسيا لتصدير نفط الخليج إلى الأسواق العالمية، كما أنها الرابط الأساسي بين التجارة الراغبة في التنقل ما بين البحر المتوسط والمحيط الهندي وبحر العرب، وتعد أطول قناة ملاحية في العالم، وتتميز بأنها من الممكن توسيعها وتعميقها في أي وقت طبقا لاحتياجات الأسطول العالمي، وفي الوقت الذي تستمر فيه حركة الملاحة بها على مدى 24 ساعة، فإن نسب الحوادث فيها تكاد تكون منعدمة بالمقارنة بالقنوات الأخرى في العالم، كما أنه على الرغم من حساسيتها الشديدة لم تتعرض لهجوم إرهابي من قبل، وتعتبر التهديدات التي تضمنتها قضية حزب الله في مصر هي أول تهديدات مباشرة. وسبق للولايات المتحدة أن حذرت مصر في عام 2004 من احتمال قيام «تنظيم القاعدة» بشن هجوم على القناة يهدف إلى إغراق ناقلة نفط ضخمة داخلها لإغلاقها في وجه خطوط الملاحة التجارية الدولية، ما دفع مصر حينذاك لرفع احتياطاتها الأمنية في منطقة القناة، ولكن شيئا لم يحدث، حتى جاء بيان النائب العام المصري عبد المجيد محمود، الذي قال فيه يوم الأربعاء الماضي، إن التحريات أكدت قيام الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، بتكليف مسؤول وحدة عمليات دول الطوق بالحزب بالإعداد لتنفيذ عمليات إرهابية على الأراضي المصرية، منها استهداف السفن المارة بقناة السويس خاصة تلك التي تحمل أعلام دول بعينها، وأن أعضاء «التنظيم التخريبي» خططوا لاستئجار بعض العقارات المطلة على المجرى الملاحي لقناة السويس، بغرض رصد السفن التي تعبر القناة. وفجر هذا البيان سؤالا مهما وخطيرا، وهو هل أصبحت قناة السويس هدفا للإرهابيين لأول مرة.. وهل رصد حركة الملاحة بقناة السويس متاح بتلك السهولة.. هذا ما أجاب عنه المهندس محمد عمارة مدير إدارة حركة الملاحة بقناة السويس قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها القناة لتهديد بتلك الطريقة، فالتهديدات السابقة كانت تهديدات إعلامية، ولكن الجدير بالذكر هنا أنه لا يوجد عقارات سكنية مطلة على المجرى الملاحي لقناة السويس، فكل العقارات على طول طريق الملاحة إما مملوكة لهيئة قناة السويس، أو مملوكة لجهات حكومية.. وأنا أؤكد أن عملية الوصول للمجرى الملاحي تبدو مستحيلة، إلا لمن لديهم تصريح من العاملين في الهيئة أو في الجهات الحكومية المحددة».

وأضاف عمارة: «المكان الوحيد الذي يمكن الوصول من خلاله للميناء هو شارع الجمهورية ببورسعيد، حيث أنه مواز للميناء، وبه عقارات مطلة عليه، لكن كل شاغليها سكان قدامى معروفون، وأي غريب يسكن يوضع حوله علامات استفهام ويتم التحري عنه».

أكد عمارة أن استهداف مركب بعينها عملية صعبة جدا، لأن معظم السفن، عند مرورها من قناة السويس، لا تعلن عن هويتها ولا ترفع أعلام بلدها، كما قد يعتقد البعض، وأضاف: «في أسوأ الأحوال.. لو تم استهداف مركب، لدينا من الوسائل ما يحول دون جعل ذلك يعطل حركة الملاحة، ولكنني أؤكد أن استهداف قناة السويس فوق إمكانيات أي أحد، فمن يلقي بكيس زبالة في المجري نعلم به فما بالك بزراعة ألغام في القناة، ولدينا نظام أمني ونظام للمتابعة الإلكترونية للملاحة بالقناة، وكاميرات تحول دون حدوث أي اعتداء».

عبد المنعم سعيد الخبير بمركز الأهرام للدراسات الإستراتجية قال لـ«الشرق الأوسط» إنه في الثمانينات كان هناك تهديد على قناة السويس عندما تم اكتشاف زراعة ألغام في البحر الأحمر أيام الحرب العراقية الإيرانية، وكانت قد اتهمت فيها إيران، وقامت القوى الدولية بتكثيف التواجد في البحر الأحمر وقناة السويس كما هو حادث الآن، كما أن عمليات القرصنة مثلت تهديدا عليها.. وأضاف سعيد أن التهديد الذي ورد في التهم الموجهة لتنظيم حزب الله في مصر، يعد التهديد الأول المباشر لقناة السويس، وهو «تهديد حقيقي لو أكدت نتائج التحقيق صحة الاتهامات».

سعيد أضاف قائلا: «لا شك أن قناة السويس تتمتع بجهاز أمني قوي ولكن المؤسف أن التهديدات دائما ما تفوق قدرة أي جهاز أمني، وإلا ما حدثت أي عمليات إرهابية في العالم كله.. وتهديد قناة السويس ليس بالعملية السهلة، ولا يمكن أن يتم إلا إذا دخلت فيه إمكانيات دول تخصص أموالا طائلة لذلك، كما قد تكون إيران وحزب الله هما من حاول ذلك، إذا أثبتت التحقيقات ذلك، ولو قمنا بتجميع القطع من تهريب السلاح عبر الأنفاق وشبكة تهريب الموانئ السودانية من إيران والعمليات الإرهابية في غزة وسيناء سنرى صورة مهددة بالفعل للأمن القومي المصري».