العراقي الذي اشتهر بضرب صورة صدام يوم سقوطه: رفضت بيع نعلي لأثرياء خليجيين

تصرفي كان عفويا.. ولا علاقة له بالسياسة

TT

من قال إن المواقف السياسية والوطنية الحقيقية تسطر بالأقلام والدماء وفوهات البنادق وحسب؟ فقد برهن جواد كاظم عواد المعروف بـ «أبو تحسين» عمليا، وقبل 6 سنوات مضت، أن المواقف يمكن أن تدون في سفر التاريخ بفردات «النعال» أيضا سيما إذا غابت الوسائل الأخرى، وذلك من خلال حركته الشهيرة التي رافقت عمليات سقوط بغداد في التاسع من أبريل (نيسان) 2003 ، عندما انتزع صورة كبيرة للرئيس السابق صدام حسين، كانت معلقة أمام مقر اللجنة الاولمبية العراقية ببغداد وانهال عليها ضربا بنعله الغليظ.

ذلك المشهد الذي نقلته المحطات التلفزيونية غطى في حينها على أنباء الحرب وعمليات السلب والنهب في بغداد، غير أنه غير مسار حياة «أبو تحسين» الذي كان قبل ذلك كاسبا بائسا وفقيرا وبالكاد يعيل إخوته التسعة وأطفاله، إذ بات بعد ذلك الحدث أحد أهم الشخصيات الاجتماعية المعروفة.

وعلى إثر ذلك تعرض أبو تحسين فيما بعد إلى الملاحقة والتهديد بالقتل من قبل بقايا أنصار النظام السابق، ورغم مطالبته المتكررة للحكومة العراقية بإيجاد حل لمشكلته، إلا أنه ترك يواجه مصيره بنفسه، لكن الرئيس العراقي جلال طالباني استجاب لطلبه ونقله وأسرته إلى مدينة السليمانية الآمنة بإقليم كردستان عام 2003 ووفر له مسكنا مؤثثا، ليبدأ مرحلة جديدة من حياته العملية مسؤولا عن شؤون العلاقات العامة في فضائية الفيحاء البصرية التي تبث من السليمانية. وفي الذكرى السنوية السادسة لسقوط النظام العراقي، التقت «الشرق الأوسط» أبو تحسين في مقر عمله وسألته عن الدوافع التي حثته إلى رشق صورة صدام بنعله في وقت كان غيره منشغلا بعمليات النهب والسلب، فقال «إن ما بدر مني كان تعبيرا عن واقع حال مأساوي كابده العراقيون جميعا على مدى ثلاثة عقود ونصف في ظل نظام صدام، وكان بمثابة لحظة انفجار غضب ظل مكبوتا في صدري من هول ما رأيته وسمعته من مشاهد وقصص الموت والقتل والإبادة الجماعية التي مارسها النظام بحق الملايين من العراقيين الذين هم إخواني وأهلي وأبنائي، رغم أنني لم أفقد أيا من أفراد أسرتي على يد النظام».

ويؤكد أبو تحسين (61 عاما)، أنه كان يتمنى أن يصفع بنعاله على وجه صدام عندما كان في أوج قوته لا في سجنه وهو ضعيف وذليل، لأن ذلك يتعارض مع مبادئه. ويقول «الحالة التي شاهدني فيها العالم في تلك الأثناء كانت نابعة من معاناة ومرارة حقيقية، ولولا وسائل الإعلام الأجنبية التي نشرت مشاهدها، لطواها النسيان كغيرها من الحالات ولما وصلت الرسالة إلى العالم كما هي»، مشددا على أن تصرفه ذاك كان «عفويا ولم يجسد موقفا أو توجها سياسيا معينا على الإطلاق» رغم كونه عضوا في الحزب الشيوعي العراقي. وكان أبو تحسين قد تلقى عروضا بمبالغ هائلة من أثرياء خليجيين لقاء بيع فردة نعله اليمنى، لكنه رفضها «انطلاقا من إيمانه الوثيق بأن المواقف التاريخية لا تباع كونها لا تقدر بثمن»، حسب تعبيره.

وقال أبو تحسين، إنه قرر أن يضع نعله الذي وصفه بـ«الأداة الأولى التي حطمت هيبة صدام ونظامه»، في متحف ببلدة حلبجة التي يشارك هو وعائلته سكانها كل عام مراسم إحياء ذكرى فاجعة ضربها بالسلاح الكيمياوي من قبل قوات النظام السابق، كي يبقى تذكارا للأجيال القادمة.